تنمية التفكير الناقد عند الأطفال

تنمية التفكير الناقد عند الأطفال


مقدمة:
وهبنا الله دماغا مختلفا عن أدمغة باقي الكائنات الحية وهذا الدماغ يعمل متواصلا خلال أوقات اليقظة، ولكن يعمل فقط فيما يخص تيسير أمور الحياة اليومية وتحليل المواقف الصغيرة، وهنا يخطر ببالنا سؤالا هاما
هل كل إنسان مفكر؟!
يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود"
نعم كل إنسان مفكر ولكن ليس المقصود بالتفكير هنا ما نعنيه ونقصده بالتفكير، وإنما مقصدنا بالتفكير هو ذلك النوع من عمل الدماغ الذي يستهدف حل المشكلات والوصول إلى شيء مجهول أو اكتشاف علاقات غير ظاهرة، فالتفكير هو انتقال من حال إلى حال.
وللتفكير أنواع عديدة منها التفكير الناقد والذي رسخ في الأذهان أنه عبارة عن نشاط ذهني يستهدف إبراز النقائض والعيوب التي يشاهدها الناقد في الحياة ولكن في الحقيقة هذا غير حقيقي لأن النقد في جوهره مجموعة من العمليات الذهنية التي تستهدف تقييم بعض الحقائق والمعلومات والأفكار وتمييز ما فيها من صواب وعكس ذلك.
مفهوم التفكير الناقد:
يعرفه بأنه "القدرة على تحليل الحقائق والأفكار والأراء وتنظيمها، وعقد المقارنات، والتوصل للاستنتاجات وتقويمها وحل المشكلات."
خصائص المفكر الناقد:

1. تمحيص وتقييم المعلومات ومحاكمتها منطقيا وبدرجة عالية من العقلانية للوصول إلى الحقيقة.
2. الحساسية نحو المشكلات والقدرة على تحديدها.
3. القدرة على اتخاذ أحكام منطقية وفعالة، عن طريق تنظيم وتحليل المعلومات والبيانات.
4. لديه الاستعداد للتغيير عند ثبوت الخطأ.
5. الوضوح في الأسئلة والعبارات، يتساءل عن كل شيء لا يفهمه ويوجه الأسئلة بطريقة مناسبة.
6. القدرة على الملاحظة وتقدير أوجه الشبه والاختلاف.
7. قادر على تحمل المسئولية، لديه ثقة عالية بالنفس.
8. الميل إلى إجابة الأسئلة التي تتميز بالصعوبة والتحدي.

مهارات التفكير الناقد:

1. الافتراضات والمسلمات: وهي مهارة التعرف على صدق المعلومات والحقائق، وصياغة الفرضيات والتنبؤات.
2. التفسير والفهم: ويعني القدرة على تحديد المشكلة وفهمها وشرحها، والتعرف على التفسيرات المنطقية وممارسة التصنيف واستخراج المعني من المعطيات وتحديد دقة المعلومات ومصادرها.
3. الاستناد إلى قواعد المنطق: بممارسة الاستنتاج والاستنباط والاستدلال.
4. التقويم: ويشمل تقويم الحجج والبراهين والتمييز بين الحقائق والادعاءات.

أهمية ممارسة التفكير الناقد:

1. رؤية الإيجابيات والسلبيات التي توجد في المجتمع لتطويره والارتقاء به.
2. تحتاج الأمم إلى من يفحص لها مساراتها ويتحسس مآلات أعمالها حتى تضبط الحاضر وترى المستقبل.
3. المجتمع بحاجة إلى النقد البناء وتجديد المفاهيم والسلوكيات، والانفتاح على الأخر والاستفادة من الرؤي والخطط والبرامج، وإحياء روح المبادرة.

المشكلات التي تعترض تنمية مهارات التفكير الناقد:

1. السرعة وقلة الصبر حتى يتصف المتعلم بخصائص المفكر الناقد.
2. تثبت البعض بالآراء السابقة، وعدم القدرة على سماع الأخرين.
3. توقع البعض الحصول على الحلول والآراء جاهزة بدون تحليل ونقد وتفكير.
4. دخول البعض في مناقشات مع عدم توافر المعلومات الأساسية للمناقشة.

تنمية التفكير الناقد عند الأطفال
أهم التساؤلات المطروحة في تعليم طفل الروضة مهارات التفكير الناقد:

1. هل نبدأ بتعليم التفكير الناقد للطفل في مرحلة الروضة؟ أم ننتظر حتي يبدأ الطفل دراسته في الابتدائية؟

مخطئ من يظن أن تدريس التفكير ليس ممكنا إلا في فترات متقدمة من عمر الطفل، وإنما أسس التفكير يجب ترسيخها مبكرا في حياة الطفل حتى تدفعهم إلى التفتح الذهني والوعي بذاتهم ومن حولهم.

1. من المسئول عن تعليم التفكير الناقد للطفل الروضة؟ هل تقع مسئولية التفكير على عاتق المعلمة فقط؟ أم يشاركه مصممو المناهج الدراسية وأولياء الأمور وكل من له علاقة بالعملية التربوية؟

تقع المسئولية على هؤلاء جميعا ولكل دوره في هذه العملية.
فوائد تعليم التفكير الناقد لطفل الروضة:

1. تعميق الإيمان بالله عز وجل من خلال التفكير في ملكوت السماوات والأرض والاستدلال على وجود الخالق وعظمته وقدرته.
2. التقليل من الجنوح الأخلاقي وفرص الجريمة لأن التفكير الناقد يعد الفرد معرفيا لإدراك العلاقات وغيرها من المفاهيم، كما يساعده في صنع القرارات الحكيمة والبعد عن التطرف.
3. تحسن القدرة على استخدام العقل بدلا من الأحاسيس والعواطف، وتحديد المشاعر وربطها منطقيا مع العواطف.
4. ينمي الاستقلالية لدى الطفل من خلال المزيد من المعرفة والاعتراف بالخطأ والتعلم منه.
5. تنمية مهارة الاستماع بعقلية منفتحة للأخرين حتى وأن كانوا مخالفين لهم في الرأي.
6. اكساب الطفل منهجية في الدراسة المستقبلية لكثير من المواد الدراسية.
7. يشجع على ممارسة الكثير من مهارات التفكير المختلفة كمهارة حل المشكلات والتفكير المتشعب والتفكير الإبداعي.
8. يشجع الطفل على المناقشة والحوار وسعة الأفق والقدرة على التواصل والتفاوض.

كيف ننمي التفكير الناقد عند الأطفال:

1. العمل على تنمية اللغة عند الطفل: لأن اللغة وسيلة لتخزين الأفكار والمفاهيم والمعلومات ووسيلة لاسترجاعها أيضا، كما أن اللغة وسيلة للتعبير والتفسير والفهم وكلما وفقنا لصياغة أفكارنا في جمل سهلة ومبدعة كان استرجاعنا لها بطريقة سهلة.

وقد أثبت علم نفس الأطفال أنهم يتعلمون التفكير عندما يتعلمون اللغة، فالطفل عندما تلمع في ذهنه فكرة فإنه يبحث عن الكلمات التي يعبر بها عنها، لذلك أصبح من الضروري تنمية الحصيلة اللغوية عند الطفل.
ومنها تنمية مهارات الطفل على القراءة التي تزيد الحصيلة اللغوية للطفل، كما أن المزيد من القراءة يؤدي إلى المزيد من إدراك العلاقات.

1. تعويد الطفل على إيجاد بدائل للحلول: هذه البدائل تكون أكثر جدوى وفاعلية.

مثال: المشكلة التي واجهت رواد الفضاء على سطح القمر في عدم التمكن من استخدام القلم في الكتابة بسبب انعدام الجاذبية التي منعت سيلان الحبر في القلم، وبعد عودتهم استغرقت بحوثهم سنوات لتطوير قلم للكتابة به في الفضاء، في حين كان هناك بديل غاية في البساطة وهو استخدام قلم رصاص للكتابة.

1. العمل على تنمية مشاعر الطفل وعواطفه بطريقة منضبطة: توفير بيئة تربوية مناسبة تغرس في نفس الطفل عواطف ومشاعر صادقة لا يشوبها خوف أو تردد لأن العواطف والأحاسيس هي التي تشكل البنية العميقة لكل شخص، فإذا صحت المشاعر والأحاسيس صح التفكير.

ومنها تعويد الطفل على ضبط مشاعره وعدم التسرع في إصدار الأحكام، فنجد أن كثيرا من الناس يتسرعون في إصدار الأحكام بدون تفكير مثال: أن كان هناك رجلا يقود سيارته فوجد امرأة ملقاه على الطريق نزل الرجل من سيارته لينقذ المرأة في حين جاء رجل أخر نزل من سيارته سريعا وأبرح الرجل الأول ضربا معتقدا أن الرجل الأول هو الذي صدمها ولم يفكر لحظة أنه ينقذها.

1. تنمية مهارة فن طرح الأسئلة عند الطفل: وذلك يكون بالقدوة والتدريب لأن فن طرح الأسئلة من صميم عمل المفكر الناقد فهو يفتح طرقا جديدة للفهم والتبصر.
2. تنمية قدرة الطفل على بناء النماذج: والتي تسهل على الطفل سرعة الفهم والتي تكون بمثابة صورة عقلية يرى الطفل من خلالها الواقع فهو أشبه بخريطة معرفية، حيث يكون النموذج مكون من عدد من العناصر فمثلا نقول للطفل ما هي صفات الطفل الصادق؟ ونبدأ بتعداد عناصر نموذج للطفل الصادق لتثبيت هذه الصفات كنموذج له وهكذا نموذج الطفل المتفوق ...نموذج الصلاة الصحيحة..
3. تنمية قدرات الطفل المعرفية مثل: التصنيف، المقارنة، الإدراك والتمييز والتقييم والقويم ويكون ذلك من خلال التدريب على الأنشطة المختلفة مثل تمارين الاختيار من متعدد وأسئلة الصواب والخطأ ورتب المجموعات ومواقف المناقشات الحرة، وذلك لأهمية هذه القدرات في تكوين العقل البشري وإثراء الأفكار من خلال المناقشات والمفارقات.

نصائح لمعلمة الروضة لتوفير بيئة صفية تنمي مهارات التفكير الناقد:

1. لا تحتكري وقت التعليم كله فتجعلي الأطفال متلقون خاملون.
2. احتوى كل الأطفال وشجعيهم على المناقشات وإبداء الرأي والمشاركات ولا تعتمدي فقط في مناقشاتك على الأطفال المتفوقة.
3. اقبلي الأفكار الغريبة والأسئلة التي تخرج عن المألوف.
4. اعطي الأطفال وقتا كافيا للتفكير قبل المناقشات والإجابات على الأسئلة.
5. التنوع في الأسئلة التي تلقيها على الأطفال بحيث تتطلب هذه الأسئلة مهارات تفكير عالية مثل استخدام أسئلة تبدأ ب "كيف" و"ماذا لو" و"لماذا"؟

نظريات تعليم مهارات التفكير الناقد لطفل الروضة:

1. تعليم التفكير الناقد بشكل مباشر: حيث تتم عملية تعليم التفكير الناقد للطفل بشكل مباشر وصيح بعيدا عن المواد الدراسية.
2. التعليم من أجل التفكير: وهي التي تتم بشكل ضمني في سياق تعليم محتوى المواد الدراسية.
3. الدمج في تعليم التفكير: يتم فيها تعليم مهارات التفكير الناقد بشكل مباشر وصريح في إطار محتوى المواد الدراسية، وهذا يعتبر وسطا بين المنظورين السابقين.

استراتيجيات تعليم التفكير الناقد

1. تعليم التفكير الناقد من خلال المناهج الدراسية: وذلك من خلال دمج التفكير الناقد في المنهج الدراسي حيث يركز المعلم على تعليم التفكير الناقد من خلال المادة الدراسية، ويمكن تعليم التفكير الناقد من خلال أشكال عديدة للمناهج منها:

المحاضرات: كطريقة لاستثارة تفكير المتعلمين من خلال التوقف بين حين وأخر وطرح الأسئلة التي تستثير تفكير المتعلمين بطريقة عقلانية منطقية مثل ماذا لو؟ - لماذا؟ - كيف؟
التمارين: التمارين الصفية جماعية وفردية.

1. تعليم التفكير الناقد كمادة مستقلة:
2. وذلك كمادة مستقلة خارج المناهج الدراسية باعتباره قدرة أو مهارة عامة بواسطة برامج خاصة بالتفكير الناقد.
3. الاتجاه التوفيقي:
4. والذي ينادي بتعليم التفكير داخل المناهج الدراسية ولكن كمادة مستقلة كغيره من المواد الدراسية ليجمع بين الاتجاه الأول والثاني.