لما أخبر الله تعالى المؤمنين أن طاعتهم للكفار هي عين الخسران، وهو خبر يتضمن النهي عن طاعتهم، والتي هي أعظم مظهر من مظاهر الموالاة، فكان تقدير الكلام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تتولوا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الممتحنة :13]، فإنهم أحقر وأذل من أن يجلبوا لكم نفعًا، أو يدفعوا عنكم ضرًّا.
ولما تقرر ذلك في نفوسهم قَالَ تَعَالَى: ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ ﴾، فهو الخالق الذي تولاكم في ظهور الآباء، وأرحام الأمهات، فشق لكم السمع والأبصار، وصوَّركم فأحسن صوركم، ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 3].
وهو الذي تولَّى رزقكم، فأطعمكم من جوع، وأغناكم من فضله، ﴿ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]، ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾ [الأنعام: 14].