السلف الصالح وبر الوالدين
إن السلف الصالح قدوة لنا برّهم لوالديهم، والإحسان إليهم، والعطف عليهم، وفيما يأتي بيان لمواقفهم في بر الوالدين:[٢٦][٢٧] قال جعفر الخلدي: "كان الإمام الأبار من أزهد الناس، استأذن أمه في الرحلة إلى قتيبة، فلم تأذن له، ثم ماتت فخرج إلى خراسان، ثم وصل إلى بلخ، وقد مات قتيبة، فكانوا يعزونه على هذا، فقال: هذا ثمرة العلم؛ إني اخترت رضى الوالدة، فعوّضه الله علما غزيراً". قال عبد الله بن عباس: "كن مع الوالدين كالعبد المذنب الذليل للسيد الفظ الغليظ". "بلغ من بر الفضل بن يحيى بأبيه أنهما كانا في السجن، وكان يحيى لا يتوضأ إلا بماء ساخن، فمنعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة، فلما نام يحيى قام الفضل إلى وعاء وملأه ماء، ثم أدناه من المصباح، ولم يزل قائماً والوعاء في يده حتى أصبح". "كان أبوهريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتيني صغيراً، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً، وإذا أراد أن يدخل صنع مثله". "كان علي بن الحسن لايأكل مع والديه، فقيل له في ذلك، فقال: لأنه ربما يكون بين يدي لقمة أطيب مما يكون بين أيديهما، وهما يتمنيان ذلك، فإذا أكلت بخست بحقهما". "كان حيوة بن شريح يقعد في حلقته يعلّم الناس، فتقول له أمه: قم يا حيوة! فألق الشعير للدجاج، فيترك حلقته ويذهب لفعل ما أمرته أمّه به". ""كان حجر بن عدي يلمس فراش أمه بيده، فيتهم غلظ يده، فيتقلب عليه على ظهره، فإذا أمن يكون عليه شيء اضجعها". "كان محمد بن سيرين إذا اشترى لوالدته ثوباً اشترى ألْين مايجد، فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً، وما رفع صوته عليها، كان يكلمها كالمصغي إليها، ومن رآه عند أمه لا يعرفه ظن أن به مرضاً من خفض كلامة عندها". قال سعيد بن عامر: "بات أخي عمر يصلي، وبت أغمز قدم أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته". "كان أبوحنيفة يُضرب كل يوم ليدخل في القضاء، فأبى، ولقد بكى في بعض الأيام، فلما أطلق قال: كان غم والدتي أشد علي من الضرب". " كان الربيع بن خثيم يميط الأذى عن الطريق ويقول: هذا لأمي، وهذا لأبي". قال حميد: "لما ماتت أم أياس بن معاوية بكى، فقيل له: مايبكيك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة. وأُغلق أحدهما". قال عبد الله بن عون: "أن أمه نادته فأجابها فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين".
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|