كانَ ولا زال وسيظل الشتاء أكثر الفصول خيراً وكرماً وعطاءً، ننتظره بفارغ الصبر، لينعش الأرض ويسقي الشجر والزَهْر، نعشق رائحة أمطاره، نتنفس الصعداء ونحن نلهو وسط ثلوجه، نراقب زخات المطر الجميلة وهي تتساقط بكل حبٍّ على نوافذنا، ونحن نعانق أغطيتنا ومدافئنا، نستمتع بقدومه، ونسعدُ بحضوره، هو الزائر الكريم، والضيف العزيز، غزير الثراء، وجزيل العطاء.
في كل وقتٍ من هذا العام يجتهدُ أئمة المساجد في صلاة الاستسقاء طلباً للمطر والشتاء، ويكثرون الدعاء بأن يمنّ الله عليهم بسقيا رحمة لا سقيا عذاب، وعلى صعيدٍ آخر وفي بقعةٍ موحشةٍ على هذا الكوكب، بشرٌ يخافون المطر، يرتعبون من قدوم الثلوج، لا ملاذ لهم من البَرْد، لا مدافئ عندهم ولا شعلة حطب، غطاؤهم خيمة، سقفها باردٌ شفافٌ يروْن من خلاله سحابة وغيمة، حكاياتهم في الشتاء موجعة، ونكباتهم بحضور المطر لا تنتهي.
سنسأل المولى أن يخفف عنهم برد الشتاء، وقسوة الثلج، فما خاب من رفع يديه راجياً رب السماء، وحده من يسمع الدعاء ويلبي النداء، ارحم إلهي شعوب الخيام، احفظهم بعينك التي لا تنام، امنحهم السكينة والهدوء والسلام، اكتب لهم العودة لأوطانهم والاستقرار في أحضان بيوتهم، والتنعّم بدفء جدرانهم، امنحهم الصبر والسلوان، واجعل الأسى لا يعرف لطريقهم عنوان .
- -
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ألينَا على المشاركة المفيدة: