أسماء القرآن (7) الموعظة
أسماء القرآن
الموعظة
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:
♦ معنى «الموعظة» في اللغة:
جاءت لفظة: «الموعظة» في اللُّغة بمعانٍ متعدِّدة ومتنوِّعة نذكر منها ما له صلة بموضوعنا: قال ابن فارس: «الواو والعين والظاء كلمة واحدة»[1].
وقد عرَّفها الأصفهاني بقوله: «الوَعْظُ زَجْرٌ مُقْتَرِنٌ بِتَخْويفٍ. قال الخليلُ: هو التَّذْكِيرُ بالخَيْرِ فيما يَرِقُّ له القَلْبُ، والعِظَةُ والمَوْعِظَةُ الاسم»[2].
واتَّعَظَ هو: قَبِلَ الموعظة، حين يُذكر الخبر ونحوه. ويُقال: السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بغيره والشَّقيُّ من اتَّعَظ به غَيرُه[3].
♦ معنى «الموعظة» اسماً للقرآن:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [يونس: 57]. «يعني: القرآن فيه ما يَتَّعِظُ به مَنْ قرأه وعَرَفَ معناه»[4].
«والموعظة: القرآن؛ لأن الوعظ إنما هو بقول يأمر بالمعروف، ويزجر ويرقق القلوب، ويَعَدِ وَيُوعِد، وهذه صفة الكتاب العزيز»[5].
والمعنى: يا أيها الناس قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية، الكاشفة عن مَحاسِنِ الأعمال ومَقابِحِها، المرغبة في المحاسن، والزاجرة عن المقابح.
قد جاءكم كتاب جامع لكل المواعظ أو الوصايا الحسنة التي تُصْلِح الأخلاقَ والأعمال وتزجر عن الفواحش، وتشفي الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد، وتهدي إلى الحق واليقين والصراط المستقيم الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة[6].
وَوَصَفَ هذه الموعظة بأنها: ﴿ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ للتنبيه على حُسْنِها وكَمالِها وضَرُورةِ العالَمِ أجمع إليها[7]، وهل تُوجد أبلغ من الموعظة الربانية؟! وأكثر نفاذاً منها إلى القلوب؟!
والقرآن في الحقيقة موعظة بليغة؛ لأن القائل هو اللهُ جلَّ جلالُه، والآخذ جبريلُ عليه السلام، والمستملي محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، فكيف لا تقع به الموعظة[8].
فلو اجتمع الخلقُ كلُّهم إنسُهم وجنُّهم وأتوا بالبلغاء والفصحاء لم يدانوا الموعظة القرآنية ولم يقاربوها في شيء، فأين كلامٌ من كلام، وأين موعظةٌ من موعظة. وفي هذا إبراز لعظمة القرآن، وعلوِّ شأنه، وتأثيره وفاعلِيَّته.
والقرآن كذلك موعظةٌ حَكيمة مُحكَمة، هي سياط القلوب، وفي الوقت نفسه فرحها واستبشارها، أَمَرَتْ بكل خير ونهت عن كل شر، فيجب تلقيها بالرضا والقبول والتسليم.
فكفى بالقرآن واعظاً، وكفى بالقرآن زاجراً، وكفى بالقرآن هادياً ومُذَكِّراً. قال تعالى: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 138]. فالمُنتفعون بموعظة القرآن هم: المتَّقون، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.
[1] معجم مقاييس اللغة 2/ 639، مادة: «وعظ».
[2] المفردات في غريب القرآن ص542، مادة: «وعظ».
[3] انظر: لسان العرب 7/ 466، مادة: «وعظ».
[4] فتح القدير، للشوكاني 2/ 453.
[5] تفسير الثعالبي 2/ 181.
[6] انظر: تفسير البيضاوي 3/ 204.
[7] انظر: التحرير والتنوير 11/ 109.
[8] انظر: التفسير الكبير، للرازي 2/ 14.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|