الفوز بالجنة بم يكون

توالت نعم الله تعالى على آدم عليه السلام، فقد خلقه الله بيديه، وأي كرامة فوق هذه، وأسجد له ملائكته، وهذا شرف وأي شرف، وأدخله الجنة، وأي نعمة أكبر منها، وخلق له فيها زوجة ليسكن إليها. غير أن ذلك النعيم الكبير والفضل العظيم لم يستمر، فقد أخرج آدم من الجنة بسبب استجابته لوسوسة إبليس العدو المتكبر المتغطرس الحاسد الجاحد. وأهبط إلى الأرض ومعه عدوه اللدود ليعاني هو وبنوه من بعده شدة الحياة ومشاقها ومكائد الأعداء الألداء. فأي مصيبة أعظم من هذه وأي بلاء أكبر من ذلك.

وحين أدرك آدم، عليه السلام، خطأه ندم أشد الندم، وبادر إلى التوبة فقبل الله توبته بعد أن علمه كلمات يدعو بها، فسبحان الله ما ألطفه، وما أرحمه، وما أحلمه. وهذه نعمة أخرى من نعم الله عليه وعلى بنيه، تستحق منا دوام الشكر والامتنان.

غير أن المذنب بعد كل تلك النعم لابد أن يدفع ثمن خطئه، كما قال تعالى: "مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ" فكان ما كان. ثم أن الله العزيز الرحيم فتح لآدم، عليه السلام، ولذريته باب الأمل ووعدهم أنهم سيعودون الى الجنة ولكن بشرط واحد. ذلك الشرط هو اتباع هدى الله. وهدى الله هو ما أنزل الله من الآيات على أنبيائه ورسله. قال تعالى؛ "فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

فمن هم المتبعون لهداه؟

هل هم المقيمون على شهواتهم وملذاتهم، السارقون لاقوات الناس؟

هل هم المنتسبون للتدين الفاسد الذين يتبعون سادتهم وكبراءهم ويدعون العصمة في بشر مثلهم؟

هل هم الذين يتبعون أحزابهم وجماعاتهم المؤسسة على فلسفات الغرب والشرق؟

هل هم الجامدون على ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم وإن ناقض صريح القرآن وصحيح السنة؟

هل هم المقلدون المتعصبون لآراء الرجال ولو كانوا أئمة صالحين؟

لا ليسوا أولئك، بل هم المتبعون للقرآن الحكيم، دون سواه بفهم نبيهم عليه السلام الذي أرسله مولاه ليبين للناس ما نزل إليهم. قال تعالى؛ "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ".

اللهم اجعلنا من الذين يتبعون هداك ولايطيعون أحدا سواك.