معنى كلمة الْمُسْرِفِينَ في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى كلمة الْمُسْرِفِينَ في القرآن الكريم
معنى، المسرفين المتجاوزين حدود الله من أوامره و نواهيه،من الإسراف وهو تجاوز الحد في جميع الأحوال،
وفي كل فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق،قال تعالى(إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)غافر،
قال تعالى(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا)لفرقان،
وقال سفيان(ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلا)
وسمي قوم لوط مسرفين ،قال تعالى(ولوطا إذ قال لقومه،أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون)الأعراف،
من حيث إنهم تعدوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعني بقوله(نساؤكم حرث لكم)البقرة،
وقوله(يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم)الزمر،فتناول الإسراف في المال، وفي القصاص(فلا يسرف في القتل)الإسراء،فسرفه أن يقتل غير قاتله،لا تنقادوا لأمر المسرفين على أنفسهم المتمادين في معصية الله الذين دأبوا على الإفساد في الأرض إفسادًا لا إصلاح فيه،
وفي صحيح البخاري،أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلا مَخِيلَةٍ) والمعنى للسرف، وهو مجاوزة الحد،
روى ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال،قوله(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) في الطعام والشراب،المنهي عنه هنا،لأنه تجاوز لحدود الله، وتعدٍّ على ما شرعه لعباده،أي،ولا تسرفوا في الأكل،لما فيه من مضرة العقل والبدن،
وقوله عز وجل(وأن المسرفين هم أصحاب النار)غافر،قال قتادة، يعني المشركين،الجبارون والمتكبرون. وقيل: هم الذين تعدوا حدود الله،القتلة النفوس التي حرم الله قتلها، هم أصحاب نار جهنم عند مرجعنا إلى الله،
ونظير هذا قوله تعالى(وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين)يونس،قال البغوي،أي،المجاوزين الحد،لأنه كان عبداً، فادعى الربوبية،
والإسراف،بمعنى (الحرام)، جاء على هذا المعنى قوله تعالى في أموال اليتامى(فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا)النساء، أي، حراماً،
قال الطبري،يعني،بغير ما أباحه الله لك،وبغير حق،وبغير الواجب المباح لهم،وهو حرمة أخذ مال اليتيم بغير وجه مشروع،
والإسراف،بمعنى (النفقة في المعصية)، جاء على هذا المعنى قوله تعالى(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا)الفرقان،
أي،لم ينفقوا أموالهم في معصية الله،
روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال،كل ما أنفق في معصية الله، وإن قلَّ، فهو إسراف،
قال ابن كثير،أي،ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة،
والإسراف،بمعنى ،الإفراط في المعاصي، من ذلك قوله تعالى(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم)الزمر،
أي،أكثروا من فعل الذنوب، وأفرطوا على أنفسهم بارتكاب المعاصي،لأن الله عمَّ بقوله(يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) جميع المسرفين، فلم يخصص به مسرفاً دون مسرف،
وبما تقدم يتبين، أن المعنى الرئيسي الذي يدور حوله لفظ (الإسراف) إنما هو تجاوز الحد المشروع، فكل من تجاوز ما شرعه الله فهو مسرف، و(الإسراف) قد يكون بفعل المعاصي، وقد يكون بفعل الشرك، وقد يكون زيادة في فعل مباح أو مطلوب، وقد يكون نقصاً في فعل مطلوب، فكل ذلك تجاوزٌ لما شرعه الله لعباده، ورضيه لهم،
تفسير،الدرر السنية.