03-21-2021
|
03-21-2021
|
#2
|
03-21-2021
|
#3
|
من روائع وصايا الآباء لمؤدبي أبنائهم ومعلميهم (3)
وائل حافظ خلف
وصايا أُخَرُ لعبدالملك بن مَرْوَانَ:
الحمد لله كما حمِد نفسه في كتابه، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله.
أما بعد:
فهذه – أسعدك الله - هي الحلقة الثالثة من روائع وصايا الآباء للمؤدبين والمعلمين، نذكر فيها على اسم الله تعالى وعونه صدرًا من وصايا عبد الملك؛ بِناء على ما قد سبق وتتميمًا، ومنه ابتداء.. واللهَ نسأل إخلاصًا وقَبولاً...
♦ ♦ ♦ ♦
وصية أخرى من وصايا عبدالملك للشعبي
أيُّهذا الفاضل الأريبُ:
قد مر في المقالة السابقة ذكر وصية أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان للإمام عامر بن شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ معلم ولده، وكان من أماثل القوم... ونقول زائدًا إلى ما تقدم:
يروى أن عبد الملك كان يقول أيضًا للشعبي مؤدب ولده:
«علِّمْ ولدي العَوْم، وخُذْهُم بقلة النوم، فإنهم يجدون من يكتب عنهم، ولا يجدون من يسبح عنهم».
أوردها الزمخشري في "ربيع الأبرار".
وأولها عند العلامة المتفنن أبي العباس الْمُبَرِّد في موضعين من "الكامل في اللغة والأدب" (ج1/ص77)، و(ج1/ص311) ط/ مؤسسة المعارف ببيروت، ولفظه في الموضع الأول:
«...وهذِّبْهم بقلة النوم».
قلت:
كأن آخر الوصية محمول على عبدالملك، وإنما هو للعبد الحجاج بن يوسف فهو به ألصق، وما أحسبه تبع فيه عبد الملك واحتذاه، بل هو الذي كان يوصي مؤدب أولاده أن يعلمهم السباحة ويلح، حتى كان يقدمها على الكتابة!
ومما يشهد لك بذلك ما عند الجاحظ في "البيان" (ج2/ص92)، وابنِ قتيبة في "العيون" (ج2/ص166)، وابن عبد البر في "البهجة" (ق1/ج2/ص769)، وعنه ابن مفلح في "الآداب" (ج1/ص480-481)، أن الحجاج قال لمؤدب بنيه:
«علِّمْ ولدي السِّباحةَ قبل الكتابة، فإنهم يصيبون من يكتب عنهم ولا يصيبون من يسبح عنهم». انتهى.
وهذا إنما قاله الحجاج بإيعاز من خلقه وعلى قدر طبعه ومقدار رأيه، والكمال أن يجمع بينهما، فإن تزاحمت الأمور قدمت الكتابة... واسَوْءَتا! ماذا أقبح من مطاع جاهل؟!
وقد كان ابن التوءم يقول: «من تمام ما يجب على الآباء من حفظ الابناء: أن يُعلِّموهم الكتاب والحسابَ والسباحة».
وكانت العرب تُسَمِّي الرجل، إذا كان يكتب ويُحْسِنُ الرَّمْيَ ويحسن السباحة ويقول الشعر، الكاملَ.
♦ ♦ ♦ ♦
وصية عبدالملك بن مَرْوَانَ لإسماعيلَ بن عبيدالله بن أبي المهاجر مؤدِّبِ ولده
قال ابن حبان في "روضة العقلاء": أخبرنا محمد بن سعيد القزاز، حدثنا الفضل بن العباس البغدادي، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الهيثم بن عمران، قال: سمعت إسماعيل بن عبيدالله يقول:
«كان عبد الملك بن مراون يأمرني أن أجَنِّب بنيه السمن، وكان يأمرني أن لا أطعمهم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز». وكان يقول: «عَلِّمْ بَنِيَّ الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب وإن كان فيه كذا وكذا. يعني: القتل».
وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال"[1]، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا الهيثم بن عمران، سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول:
«أمرني عبدالملك بن مروان أن أجنب بنيه السمن، وأن لا أطعمهم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز، وأن أجنبهم الكذب وإن كان فيه بعض القتل».
وروَى بعضًا منه في "مكارم الأخلاق"، وفي كتاب "الصمت وآداب اللسان" برقمي (448، 524/تحقيق الشيخ الحويني)، بالإسناد عينه[2].
وساقه الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الملك من "تاريخ دمشق" (ج37/ص147)، من طريق عبيدالله بن سعد، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة... بسنده سواء.
[1] (ص80) رقم (338) ط/ مكتبة القرآن.
[2] لكن وقع تحريف في الموضعين في اسم الإمام الكبير إسماعيل بن عبيد الله؛ فوجب التنبيه.
|
|
|
03-21-2021
|
#4
|
من روائع وصايا الآباء لمؤدبي أبنائهم ومعلميهم (4)
وائل حافظ خلف
ابن أبي الدنيا[1]: حدثني الحسين بن عبدالرحمن، قال: أوصى مسلمة بنُ عبدالملك مؤدبَ ولده فقال له:
«إني قد وصلت جناحك بعضدي، ورضيت بك قرينا لولدي؛ فأحسِنْ سياستهم تَدُمْ لك استقامتهم، وأسهلْ بهم في التأديب عن مذاهب العنف وعلِّمهم معروف الكلام، وجنِّبْهم مصادقة اللئام، وانْهَهُم أن يُعرفوا بما لم يَعرفوا، وكن لهم سائسا شفيقًا، ومؤدِّبًا رفيقًا؛ تُكسبك الشفقةُ منهم المحبةَ، والرفق حُسن القبول ومحمودَ الْمَغَبَّة، ويمنحك ما أدى من أثرك عليهم وحسن تأديبك لهم مني جميلَ الرأي وفاضلَ الإحسان ولطيف العناية».
• • •
وصية أخرى لمَسْلَمَةَ بن عبدالملك
عن محارب قال: قال مسلمة بن عبدالملك لحاضن بَنِيه:
«رَوِّ بَنِيَّ الشِّعرَ؛ فإنه صلة في عقولهم، وطول في ألسنتهم، وهو أجود لهم».
[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال" (ص82) رقْم (344)].
• • •
وصية هشام بن عبد الملك لمؤدب ولده
قال هشام لمؤدب ولده:
«إذا سمِعتَ منه الكلمة العوراء في المجلس بين جماعة فلا تؤنبه لتخجله، وعسى أن ينصر خطأه فيكون نصره للخطأ أقبحَ من ابتدائه به؛ ولكن احفظها عليه فإذا خلا فرُدَّه عنها».
[أوردها أبو الفرج ابن الجوزي في أول الباب التاسع من كتاب "الأذكياء"].
[1] في كتاب "العيال".
|
|
|
03-21-2021
|
#5
|
وصية هارون الرشيد لخلف الأحمر معلم ولده الأمين
وائل حافظ خلف
من أحسن مذاهب التعليم ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده.
قال خلف الأحمر: بعث إليَّ الرشيدُ في تأديب ولده محمد الأمين، فقال:
«يا أحمرُ، إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعته لك واجبة؛ فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين:
أَقْرِئْهُ القرآن، وعرِّفه الأخبار، وروِّه الأشعار، وعلمه السنن، وبصِّرْه بمواقع الكلام وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه.
ولا تَمُرَّن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه فتميتَ ذهنه.
ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفَه.
وقوِّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإنْ أباهما فعليك بالشدة والغلظة».
["مروج الذهب" للمسعودي (ج3/ص254) ط/ دار إحياء التراث العربي، و"مقدمة ابن خَلدون"، وأطلنا النفس في الكلام على ذي الوصية في شرحنا الكبير على "المقدمة"، المسمى "نزهة العيون"].
♦ ♦ ♦
ولهارونَ الرشيدِ كلام وصَّى به بنيه حين سمعهم يتعاطَوْن الغريب في محاورتهم ويجنحون إلى الغليظ من الكلام، ننسخه لك من "وصايا الآباء للأبناء"..
قال هارون لبنيه:
(( لا تَحْمِلُوا ألسنتَكم على وَحْشِيِّ الكلام، ولا تُعَوِّدُوها المستشنع ولا المتصنع؛ فان العادة ألزم من الطبع.
واعتمدوا سهولة الكلام من غير استكراه ولا مؤونة تَكلُّف.
سيِّدُ الكلام ما ارتفع عن طبقة العامة، وانخفض عن درجة المتشدقين، وخالف سُبُل المُغْرِقين.
فليكن كلامكم قَصْدًا، وألفاظكم عددًا؛ فإن الإكثار يمحق البيان، ومِن قِبَلِهِ تحدث الآفةُ على اللسان.
وتحامَوا الأُنس بالسلطان، وكلما رفع دونكم سترًا من الحشمة فاحتجبوا عنه بستر من الإعظام، وكونوا أشدَّ ما يكون لكم بسطًا أشدَّ ما تكونون له هيبة )).
|
|
|
03-21-2021
|
#6
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:17 AM
| | | | | |