03-07-2022
|
03-07-2022
|
#2
|
باب القول بالموجِب
ويسمَّى[1] الاستدراك؛ وهو تخصيص الصِّفة بعد أن كان ظاهرها العموم، وبكسر الجيم؛ لأنَّ المرادَ به الصِّفة الموجِبة للحكم، فهو اسم فاعل، ويحتمل فتح الجيم إنْ أُريد به الحُكم الذي أوجبته الصِّفة، وهو من محسِّنات الكلام، كقوله:
وَإِخْوَانٍ تَخِذْتُهُمُ دُرُوعًا فَكَانُوهَا وَلَكِنْ لِلأَعَادِي
وَخِلْتُهُمُ سِهَامًا صَائِبَاتٍ فَكَانُوهَا وَلَكِنْ فِي فُؤَادِي
وَقَالُوا قَدْ صَفَتْ مِنَّا قُلُوبٌ وَقَدْ صَدَقُوا وَلَكِنْ مِنْ وِدَادِي[2]
وكقوله في مَن أودعت عنده وديعة، فادَّعى ضياعها:
إِنْ قَالَ قَدْ ضَاعَتْ فَيَصْدُقُ أَنَّهَا ضَاعَتْ ولَكِنْ مِنْكَ يَعْنِي لَوْ تَعِي
أَوْ قَالَ قَدْ وَقَعَتْ فَيَصْدُقُ أَنَّها وَقَعَتْ وَلَكِنْ مِنْهُ أَحْسَنَ مَوْقِعِ[3]
والقَسَم والدُّعاء من المحسِّنات للكلام، كقول ابن المعتز:
لا وَالَّذِي سَلَّ مِنْ جَفْنَيْهِ سَيْفَ رَدًى قُدَّتْ لَهُ مِنْ غَدَائِرٍ حَمَائِلُهُ
مَا صَارَمَتْ مُقْلَتِي دَمْعًا وَلا وَصَلَتْ غُمْضًا وَلا سَالَمَتْ قَلْبِي بَلابِلُهُ[4]
وكقوله:
جَنَى وَتَجَنَّى وَالفُؤَادُ يُطِيعُهُ فَلا ذَاقَ مَنْ يَجْنِي عَلَيَّ كَمَا يَجْنِي
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي كَعَيْنِي وَمَسْمَعِي فَلا نَظَرَتْ عَيْنِي وَلا سَمِعَتْ أُذْنِي[5]
|
|
|
03-07-2022
|
#3
|
باب تجاهل العارف
ويسمَّى[6] الإعنات، وهو أن يسأل المتكلِّم عن شيءٍ يعرِفُه سؤالَ مَن لا يعرفه تَجاهُلاً منه؛ للمبالغة في مدْح، أو ذم، أو تعظيم، أو تحقير، أو تدله، كقوله:
غَزَانِي بِلَحْظَيْهِ وَلِينِ قَوَامِه وَأَسْكَرَنِي مِنْ مَرْشَفَيْهِ رَحِيقُهُ[26ب/27أ]
فَحِرْتُ فَلا أَدْرِي أَرُمْحٌ قَوَامُهُ أَمِ السَّيْفُ عَيْنَاهُ أَمِ الخَمْرُ رِيقُهُ[7]؟!
وقوله:
وَإِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مِنْ غَرَامِي أَإِنْسَانٌ عَذُولِي أَمْ حِمَارُ[8]؟!!
وقوله:
بَدَا فَرَاعَ فَؤَادِي حُسْنُ صُورَتِهِ فَقُلْتُ هَلْ مَلِكٌ ذَا الشَّخْصُ أَمْ مَلَكُ[9]؟!
وقوله:
وَمَا أَدْرِي وَلَسْتُ إِخَالُ أَدْرِي أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ[10]؟!
وقوله:
بِاللَّهِ يَا ظَبَيَاتِ القَاعِ قُلْنَ لَنَا لَيْلايَ مِنْكُنَّ أَمْ لَيْلَى مِنَ البَشَرِ[11]؟!
|
|
|
03-07-2022
|
#4
|
باب التجريد
وهو أن يَنزع من أمرٍ ذي صفة آخرَ مثلَه فيها؛ مبالغةً في كمالها فيه، نحو: لي من فلان صديق حميم؛ أي: بلغ من الصداقة حدًّا صحَّ معه أن يستخلص منه آخرَ مثله فيها، وكقولهم: لئن سألتَ فلانًا لتسألنَّ به البحر، بالغَ في اتِّصافه بالسَّماحة، حتَّى انتزع منه بحرًا في السماحة، وقوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ} [فصلت: 28]؛ أي: في جهنَّم، وهي دار الخلد، ومنه مخاطبة الإنسان نفسه، كقوله:
لا خَيْلَ عِنْدَكَ تُهْدِيهَا وَلا مَالُ[16]
وقوله:
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِي سَلَمِ مَزَجْتَ دَمْعًا جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ[17]
|
|
|
03-07-2022
|
#5
|
باب الاستخدام
هو أن يُراد بلفظ له معنيان أحدُهما [27أ/27ب] ثم بضميره المعنى الآخر، أو يُراد بأحد ضميريه أحدهما، ثم بالآخَرِ الآخرُ، كقوله:
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا[18]
وقول البحتري:
فَسَقَى الغَضَى وَالسَّاكِنِيهِ وَإِنْ هُمُ شَبُّوهُ بَيْنَ جَوانِحِي وَضُلُوعِي[19]
فالغضى يحتمل الموضع، والشَّجر، والسُّقيا صالحة لهما، وضمير الساكنيه للموضع، وضمير شبوه للشجر.
والفرق بينه وبين التورية أنَّ التوريةَ استعمالُ أحد المعنيين من اللَّفظة، وإهمال الآخر، والاستخدام استعمالها معًا.
ومنه أن يُؤتى بلفظ له معنيان متوسطًا بين لفظين، يستخدم لكـلٍّ منهما معنـاه، كقـوله - تعالى -: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللَّهُ} [الرعد: 38، 39]، فكتاب يُراد به الوقت، ويُراد به المكتوب، وقد توسَّط بين أجل ويمحو، فباعتبار الأجل يراد به الوقت، وباعتبار يمحو يُراد به المكتوب.
|
|
|
03-07-2022
|
#6
|
ومن أنواع البديع[20]
نفي الشيء بإيجابه: وهو أن ينفي ما هو من سبب الشيء، كوصفه والمقصود في الحقيقة نفي ذلك الشيء، نحو: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، نفى الإلحاف والمقصود نفي المسألة ألبتة، قيل: وعليه إجماع المفسِّرين[21].
ونحو: {وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] نفى طاعة الشَّفيع، والمقصود نفي الشفيع أصلاً، وكقولك لمن تريد أن تسلبه الخير: ما أقل خيرَك، فظاهره يدلُّ على إثبات خير قليل، والمراد نفي الخير: كثيره وقليله.
والسلب والإيجاب: وهو أن يثبت الشيء من جهة، ويُنْفَى من جهة أخرى نحو: {فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23]، ونحو:
وَالعَاذِلُونَ بِإِيجَابِ المَلامِ غَلَوْا وَمَا غَلَوْا قِيمَةً مِنْ سَلْبِ ذَوْقِهِمُ[22]
أثبت غلوَّهم إلى تجاوزهم الحدَّ من جهة اللوم، ونفاه من جهة قيمتهم وقَدرِهم.
والترشيح: وهو لفظ يذكر لتهيئةِ نوع من البديع: استعارة، أو تورية، و طباقًا أو غير ذلك، كقوله:
وُكَلَّمَا نَسَجُوا حَوْكًا بِوَشْيِهِمُ عَنِّي لَهُمْ رَشَّحُوهُ بِاخْتِرَاعِهِمُ[23]
فالترشيح هنا في التورية والاستعارة، فالوشْي تورية؛ لأنَّ له معنيين أحدهما الثوب المنمَّق المخطَّط، والثاني الكلام الذي [27ب/28أ] ينقلُه الواشي، وذِكْر النَّسج والحوك الذي هو من لوازم الأوَّل ترشيح له، والنَّسج والحوك استعارةٌ من حقيقته إلى الكلام المنمَّق.
|
|
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:30 PM
| | | | | |