أتعس أبيات و أتعس شاعر ..!!
أتعس أبيات و أتعس شاعر ..!!
إﻥَّ ﺣﻈﻲ ﻛَﺪﻗﻴﻖٍ ﻓﻮﻕَ ﺷﻮﻙٍ ﻧﺜﺮﻭﻩ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟِﺤُﻔﺎﺓٍ ﻳﻮﻡَ ﺭﻳﺢٍ ﺍﺟﻤﻌﻮﻩ
صعَّبُ الأمرَ عليهم قُلتُ ياقوم اتركوه .. ﺇﻥَّ ﻣﻦ ﺃﺷﻘﺎﻩُ ﺭَّﺑﻲ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘُﻢ ﺗُﺴﻌﺪﻭه
إنه الشاعر السوداني إدريس محمد جَمَّاع رحمه الله .. له العديد من القصائد المشهورة والتي تغنّى ببعضها بعض المطربين السودانييّن وأُدرج بعضها الآخر في مناهج التربية والتعليم المتعلقة بتدريس آداب اللغة العربية في السودان .
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ ﺑمحمد ﺈﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤّﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻟﻨﺪﻥ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﺃُﻋﺠﺐ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ ﻭ ﺃﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ، ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺲ ﻧﻈﺎﺭﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻓﻔﻌﻠﺖ ، ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎَّﻉ ﻭ ﺃﻧﺸﺪ :
ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻤﺪِ ﻻ ﺗُﺨﺷَﻰ ﻣﻀﺎﺭﺑُﻪ .. ﻭﺳﻴﻒُ ﻋﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍلحالتين ﺑﺘّﺎﺭ
و ﺣﻴﻦ ﺗﺮﺟﻢ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻟﻤمﺮﺿﺔ ﺑﻜﺖ ..
و ﺻنف ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ..!!
ولد 1يناير 1922م .. نشأ نشأة دينية في كنف أسرته المُحافِظة وكان والده المانجل محمد جمّاع بن الأمين بن الشيخ ناصر شيخ قبيلة العبدلاب .
بدأ حياته المهنية معلماً بالمدارس الأولية بالسودان من عام 1942 وحتى عام 1947، وبعد عودته من مصر عام 1952 عّين معلماً بمعهد التربية في مدينة شندي بشمال السودان ثم مدرسة تنقسي الجزيرة الأولية، ومدرسة الخرطوم الأولية ومدرسة حلفاية الملوك الأولية. ثم نقل للعمل بمدرسة السنتين في بخت الرضا بمنطقة النيل الأبيض، وفي عام 1956 عمل مدرساً بمدارس المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية في مختلف مناطق السودان.
يغلب على موضوع شعره التأمل والحب والجمال والحكمة كما كتب أشعارا وطنية مناهضة للإستعمار. ويتسم أُسلوب شعره برقة الألفاظ والوصف فائق الخيال وكثيرا ما يعبر في شِعره عن وِجدانه وتجاربه العاطفية ووجدان أمته، واصفاً تلك المشاعر الإنسانية فرحاً، وألما، وحزناً، كما يزخر شعره بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربط في أعماله الشعرية بين السودان والأمة العربية والإسلامية، فتناول قضايا الجزائر ومصر وفلسطين، ونظم شعراً في قضايا التحرر في العالم أجمع.
وصدر حوله كتابٌ بعنوان «جماع قيثارة النبوغ» من تأليف محمد حجازي مدثر. كما أعد الباحث عبدالقادر الشيخ إدريس رسالة دكتوراه حول شعر جمّاع بعنوان «الشاعر السوداني إدريس جماع ، حياته وشعره » .
وفي قصيدة «ربيع الحب» روى جمّاع تجربة حب فاشلة وقال :
في ربيع الحـب كنـا نتساقـى ونغنـى
نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصـن
إننا طيفان في حلم سماوي سرينا
واعتصرنا نشوة العمر فما ارتوينا
إنه الحب لا تسأل ولا تعتب علينا
كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا
ثــم ضـــاع الأمـــس مـنــا
وانـطــوى بالـقـلـب حــســرة
وفي قصيدة«صوت من وراء القضبان»، يقول :
وفي لجج الأثير يذوب صدري كساكب قطرة في لجج بحر
دجى ليلي وأيامي فصول تؤلف نظمها مأساة عمري
ومن اعماله في وصف الطبيعة قصيدة «رحلة النيل» حيث قال :
النيل من نشوة الصهباء سلسلة
وساكنو النيل سمار وندمان
وخفقة الأموج اشجان تجاوبها
من القلوب التفاتات واشجان
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺭﺃﻯ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺯﻭﺟﻬﺎ ؛ ﻓﺄﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺰﻭﺝ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺃﻋَﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﻐﺎﺭُ ﻣِﻨّﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫْ ﻧﻈﺮﻧﺎ
ﻫﻲَ ﻧﻈﺮﺓٌ ﺗُﻨﺴِﻲ ﺍﻟﻮَﻗﺎﺭَ ﻭﺗُﺴﻌِﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺡَ ﺍﻟﻤُﻌﻧَّﻰ
ﺩﻧﻴﺎﻱ ﺃﻧﺕِ ﻭﻓﺮﺣﺘﻲ ﻭﻣُﻧَﻰ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩِ ﺇﺫﺍ ﺗَﻤﻧَّﻰ
أﻧﺕِ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀُ ﺑَﺪَﺕ ﻟﻨﺍ ﻭﺍﺳﺘﻌﺼﻤﺖ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪِ ﻋﻧَّﺎ
و ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﻬﺎ ﺍﻷﺩﻳﺐ / ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺄﻝ ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ : ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ادريس ﺟﻤَّﺎﻉ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻓﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ..
قاﻝ : ﻫﺫﺍ ﻣﻜﺎﻧﻪ ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮ .. !!
توفي رحمه الله عام 1980م بعد معاناة مع مرض نفسي أقعده طويلاً بمستشفى الأمراض العصبيّة بالخرطوم بحري وقد أُرسل للعِلاج إلى لبنان في عهد حكومة الرئيس إبراهيم عبود وعاد إلى السودان دون أن تتحسّن حالته الصحيّة .
|