أحلام الطفولة

في حارتهم القديمه وفي شارع غير نافذ ينتهي بأرض فضاء
يتحوّل الطريق لملعب كره للأطفال وحين ينتهون ينتقلون
للأرض الفضاء ويدور حديثاً حماسياً عن المباراة متباهين
بلعبهم كأنهم أفضل لاعبي العالم رغم أنهم في الإبتدائيه
وتبدو كذباتهم تعمّ المكان والبناء القصصي لقوتهم يكتسح
عقول هؤلاء الصغار وبدأ التنافس يشتد بين الأطفال في
حديثهم عن أنفسهم في ظل صمت طفلٌ هو أصغرهم بنيه
وأضعفهم جسداً ويصدّق كل ما يقولونه من أكاذيب بينهم
فسأل صاحب المعلّقات الكاذبة في تاريخ الطفولة وأكثرهم
تباهياً قائلاً له: كيف أصبحت بهذه القوة ... فسكت الأطفال
ليصغون للمتباهي بعد لحظات صمت عجز فيها عن تكوين
كلمات سريعه لتبرير قوته قال: إنه سرّ لا يعلمه أحد ... وهو
يتذكر كلام والديه بأنه إذا شرب الدواء يصبح أقوى رجل
وإستمر صمته يسيطر على المكان وبقت أنظارهم متّجهه
نحوه ولما عجز عن البوح قال: لا أستطيع إخباركم ... فأخذ
الجميع يرجونه وتهفو مسامعهم إلى كلمة منه ... صمت
يفكر وكأنه يطلب مشورة شيطانه ليساعده ... هنا عقد
الشيطان إجتماعاً عاجلاً مع زبانيته لمساعدة هذا الطفل
البريء وطرح أفكار شيطانيةً تم التوافق عليها وقالوا
على لسانه سنجمع شيئاً يجعله قويّاً يهزم العالم كلّه
إذهبوا لبيوتكم وأحضروا ما تستطيعون من أدوية ...
فتراكضوا يجمعون ما استطاعوا من الأدوية وبكل ما حوى
البيت منها وأحضروها ثم بدأوا يطحنون حبوب الأدوية
مع بعض ولما انتهوا وضعوها في قارورة ماء فارغه
وسكبوا عليها الأدوية السائلة وقال لأحدهم إجلب لنا ماءً
وسُكّراً، وحين أحضروا كل شيء سكبهما داخل تلك القارورة
وفي حماسٍ إمتزج بمشاعرهم بدأ كلٌ منهم يطالب بدوره
في تناول مشروب القوة والذي سيجعلهم أقوياء كأبطال
النينجا حين أوهمهم ذلك الطفل ولما أصبح ذلك المشروب
جاهزاً أعطوه للطفل الضعيف وقال له صاحب الفكره: حين
تشرب إصرخ بأعلى صوتك وقل أنا البطل الكبير ليثور هذا
المفعول داخل جسمك وتنمو عضلاتك وتصبح قويّاً جداً ...
وما إن شربه الطفل حتى أغمي عليه فقال الطفل القوي لقد
بدأ مفعول الشراب الفتّاك لكن لون الضعيف بدأ يزرقّ
وهرب الأطفال بعد أن بدأ يزبد فمه .... لاحظ أحد المارّين
هروب الأطفال وسقوط الطفل فتوجه إليه ووجده ينتفض
فحمله يركض به وسرعان ما توقفت سيارة بجانبه فيسأله
عسى خيراً ... أرجو أن تأخذني لأقرب مستوصف
وانطلقا به وفي السياره بدأ الطفل يستفرغ (أكرمكم الله) على
ملابس الرجل ... وما إن وصل للمستشفى حتى توقف تنفّس
الطفل فبدأت الممرضات يتراكضن ليعطوه تنفساً إصطناعياً
ووضعوا الماء في فمه وهم يضعون رأسه بالأسفل ورجليه
على سرير الكشف ولا يزال الطفل غائباً عن الوعي فدفعهم
الرجل وبدأ يعطيه ذلك التنفس حين رأى الإرباك عليهم
لوجود آثار ما خرج من بطنه على فم الطفل ... وبدأ ينفخ
في فم الطفل ويجري الإسعافات الأوليّة له وهو يبكي على
ذلك الطفل الضعيف الصغير ويدعو الله أن يسترد وعيه
وفجأه شهق الطفل ثم انفجر يبكي وبدأ يُخرج ما تبقى في
بطنه وسط فرحة الممرضات واستمرار بكاء الرجل معتقدين
أن الطفل إبنه لولا إجراءات المستشفى للإتصال بالشرطه
في حال حوادث إهمال أو شكوك من آثار جريمه بحق
المسعوفين ولما إنتهى الرجل من تنظيف ملابسه جاءه رجال
الشرطه وشكروه على فعله وأخذوا بياناته وأقواله وركب
معهم سيارة الشرطه وتم الإتصال بمركز عمليات دوريات الأمن
وإبلاغهم بما تم وتوجهوا بالرجل والطفل للمكان الذي وجد
فيه الطفل وكان في المكان دوريتين ومعهما شهود عن رؤية
الرجل يخطف الطفل وأن هناك سيارة بإنتظاره للفرار
وما كاد الرجل ينزل من السياره حتى باغته والد الطفل بلكمةٍ
أسقطته أرضاً فتدخل أفراد الأمن وقبضوا على الأب الذي
إعتقد أن سيارة الشرطة قد ألقت القبض على الرجل وجلبته
لمكان جريمته ولم يستطع الرجل النهوض إلا بمساعدة رجال
الأمن وأخذوه إلى مكان سقوط الطفل وهناك وجدوا آثار
الأدوية وتم توثيق كل ما حدث في تقرير الشرطه واعترف
الطفل بكامل القصة ولأن الأطفال لا يزالون تحت سن
المحاسبة على تصرفاتهم .. قامت الشرطة بجمع الأطفال
واستمعت لأقوالهم بينما الرجل في سيارة الشرطه بعد ألم
الضربه الذي أحدث له إرتجاجاً في الرأس وصداعاً حاداً لم
يتمكن من الإستماع للأطفال وهم يشرحون الواقعة التي تمت
وفجأه يأتي إتصالاً من مركز العمليات بضرورة إحضار
الطفل للمستوصف لتقوم الإسعاف بنقله لمستشفى كبير
لتقييم آثار حالته ....