المراد بالزهد: الزهد فى الدنيا، وذلك بالرغبة منها، وعدم الرغبة فيها، وذلك بطلبها طلبًا لا يشق، ولا يحول دون أداء واجب، وسد باب الطمع فى الإكثار منها، والتزود من متاعها، وقد كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس فى الدنيا، وأقلهم رغبةً فيها، حتى كان الزهد خلقًا من أخلاقه الفاضلة، وسجيةً من سجاياه الطيبة الطاهرة. والمواقف الآتية تدل على ذلك وتشهد له وتقرره: قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح: «لو كان لى مثل أحد ذهبًا لما سرنى أن يبيت عندى ثلاثًا إلا قلت هكذا وهكذا، إلا شيئًا أرصده لدين»، فهذا أكبر مظهر للزهد الصادق
الذى كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعيش عليه ويتحلى به.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر، وقد دخل عليه فوجده على فراش من أدم حشوه ليف، فقال: إن كسرى وقيصر ينامان على كذا وكذا، وأنت رسول الله تنام على كذا وكذا، فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما لى والدنيا يا عمر، وإنما أنا فيها كراكب استظل بظل شجرة، ثم راح وتركها». فكان هذا أقوى مظهر من مظاهر الزهد المحمدى الصادق. عرض عليه ربه تعالى أن يحول له الأخشبين ذهبًا وفضة، وذلك بعد عودته من الطائف جريحًا كئيبًا حزينًا، فقال: «لا يا رب، أشبع يومًا فأحمدك وأثنى عليك، وأجوع آخر فأدعوك وأتضرع إليك». وأكبر مظهر لزهده صلى الله عليه وسلم فى الدنيا سؤاله المتكرر: «اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا» لكم خالص تحياتى وتقديرى و رمضان كــريــم الدكتــور علـــــى