ننتظر تسجيلك هـنـا



( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 

العودة   منتدى رواية عشق > ♬ قِسـم الشّعـر والخوَاطـر ♬ > ♬ عَالم القِصـة والروَايـة ♬

♬ عَالم القِصـة والروَايـة ♬ ثرثرَة وحُروف وكلِمات كوّنت حكَاية على جدَار الزّمن .

 
#1  
قديم 02-19-2021
بنت الشام غير متواجد حالياً
Syria     Female
 
 عضويتي » 1589
 اشراقتي ♡ » Jul 2020
 كُـنتَ هُـنا » 11-25-2022 (08:02 PM)
آبدآعاتي » 425,283
 تقييمآتي » 264176
 حاليآ في » في الأردن
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Syria
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمدالله
آلعمر  » 20سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطة ♡
تم شكري »  
شكرت »
مَزآجِي  »  الحمدلله
мч ммѕ ~
MMS ~
 
640 الكؤوس الزرقاء



أسرَّ في صدره حزنه عليها ولم يُبده لهم، قال أنتم أولى ببيوتكم وأولادكم أولى بكم،
اتَّفق الأبناء بعدما تناجوا على مداومة كل واحد منهم يومًا في الأسبوع؛ لئلا يتركوه بين
جنبات الدار وحيدًا، وذات يوم أخلَّ أحدهم بيوم دوامه، لم يكترث الولد بغيابه والتمسَ له
في صدره المعتل عذرًا:

ما زلت بموفور صحة وعافية، فلمَّا أزعج الأولاد، وكان قد أبقى على كل شيء بالدار كما
تركته أمُّهم لم يحرِّك منه ساكنًا، ولم يبَدِّل موضعًا كانت تُحبذه، وبينما الشمس تسطع في
كبد السماء، ولا زال بها من قوة الشرر ما يضيء مظلم الحفر، خطر بباله فتح النوافذ
الموصَدة من زمن، فأطلق لها العِنان من شتى الأركان، فاجتاحت أشعة الشمس كل الأثاث،
وما زالت تبحث عن كل قطعة مظلمة لتوقِظَ فيها مواطن استقبال النور.

لفت انتباهه تلك الصحبة من الكؤوس الزرقاء المتراصة بحرفية بيدي زوجه الراحلة، وقف
أمامها حينًا يبتسم بأسى، هَمَّ بسحب زجاجها الجرار سحبًا رقيقًا لتصير في مأمن من عنفوان
الريح متى انتفضت، وكأنه يريد أن تبقى على الهيئة التي تركتها عليه، مَرَّت نسائم الذكرى
على شغاف قلبه المشتاق وقد حرَّكت فيه مواضع الأسى، فيراها وهي تتربع الآن أمام
دولاب المقتنيات الخاص بشوارها وقد شرعت لتغسلها، وتتركها في مدخل الشمس حينًا
لتجف، فتلمع لمعان اللؤلؤ، وزرقة لونها السماوي توحي بأنها ممتلئة بالماء يردِّد مقالته
المشهورة لها كلما شرعت في غسلها:

كأني بنهر النيل في أزهى حالاته، يبتسم وهو يتذكر ذلك الشجار اللطيف بينهما بشأن تلك
الكؤوس الزرقاء، يتمنى لو توضع مرة واحدة على مائدة طعامهم، فقد شَبَّ الولدان وكبروا،
وصارت مخاوف تبديدها ضئيلة جدًّا، لكنها تُصر على ألا يقترب منها أحدٌ مخافة أن يقع
المحظور، فتنكسر كأسًا بعد الأخرى، وهي آخر ما تبقى لها من جهازها الذي ناهز عمره
الخمسين عامًا، يبتسم وقد خالط الدمع الساخن خدَّه القديم، فيسحب جرَّار الزجاج عنها،
فتبتهج لضوء الشمس، تمتد يديه للإمساك بواحدة منها، تنشأ ارتعاشة منبعها القلب، يبلغ
مداها قوة مِعصميه، يترنَّح الكأس ويسقط جُذاذًا، يتصوَّرها الآن وهي تَقرَعُه بالتبكيت،
وتعيد عليه مقالتها المأثورة: ذلك آخر ما تبقى لي من جهازي وفيه ذكرياتي وحياتي.

يبتسم حينها: أولسنا من ذكرياتك أم أن تلك الكؤوس أغلى عندك منا؟!

الكأس زجاج قابل للكسر أما أنت فلا!

يمر ذلك المقطع المسجل صوتًا وصورة بدون تقنية مصطنعة على رأسه، ينفعل لأجْله، يَنكَبُّ
يجمع بقاياه، وقد صَرَّه في كيس ثم يضعه في مكانه تخفيفًا من عبأ الكارثة، تباغته رياح
شديدة صادفت نوافذ مفتَّحة الأشرعة، فيذود عن دولاب المقتنيات الزجاجية بصدره، ثم يسحب
بابها الجرَّار سحبًا سريعًا، ثم يستعد لمجابهة الرياح ليصفد النوافذ، سَرعان ما تتلطف معه
فتصير نسيمًا ذا شذا يَستنشقُه عبيرًا مُخْمَليًّا، يُسلم على أثره جسدَه للفراش، تدعوه الوسادة
لنوم جديد لم يألَفْه قبلُ، يتذكَّر مهمة إغلاق النوافذ التي فُتحت، يُحس ثِقلًا في النهوض
لغلْقها، يُحاول، لا يستطيع، يستكين، تأتيه صاحبة الكؤوس الزرقاء وهي تبتسم ولا تبدي
غضبًا لكأسها التي تحطَّمت، يحاول أن يبرِّر لها سبب الواقعة، تَمنعه الكلام في متاع الدنيا،
يُتمتم بالشهادة، يردِّدها بصوت مسموع، تدعوه لبِساط الريح الجميل الذي يُقلها، يغادران
المرفأ وما زالت النوافذ مُفتَّحة المصارع، فتُصدر الرياح صفيرًا يوحي بخلوِّ الدار من الأنفاس،
بينما الكؤوس الزرقاء خلف بابها الجرار في مأمن من غدرات الريح.




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أشهر الكنوز الأثرية المفقودة في العالم رحيل ⁂ التّـراث والشّخصيِات التاريخيـة ⁂ 44 11-17-2024 08:34 AM
تفسير: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز Şøķåŕą ۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ 34 09-27-2024 06:32 PM
تعالُ وأنُ م كفآكُ الكونُ ..ُ بعيونيُ أضمكُ .. نور القمر ✬ نُـون النِسـوة ، أنَاقة حــواء ✬ 17 06-12-2022 07:58 AM


الساعة الآن 03:01 PM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع