كان للتيارات والاتجاهات التربوية ولجهود التربويين والعاملين في مجال علم النفس والطب والسياسة والمهتمين في المجتمعات البشرية في اوروبا وفي الولايات المتحدة الامريكية اكبر الأثر في نمو وتطور ميادين التربية الخاصة كعلم يهتم بحاجات الجماعات والافراد المختلفة ، خاصة من الناس غير العاديين ومن المهتمين في ذلك المجال فروبل Frubil ، وبياجيه Biadget وبينيه Binet، وستراس Stras الذين كان لهم أبلغ الأثر في تقدم ذلك الميدان حتى وصل الى ما وصل اليه في الوقت الحاضر ، وكذلك كيركKirk الذي يعتبر من اكبر المهتمين في هذا المجال .
و غني عن البيان اسهامات علماء النفس والتربية والاجتماع والطب والقانون الذين كان لهم بصمات واضحة في تقدم موضوع التربية الخاصة ، خاصة فيما يتعلق بطرق القياس والتشخيص الذين لا غنى عنهما في تشخيص مظاهر الاعاقات المختلفة من النواحي الطبية والنفسية وكذلك في اعداد البرامج التربوية ، والمهنية والتأهيلية لذوي اصحاب هذا الاحتياجات ، وبذلك اصبح للتربية الخاصة جذور لها صلة وعلاقة وطيدة بالطب وعلم النفس والاعصاب والتشريح وكيمياء الدم والفيزيولوجيا وعلم نفس النمو التطوري والنمائي وبالطب والتربية وعلم الاجتماع والقانون وبجميع العلوم الانسانية بشكل عام بعد أن كان تشخيص وعلاج هذه الأوضاع يعتمد على الشعوذة وعلى الاجتهادات الخاصة بكل معالج .
هكذا كان الماضي والواقع ولكن اليوم فقد اختلف الحال واصبح ميدان التربية الخاصة ميدانا يعتمد على العلم وعلى القياس والتجريب والمختبر النفسي والطبي واللغوي وغيرها ، ولم يعد العلاج والتشخيص قائمان على الحدس والتخمين ، ولعل اهتمام الدول النامية بحقوق الانسان واحترام انسانيته والسعي إلى تحقيق حاجاته كفرد يستحق الحياة ظهرت في الدول النامية والمتقدمة كجمعيات ومنظمات ومؤسسات انسانية لها اهتمام بالافراد غير العاديين خاصة الفقراء ، حيث كان من أهدافها تشخیص هذه الحاجات ووضع البرامج التربوية والتعليمية والعلاجية لتسهل عليهم حياتهم وليشعروا بانهم اناس لهم الحق في الحياة وان لديهم طاقات انسانية يمكن أن يساهموا في دفع عجلة التقدم في المجتمع ، والشعور بالتقبل والنفع والاستغناء عن استجداء الاخرين ، ولقد تمكنت هذه الجهود من تغيير اتجاهات المجتمعات نحو اصحاب هذه الحاجات وقدمت التوعية اللازمة ووسائل الارشاد الاسري لذويهم وتعليمهم طرق التعامل معهم ومع اوضاعهم الصعبة ،
ولقد لجأت هذه المؤسسات الى عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات وحلقات البحث التي توعي المجتمعات المختلفة بحاجات هؤلاء الأطفال غير العاديين ،وقامت بعمل الاحصاءات والدراسات اللازمة لمعرفة نسبة انتشار هذه الاعاقات واسبابها وطرق الوقاية منها ، وعلاجها ووضع البرامج التربوية التي تناسب كل طائفة منها وعمدت الى زيادة عدد المراكز والمدارس والمؤسسات المهتمة في هذا المجال كما سعت الى تدريس هذا التخصص في الكليات والجامعات ، وسعت الى زيادة الخريجين واعداد العاملين في هذا المجال والحصول على الأموال اللازمة لتمويل المشاريع التربوية المهتمة في مجال الاهتمام بالحاجات الخاصة لهؤلاء الأطفال ،فقد انشأت مراكز الارشاد الزواجي ، والنفسي ومراكز الايواء ،والمراكز الطبية ، والمختبرات ومراكز التأهيل ، والتشخيص ، والعلاج ، والمصحات النفسية ، والعقلية ، والفكرية ، ومصانع الأدوات الطبية المعينة التي تنتج السماعات الطبية ، والعدسات اللاصقة ، والعكازات ، وغيرها التي تشكل حاجات خاصة لهؤلاء الأطفال ، وكذلك مصانع الطعام المتخصص لمرضى الطعام والاعاقة العقلية ، مثل حليب فول الصويا وغيرها
ولقد ظهر نمو ميدان التربوية الخاصة في الدول العربية في المجالات التالية :
الاهتمام المتنامي بالافراد غير العاديين وأسرهم وذلك من خلال الدراسات المسحية والاحصائية والمالية ووضع الخطط اللازمة لاعداد المدارس ودور الرعاية النفسية والاجتماعية والطبية والتأهيلية والاسرية التي تعنى بالأفراد غير العاديين في المجتمع ففي الستينيات وفي الأردن كان عدد هذه المؤسسات يقدر باصابع اليد الواحده وفي زمن قياسي قياسا مع الدول المتقدمة فان عددها يربو الآن عن الخمسين مؤسسة ومدرسة منها ما هو عربي ومنها ما هو اجنبی .
قيام منظمات ومؤسسات عديدة بتدريب الكوادر العربية العاملة في ميدان التربية الخاصة حيث اخذت اشكال التدريب وعقد المحاضرات والندوات وحلقات البحث والبحوث والدراسات وورش العمل الاقليمية ، وأرسلت العاملين في بعثات خارج البلاد للاطلاع على خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال ، وذلك بهدف تحسين اداء هؤلاء العاملين للحصول على خدمات افضل في علاج هؤلاء الأفراد .
مساهمات الجامعات وكليات المجتمع والمؤسسات الطبية والنفسية باعداد الكوادر المتخصصة في ميدان التربية الخاصة ، وفي الاردن اصبح مساق التربية الخاصة من المساقات التي تدرس في معظم كليات العلوم التربوية ، واصبح هناك خريجين على مستوى البكالوريوس والدبلوم والماجستير والدكتوراه وقس نفس الشيء على السعودية وتونس .
مساهمة وزارة التربية والتعليم في الاردن في ايجاد غرف المصادر الملحقة بالمدارس ،وایفاد معلمين للتخصص في هذا الميدان من اجل تدريس الاطفال وذوي الحاجات الخاصة ، وتقوم كلية الاميرة ثروت بهذه المهمة وتشجع الوزارة هذا الاتجاه وهي تسير بخطى حثيثة لتعميم التجربة على جميع مدارس المملكة ، كما انها تبعث معلميها للتخصص في هذا المجال في الجامعات الأردنية من اجل الحصول على كوادر مدربه ومتخصصة في هذا المجال .