«قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ..»
«قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ..»
نحنُ جميعاً، خَلْقُ اللَّهِ، صُنْعُ اللَّهِ ،
جلتْ قدرتُه، نواصينا بيَدِه،
ماضٍ فيَّنا حُكْمُه، عَدْلٌ فيَّنا قَضاؤه،
ولذلكَ،
كُلُّ حركاتِ الإنسانِ وسَكناتِه،
يجبُ أنْ تكونَ محكومةً باللهِ تَعَالَى ،
وأوامرِه ونواهيه .
الدِّينُ للهِ ، والوطنُ للجميعِ،
مقولةٌ تترددُ دوماً،
وقد يُخطئُّ الكثيرون فى تفسيرِها ،
على الوجهِ الأدقِ والأصحِ،
فالمقصودُ بها حقاً، أنَّ الدِّينَ يجبُ
أنَّ يكونَ خالصاً للهِ وحدَه،
مع اتساعِ الوطنِ للجميعِ ،
المسلمين وغيرِ المسلمين،
بمعنى حريةٌ كاملةٌ، تامةٌ غيرُ منقوصةٍ،
للاعتقادِ، دونَ تمييزٍ أوتضييقٍ
أو إرهابٍ، وليسَ المقصودُ بها،
فصلَ الدِّينِ عن الدولةِ،
حتى لا تكونَ هناك مرجعيةٌ
لشرعِ اللهِ تَعَاَلى، على شىء..
وعلى هَذَا الأساسِ،
يكونُ الدِّينُ للهِ، والوطنُ كذلكَ للهِ،
ولا تعارضَ فى الأمرِ،
فاللهُ جلَ شأنُه، خالقُ الأوطانِ،
خالقُ كُلِّ شىء .
لقد أثبتتْ تجاربُ الإنسانيةِ كُلِّها،
أنَّ قوةَ الإنسانِ الحقيقيةَ ، يستمدُها من ربِه ،
وما عداه، أوهامٌ وأكاذيبُ، والأقوياءُ حقاً ،
هم أولئك العالقون، بقويٍّ حقيقيٍّ،
دائمٍ حيٍّ لايموتُ :
«وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِى لَا يَمُوتُ» ..
الناسُ يضعُفون ، ينسون ، يتقلبون،
يتغيرون، يرقدون، يتغافلون،
وأخيراً يموتون،
فلا يمكنُ أنْ يكونوا سنداً حقيقياً،
وعوناً أساسياً،
وكثيراً سَمِعناهم يقولون:
لقد خذلونا ! ماتَ ربُ العملِ،
وتغيرَ ورثتُه من بعدِه ،
فما عادوا ينُصِفون، وما عادوا يعدِلون،
فأصابَهم الهمُ والحزنُ،
إذ تغيرتِ الأقوالُ، وتبدلتِ الأحوالُ،
ويقولُ أحدُهم فى نفسِه،
وربما شاكياً للناسِ:
لو كانَ أبوهم حَياً،
ما حدثَ ليِّ هَذَا !
على مَنْ كُنتَ تتوكلُ إذن ؟
على ميتٍ، وأنتَ ميتٌ ، وكُلُّنا ميتون !
كانَ لزاماً، ليرتاحَ قلبُك،
وتقرَ عينُك، أنْ تتوكلَ، ومن البدايةِ،
عَلَى الْحَيِّ الَّذِى لَا يَمُوتُ .
«وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ» ..
أى يبيعُ نفسَه، بما وعدَ اللهُ المجاهدين
فى سبيلِه، لماذا يفعلُ ذلكَ ؟
ويُضحى بروحِه التى بينَ جنبيه ؟
قناعةً وإيماناً منه، بأنَّ الشاريَّ اللهُ :
«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ
وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ..»
إنَّ المؤمنَ الصادقَ،
إنْ أرادَ معيةَ اللهِ حقاً،
وهبَ نفسَه ومالَه وعلمَه للهِ،
واختارَ طريقاً يُعينُه على نشرِ الحقِ ،
وعملاً يخدمُ به الناسَ،
هو بذلكَ يجعلُ الدارَ الآخرةَ
فى كُلِّ حساباتِه ،
فالهدفُ لما يكونُ واضحاً تماماً،
فكُلُّ الجزئياتِ تنسجمُ مع هَذَا الهدفِ .
حتى فى الحُبِ والكراهيةِ،
تُنتَزَعُ الأهواءُ والأغراضُ،
قالَ صلى الله عليه وسلم :
«لاَ يَجِدُ أَحَدٌ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ
حَتَّى يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ..»
قالوا فى أمثالِنا :
عندَما تشعرُ أنَّك (مخنوق)
اذهبْ للخالقِ (لا للمخلوق ) ..
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتـور علــى