"الْخَازِنَ": المقصود به العامل على خزنٍ ما أو الخادم الذي يقوم بشؤون من يخدمهم.
"أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ": بفتح القاف على التثنية، وهكذا ضبُط في جميع روايات الصحيحين كما ذكر ابن حجر، ومعناه أن هذا الخازن يعتبر متصدقًا، والمتصدق الآخر هو مالك المال، فهما متصدقان، ويصح أن يقال (المتصدقين) بكسر القاف على الجمع، وبناءً عليه فالخازن يعتبر متصدق من جملة المتصدقين، والأول أظهر والله أعلم، واختاره النووي والقرطبي؛ [انظر شرح مسلم للنووي (7/ 160) حديث (1023), وانظر المفهم للقرطبي (3/ 68) حديث (890) وانظر الفتح (3/ 371) حديث (1425)].
"غَيْرَ مُفْسِدَةً": أي غير متعدية بنفقتها بإسراف أو تبذير، أو إعطاء مالم تجرِ العادة بإعطائه من الأشياء التي لابد لها من إذن زوجها، ويُفهم من هذا اللفظ أنها إذا أنفقت وهي مفسدة كأن تسرف أو تعطي ما لا يرضاه زوجها ونحو ذلك أنها لا تؤجر.
من فوائد الحديثين:
الفائدة الأولى: في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - بيان ما يناله الخادم من الثواب، حينما يدفع الصدقة أو العطية ولو لم تكن من ماله، ولكن من مال سيده ولكن بشروط لابد من توافرها في الخادم دل عليها الحديث وهي كما يلي:
ب- أن يكون أمينًا، فلو كان خائنًا فإنه لا يؤجر، بل يؤزر على خيانته.
جـ- أن تكون العطية كاملة من غير نقص، فلو أعطى ما أمر به ناقصًا فلا يؤجر؛ لأنه يعتبر بهذا خائنًا أيضًا.
د- أن يعطيها طيبة من نفسه؛ لأنه لو لم تطب نفسه لم تكن له نية صالحة، فلا يؤجر إلا بنية طيبة.
الفائدة الثانية: في حديث عائشة - رضي الله عنها - دلالة أيضًا على أن للزوجة أجرًا إن أنفقت من طعام زوجها بالمعروف، ولو لم يأذن بذلك، فليس في الحديث تقييده بالإذن، ولكنه محمول عند الفقهاء من الحنفية والشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة على الشيء اليسير الذي جرت العادة بالسماح به من يسير الطعام، والذي جرى العرف فيه برضا الزوج، والحديث مقيَّد بالطعام؛ لأنه هو الذي يتسامح به عادة بخلاف النقود، فلا بد فيها من إذن صريح من الزوج، وكذلك كل شيء تعلم أن زوجها لا يرضى بإنفاقه.
الفائدة الثالثة: في حديث عائشة - رضي الله عنها - بيان لمقدار الثواب وأنه أجر كاملٌ لا نقص فيه، للزوج وللزوجة وللخازن، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: ((لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا))؛ لأن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، فالزوج له نصيبه بكسبه، فهو صاحب الطعام، والمرأة لها نصيب بعملها وتصدقها، ومثل ذلك الخازن، وهذا من فضل الله الواسع على عباده، ويشكل على هذا المفهوم حديثان سيأتيان بعد حديث الباب.