(سجآده حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية عشق)  
 
 

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩

الملاحظات

۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ َيهتم بالقُرآن والتفسِير والقرَاءات ، والدرَاسات الحدِيثية ، ويَهتم بالأحادِيث والآثار وتخرِيجها .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 08-23-2021
رحيل غير متواجد حالياً
United Arab Emirates     Female
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 2 يوم (01:21 AM)
آبدآعاتي » 11,314,724
 تقييمآتي » 6485579
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  1,018
شكرت » 411
مَزآجِي  »  1
 
افتراضي تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن سورة المائدة



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
الحلقة (44)
سورة المائدة (1)




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[ ص: 326 ]

سُورَةُ الْمَائِدَةِ

قَوْلُهُ تَعَالَى : أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا هَذَا الَّذِي يُتْلَى عَلَيْهِمُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حِلِّيَّةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ; وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [ 5 \ 3 ] ، إِلَى قَوْلِهِ : وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ، فَالْمَذْكُورَاتُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ كَالْمَوْقُوذَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَنْعَامِ ; فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ .

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَنْعَامَ هِيَ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِ الْجَنِينِ إِذَا ذُكِّيَتْ أَمُّهُ وَوُجِدَ فِي بَطْنِهَا مَيِّتًا .

وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ " كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ .

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : إِنَّهُ حَسَنٌ ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، يَعْنِي إِنَّ شِئْتُمْ ، فَلَا يَدُلُّ هَذَا الْأَمْرُ عَلَى إِيجَابِ الِاصْطِيَادِ عِنْدَ الْإِحْلَالِ ، وَيَدُلُّ لَهُ الِاسْتِقْرَاءُ فِي الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ جَائِزًا ، ثُمَّ حُرِّمَ لِمُوجِبٍ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْمُوجِبِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ كُلَّهُ فِي الْقُرْآنِ لِلْجَوَازِ ، نَحْوَ قَوْلِهِ هُنَا : وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، وَقَوْلِهِ : فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ [ 62 \ 10 ] ، وَقَوْلِهِ : فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ الْآيَةَ [ 2 \ 187 ] ، وَقَوْلِهِ : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ الْآيَةَ [ 2 \ 222 ] .

وَلَا يُنْقَضُ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الْآيَةَ [ 9 \ 5 ] ; لِأَنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ تَحْرِيمِهِ الْعَارِضِ بِسَبَبِ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا : إِنَّهَا أَشْهُرُ الْإِمْهَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ : فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [ 9 \ 2 ] ، أَوْ [ ص: 327 ] قُلْنَا : إِنَّهَا الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [ 9 \ 36 ] .

وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ التَّحْقِيقَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ التَّامُّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ مِنْ إِبَاحَةٍ أَوْ وُجُوبٍ ، فَالصَّيْدُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَانَ جَائِزًا فَمُنِعَ لِلْإِحْرَامِ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ الْإِحْلَالِ بِقَوْلِهِ : وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، فَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، وَهُوَ الْجَوَازُ ، وَقَتْلُ الْمُشْرِكِينَ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، فَمُنِعَ مِنْ أَجْلِهَا ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ بَعْدَ انْسِلَاخِهَا فِي قَوْلِهِ : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْآيَةَ ، فَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، وَهُوَ الْوُجُوبُ .

وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُصُولِيَّةِ .

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : وَهَذَا أَمْرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى السَّبْرِ أَنَّهُ يُرَدُّ الْحُكْمُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ النَّهْيِ ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا رَدَّهُ ، فَوَاجِبٌ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا فَمُسْتَحَبٌّ ، أَوْ مُبَاحًا فَمُبَاحٌ .

وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ لِلْوُجُوبِ يَنْتَقِضُ عَلَيْهِ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ ; وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِآيَاتٍ أُخْرَى ، وَالَّذِي يَنْتَظِمُ الْأَدِلَّةَ كُلَّهَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كَمَا اخْتَارَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ .

وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ عَقَدَهَا فِي ( مَرَاقِي السُّعُودِ ) بِقَوْلِهِ : [ الرَّجَزُ ]



وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ بَعْدَ الْحَظْلِ وَبَعْدَ سُؤَالٍ قَدْ أَتَى لِلْأَصْلِ


أَوْ يَقْتَضِي إِبَاحَةً لِلْأَغْلَبِ إِذَا تَعَلَّقَ بِمِثْلِ السَّبَبِ

إِلَّا فَذَا الْمَذْهَبُ وَالْكَثِيرُ لَهُ إِلَى إِيجَابِهِ مَصِيرُ

وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ التَّامَّ حُجَّةٌ بِلَا خِلَافٍ ، وَغَيْرُ التَّامِّ الْمَعْرُوفُ بِـ " إِلْحَاقِ الْفَرْدِ بِالْأَغْلَبِ " حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ ، كَمَا عَقَدَهُ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ فِي كِتَابِ " الِاسْتِدْلَالِ " بِقَوْلِهِ : [ الرَّجَزُ ]



وَمِنْهُ الِاسْتِقْرَاءُ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِلْكُلِّيِّ




فَإِنْ يَعُمَّ غَيْرَ ذِي الشِّقَاقِ فَهُوَ حُجَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ




وَهُوَ فِي الْبَعْضِ إِلَى الظَّنِّ انْتَسَبْ يُسَمَّى لُحُوقَ الْفَرْدِ بِالَّذِي غَلَبْ


فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ ، وَعَرَفْتَ أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ التَّامَّ فِي الْقُرْآنِ دَلَّ عَلَى مَا اخْتَرْنَا ، [ ص: 328 ] وَاخْتَارَهُ ابْنُ كَثِيرٍ ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ الْحُكْمِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، عَرَفْتَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُحْبِطُ جَمِيعَ عَمَلِهِ بِرِدَّتِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ زَائِدٍ ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ [ 2 \ 217 ] .

وَمُقْتَضَى الْأُصُولِ حَمْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ ، فَيُقَيِّدُ إِحْبَاطَ الْعَمَلِ بِالْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ ، خِلَافًا لِمَالِكٍ الْقَائِلِ بِإِحْبَاطِ الرِّدَّةِ الْعَمَلَ [ ص: 330 ] مُطْلَقًا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، فِي قَوْلِهِ : وَأَرْجُلَكُمْ ثَلَاثُ قِرَاءَاتٍ : وَاحِدَةٌ شَاذَّةٌ ، وَاثْنَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ .

أَمَّا الشَّاذَّةُ : فَقِرَاءَةُ الرَّفْعِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ ; وَأَمَّا الْمُتَوَاتِرَتَانِ : فَقِرَاءَةُ النَّصْبِ ، وَقِرَاءَةُ الْخَفْضِ .

أَمَّا النَّصْبُ : فَهُوَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ ، وَابْنِ عَامِرٍ ، وَالْكِسَائِيِّ ، وَعَاصِمٍ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ مِنَ السَّبْعَةِ ، وَيَعْقُوبَ مِنَ الثَّلَاثَةِ .

وَأَمَّا الْجَرُّ : فَهُوَ قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ ، وَحَمْزَةَ ، وَأَبِي عَمْرٍو ، وَعَاصِمٍ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ .

أَمَّا قِرَاءَةُ النَّصْبِ : فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا ، لِأَنَّ الْأَرْجُلَ فِيهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْوُجُوهِ ، وَتَقْرِيرُ الْمَعْنَى عَلَيْهَا : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ، وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ .

وَإِنَّمَا أُدْخِلَ مَسْحُ الرَّأْسِ بَيْنَ الْمَغْسُولَاتِ مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ ، لِأَنَّ الرَّأْسَ يُمْسَحُ بَيْنَ الْمَغْسُولَاتِ ; وَمِنْ هُنَا أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَسْبَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .

وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَرِّ : فَفِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِجْمَالٌ ، وَهُوَ أَنَّهَا يُفْهَمُ مِنْهَا الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ عَنِ الْغَسْلِ كَالرَّأْسِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّوَعُّدِ بِالنَّارِ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ " .

اعْلَمْ أَوَّلًا ، أَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ إِذَا ظَهَرَ تَعَارُضُهُمَا فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ لَهُمَا حُكْمُ الْآيَتَيْنِ ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ، وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ قِرَاءَةَ : وَأَرْجُلَكُمْ ، بِالنَّصْبِ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ ، فَهِيَ تُفْهِمُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْخَفْضِ إِنَّمَا هِيَ لِمُجَاوَرَةِ الْمَخْفُوضِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ مَنْصُوبَةٌ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ النَّصْبِ ، وَالْعَرَبُ تَخْفِضُ الْكَلِمَةَ لِمُجَاوَرَتِهَا لِلْمَخْفُوضِ ، مَعَ أَنَّ إِعْرَابَهَا النَّصْبُ ، أَوِ الرَّفْعُ .

وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْخَفْضَ بِالْمُجَاوَرَةِ مَعْدُودٌ مِنَ اللَّحْنِ الَّذِي يُتَحَمَّلُ [ ص: 331 ] لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ خَاصَّةً ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ فِي الْعَطْفِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عِنْدَ أَمْنِ اللَّبْسِ ، فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ .

وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْأَخْفَشُ ، وَأَبُو الْبَقَاءِ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ .

وَلَمْ يُنْكِرْهُ إِلَّا الزَّجَّاجُ ، وَإِنْكَارُهُ لَهُ ، مَعَ ثُبُوتِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَتَبَّعِ الْمَسْأَلَةَ تَتَبُّعًا كَافِيًا .

وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْخَفْضَ بِالْمُجَاوَرَةِ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَأَنَّهُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ .

فَمِنْهُ فِي النَّعْتِ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ : [ الطَّوِيلُ ]



كَأَنَّ ثَبِيرًا فِي عِرَانِينِ وَدْقِهِ كَبِيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ

بِخَفْضٍ " مُزَمَّلِ " بِالْمُجَاوَرَةِ ، مَعَ أَنَّهُ نَعْتُ " كَبِيرُ " الْمَرْفُوعِ بِأَنَّهُ خَبَرُ " كَأَنَّ " وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ : [ الْبَسِيطُ ]



تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلَا نَدَبُ


إِذِ الرِّوَايَةُ بِخَفْضِ " غَيْرِ " ، كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لِلْمُجَاوَرَةِ ، مَعَ أَنَّهُ نَعْتُ " سُنَّةَ " الْمَنْصُوبِ بِالْمَفْعُولِيَّةِ .

وَمِنْهُ فِي الْعَطْفِ ، قَوْلُ النَّابِغَةِ : [ الْبَسِيطُ ]



لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَسِيرٌ غَيْرُ مُنْفَلِتٍ وَمُوثَقٍ فِي حِبَالِ الْقَدِّ مَجْنُوبِ


بِخَفْضٍ " مُوثَقٍ " لِمُجَاوَرَتِهِ الْمَخْفُوضِ ، مَعَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى " أَسِيرٌ " الْمَرْفُوعِ بِالْفَاعِلِيَّةِ .

وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ : [ الطَّوِيلُ ]



وَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مَا بَيْنَ مُنْضِجٍ صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيرٍ مُعَجَّلِ


بِجَرٍّ " قَدِيرٍ " لِمُجَاوَرَتِهِ لِلْمَخْفُوضِ ، مَعَ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى " صَفِيفَ " الْمَنْصُوبِ بِأَنَّهُ مَفْعُولُ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ " مُنْضِجٍ " ، وَالصَّفِيفُ : فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ الْمَصْفُوفُ مِنَ اللَّحْمِ عَلَى الْجَمْرِ لِيَنْشَوِيَ ، وَالْقَدِيرُ : كَذَلِكَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، وَهُوَ الْمَجْعُولُ فِي الْقِدْرِ مِنَ اللَّحْمِ لِيَنْضُجَ بِالطَّبْخِ .

[ ص: 332 ] وَهَذَا الْإِعْرَابُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْحَقُّ ، لِأَنَّ الْإِنْضَاجَ وَاقِعٌ عَلَى كُلٍّ مِنَ الصَّفِيفِ وَالْقَدِيرِ ، فَمَا زَعَمَهُ " الصَّبَّانُ " فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى " الْأَشْمُونِيِّ " مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ قَدِيرٍ " مَعْطُوفٌ عَلَى " مُنْضِجٍ " بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ وَطَابِخِ قَدِيرٍ . . . الْخَ ، ظَاهِرُ السُّقُوطِ ; لِأَنَّ الْمُنْضِجَ شَامِلٌ لِشَاوِي الصَّفِيفِ ، وَطَابِخِ الْقَدِيرِ ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى عَطْفِ الطَّابِخِ عَلَى الْمُنْضَجِ لِشُمُولِهِ لَهُ ، وَلَا دَاعِيَ لِتَقْدِيرِ " طَابِخٍ " مَحْذُوفٍ .

وَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ مِنْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى " شِوَاءٍ " ، فَهُوَ ظَاهِرُ السُّقُوطِ أَيْضًا ; وَقَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ " الصَّبَّانُ " ، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ بِذَلِكَ : وَصَفِيفٍ قَدِيرٍ ، وَالْقَدِيرُ لَا يَكُونُ صَفِيفًا .

وَالتَّحْقِيقُ : هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخَفْضِ بِالْمُجَاوَرَةِ ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي .



 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أضواء, المائدة, البيان, القرآن, بالقرآن, تفسير, صورة, في, إيضاح

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أضواء البيان فى معرفة الوقف والإبتداء دره العشق ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 38 09-09-2024 01:29 PM
05 - سورة المائدة | المختصر في تفسير القرآن الكريم | ساعد الغامدي غـُـلايےّ ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 20 05-14-2023 07:25 AM
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ سُورَةُ التَّوْبَ رحيل ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 15 05-03-2023 12:08 PM
تفسير سورة المائدة - الآية 54 - تفسير السعدي المقروء والمسموع غـُـلايےّ ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 11 04-18-2023 09:04 PM
تفسير القرآن بالقرآن الأمير ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 29 10-11-2022 10:04 AM


الساعة الآن 11:22 AM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع