فى نور البيان القرآنى
۩۩ فى نور البيان القرآنى
قال تعالى : {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } التكاثر
♣♣ تأمل لفظ ( ألهاكم ) + لفظ ( التكاثر )
- الإلهاء فيها بالتكاثر.
وهو لغة :
تفاعل من الكثرة نقيض القلة ،
ونماء العدد
- فالإمام الطبري ذهب إلى
"أنها المباهاة بكثرة المال والعدد ....
وعن قتادة أنه قال :
كانوا يقولون :
نحن أكثر بني فلان ونحن أعد من بني فلان"
♣ ♣ {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}:
في حتى ، هنا معنى الغاية ،
فغاية التكاثر إلى زيارة المقابر ،
وليس وراء هذا التكالب إلا المقابر ،
يأتي بها القرآن كهذا إثر التكاثر
فيبلغ الترويع منتهاه بقصر المسافة بينهما ،
والانتقال السريع بل المباغت ،
من التكاثر إلى المقابر ...
♣ ♣ واستعمال الزيارة بهذا المعنى
، صريح الإيحاء بأن الإقامة
في القبر ليست إقامة دائمة ،
وإنما نحن فيها زائرون ،
والزائر غير مقيم ،
وسوف تنتهي الزيارة حتماً
إلى بعث وحساب وجزاء.
وهذا الإيحاء ينفرد به لفظ {زُرْتُمُ}
دون غيره ، فلا يمكن أن يؤديه لفظ آخر ،
كأن يقال صرتم ،
أو رجعتم أو انتهيتم ،
أو أبتم وألتم ،
وليس القبر المصير والمرجع والمآب والمال.
كما لا يقال :
سكنتم في المقابر ،
أو أقمتم بها ،
إلى غير ذلك من ألفاظ تشرك كلها في الدلالة
على ضجعة القبر
♣ ♣ وتأمل الجرس الصوتى بين
: التكاثر ... المقابر !!
- هذا ليس لمجرد المشاكلة اللفظية
والرنين الصوتي ،
وإنما هي الملاءمة المعنوية أيضاً
بين التكاثر والمقابر بما فيهما
من سعة وشمول وعموم ،
وهو هو الإعجاز البياني
يوجز رحلة الدنيا وعبرة الموت
ونذر المصير ، في أربع كلمات فحسب ،
تفجأ اللاهين في نشوة الدنيا ،
بصدمة {زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}
ليس بينها وبين {الْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}
إلا "حتى" ،
أداة غاية.
------------------------------------
التفسير البيانى للقرآن الكريم
د. عائشة عبد الرحمن
لكم جميعــا خالص تحياتى وتقديرى
الدكتـــور علـى
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|