اعرف قدر النعمة

تأتى مدرسة الصيام لتبين لنا قدر نعم الله على العباد،
بتناول ما يشتهيه من الأكل والشرب والنكاح،

لأن قدر النعم لا يعرف إلا بضدها، كما قيل

«وبضدها تتبين الأشياء» أو «تتميز الأشياء»
فالإنسان إذا كان دائمًا فى شبع من الطعام

وفى رى من الشراب، وفى متعة مع الزوجة ،
تتجاذبه الأمانى ، ويعتريه النسيان، فلا يعرف
قدر هذه النعم، فإذا سلبت منه نعمة
من هذه النعم عرف قدرها.

إن كثيرًا من الناس يجهلون أهمية النعم التى لديهم،
ولا يحسنون استغلالها، ولا يشكرون الله عليها ،
فالصيام تذكرة بهذه النعم من جهتين، من جهة نفسه أولًا،
فيؤدى شكرها بالحمد والثناء والعطاء ، وحتى يعرف
الغنى حاجة الفقير ويشعر بفقره وعوزه فيرق له ويرحمه،
ولهذا كان الرسول صلى الله عليهم وسلم أجود الناس ،
وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه

جبريل فيدارسه القرآن، والإنسان لا يعرف حاجة

المضطر إذا كان هو شبعان ، لكن إذا جاع عرف
قدر الجوع وألمه فيرحم بذلك إخوانه الفقراء والمساكين ،
وتسارع نفسه إلى مساعدتهم، ويرق قلبه لحالهم،
فالصيام إذن موجب للرحمة والعطف
على الفقراء والمساكين ،
وتلك الرحمة التى دعا إليها الإسلام وفرض
من العبادات ما يوصل إلى التخلق بها ،
ليكون إطعامهم عن حب كما قال تعالى
( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا).

فحب المساكين والضعفاء وأصحاب الحاجات

أصل الحب فى الله تعالى؛ لأن المساكين ليس

عندهم من الدنيا ما يوجب محبتهم لأجله،
فلا يُحَبَّون إلا لله -عز وجل-، والحبُّ فى الله
من أوثق عرى الإيمان،

ومن علامات ذوق حلاوة الإيمان،
وهو صريح الإيمان،
وهو أفضل الإيمان.

فلْنحرصْ -أيها الصائمون- ونحن فى شهر
البذل والرحمة والعطاء،
على إحياء هذه العبادة العظيمة،
التى تسابق إليها الأنبياءُ والمرسلون،
والصحابةُ والتابعون،

ولْنفتحْ أبوابنا لتفطير الصائمين
من المساكين والتصدق عليهم،

ولْنبادِرْهم بالسلام،

ولْنَسْألْهم عن الأهل والعيال،

ولْنُشعرهم بأنهم إخوانُنا فى الإسلام،

وأننا نحب لهم ما نحب لأنفسنا،
فهذا هو الإسلام الصحيح،
فإن الدين المعاملة.
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــــان كريــــــم
الدكتور علــــــى