تعرف على وظائف الرسل والأنبياء
الاصلاح الاجتماعى من وظائف وأهداف الأنبياء، وفي سلوكهم العملي مع أقوامهم .. ما هي أهم جوانب الاصلاح الاجتماعى للأنبياء والرسل؟ وهل لابد للمصلح أن يكون قدوة؟
يقول الدكتور، محمود عبده نور الدين، رئيس قسم التاريخ والحضارة، بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر، فرع أسيوط، إن القدوة في الأنبياء والرسل، أمر مهم، فلابد للمصلح أن يكون قدوة في موطن الإصلاح، والأنبياء كانوا قدوة في كل الخصال الحسنة.
يقول تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيل وَالْيَسَع وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ وَالْحُكْم والنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْوَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ).
ويقول تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُم ْوَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ المَصِير)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)
كيف كان نوح قدوة في الصبر وتحمل إيذاء الكافرين؟
وقد كان نوح، عليه السلام، قدوة في الصبر على هداية قومه وصلاح حالهم فقد لبث فيهم تسعمائة وخمسين سنة، وهو يدعوهم بكل وسائل الدعوة، ليلاً ونهاراً.. سراً وجهاراً.
كيف كان إبراهيم وإسماعيل قدوة أيضا في الامتثال؟
كان إبراهيم وإسماعيل قدوة في الامتثال لأمر الله وطاعته فيما وصفه الله ــ تعالى ــ بأنه "البلاء المبين".
وكيف كان يوسف في عفته قدوة؟
كان يوسف قدوة في العفة وضبط النفس ومقاومة كيـد النساء وكان أيوب قدوة في الصبر على البلاء في نفسه وأهله وماله، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قدوة في كل شيء، ومن الأنبياء السابقين من جمع خصال الخير في أمة كاملة مثل إبراهيم عليه السلام، (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً)، النبي من قومه وأخ لهم.
قال تعالى: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ)، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوَهُمْ نُوحٌ أَلاتَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)
وماذا عن عاد ومن هو عاد؟
(كَذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوَهُمْ هُودٌ أَلاَتَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوَهُمْ صَالِحٌ أَلاَتَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)، (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوَهُمْ لُوطٌ أَلاَتَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)، (كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَتَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)، وهكذا فإن حكمة الله اقتضت أن يكون النبي أو الرسول وثيق الصلة بقومه فهو منهم وأخوهم، وهم يعرفونه معرفة كاملة، وهو قدوة في كل سلوكيات حياته بينهم، لعل هذا يكون مسوغاً لاتباعه فيما جاء به في الجانب العقدي والجانب العملي وفى كل حياتهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
كيف دعى النبي قومه إلى الصراط المستقيم؟
وكان كل رسول، كما يقول بعض العلماء، يدعو قومه إلى الصراط المستقيم، ويبينه لهم ويهديهم إليه، فضلاً عن مقاومة الانحراف الحادث في عهده وبلده، وهكذا أنكر هود على قومه الاستعلاء في الأرض والتجبر فيها، وأنكر صالح على قومه الإفساد في الأرض واتباع المفسدين، وحارب لوط جريمة اللواط التي انتشرت في قومه، وقاوم شعيب في قومه جريمة التطفيف في المكيال والميزان .
ماهي رسالة شعيب وكيف كان الإصلاح مهمًا لديه؟
شعيـب والإصـلاح:
تعد رسالة شعيب عليه السلام من النماذج البارزة كنموذج للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن الدور الديني، وفي إطار ذلك يأتي قوله تعالى على لسان شعيب: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)؛ أي أرأيتم، كما يقول بعض العلماء، يا قومي إن كنت على بينة من ربي، أي على بصيرة فيما أدعوا إليه، ورزقني منه رزقاً حسناً أي رزقاً حلالاً واسعاً وهدى وتوفيقاً وعلماً ومعرفة أفلا أنهاكم عن الضلال؟ وإذا كنت على الوصف الذى ذكرت أأتبع الضلال والضالين؟ وتأمرونني بالعصيان في البخس والتطفيف؟ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، أي لم أكن أنهاكم عن شيء وأفعله، (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)، أي لست أبغى فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا صلاحكم وإصلاحكم بقدر جهدي وطاقتي، بأن تصلحوا دنياكم بالعدل وآخرتكم بالعبادة، وما توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله في جميع أموري وإليه أنيب أي أرجع.
وأيضا قوله ــ تعالى على لسان شعيب، وهو يخاطب قومه: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مفسدين)، وهذه جوانب اقتصادية واجتماعية، فضلا عن أبعاد أخرى.
وإلى حلقة أخرى بإذن الله.
ورمضان كريــم
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتـور علـى
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|