ننتظر تسجيلك هـنـا


( سجادة حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية )  
 
 
{ثمانية سنوات من العطاء الممزوج بالحب سنوية رواية عشق   )
   
{ أغار عليه من عيون تشوفه وخافقي مسدود - مجلة رواية عشق   )
   
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~
    سكرة"     رحيل"     أمنية"     نسائم"     البرنس"     العز"     الدكتور"     عشق"     كراميلا"     مثلي"     غرام"     امنية"     ضل"     رزان"     هند"

العودة   منتدى رواية عشق > ۩ القِسـم الإسلامـي ۩ > ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩

الملاحظات

۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ غيمَة الرُوح فِي رِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ".

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-08-2021
Şøķåŕą متواجد حالياً
Egypt     Female
SMS ~ [ + ]
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
 
 عضويتي » 1870
 اشراقتي ♡ » Jun 2021
 كُـنتَ هُـنا » منذ 4 دقيقة (08:13 PM)
موآضيعي » 25259
آبدآعاتي » 7,576,587
 تقييمآتي » 2348939
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » ☆بعالم الحب يا حب ❤️ ☆
آلعمر  » ❤
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
تم شكري »  55,043
شكرت » 28,636
الاعجابات المتلقاة » 14469
الاعجابات المُرسلة » 2594
مَزآجِي  »  الحمدلله
мч ѕмѕ ~
 
Q70 الصلح خير



الصلح خير

المقدمة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.

أما بعد: فإن المتأمل في أحوال الناس، يجد أن المجتمعات لا تخلو من المشاكل وأن الكثير من الاعتداءات على الأرواح، وضياع الحقوق وتشتت أفراد الأسرة الواحدة، إنما يرجع إلى التهاون في الإصلاح بين المتخاصمين. إن شريعتنا الإسلامية الغراء قد بينت لنا الطريقة المثلى للصلح بين الناس، حتى ينتشر الأمن والسلام بين أفراد المجتمع، وتحل الألفة والمودة محل الحقد والكراهية ويتوقف الإنسان عن التفكير في الثأر والانتقام ويوفر جهده ووقته للتفكير فيما فيه صلاح نفسه وأسرته ومجتمعه الذي يعيش فيه. وقد تناولت الحديث في هذه الرسالة عن معنى الصلح فضله وكيفيته ثم ختمت الرسالة بذكر نماذج مشرقة للصلح بين الناس. أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العِلْم. وآخرُ دعوانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
معنى الصلح:
الصلح في اللغة: اسم من المصالحة، وهي المسالمة بعد المنازعة. (التعريفات للجرجاني صـ176 رقم 877).

الصلح في الشرع: مُعَاقَدَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الناس. (المغني لابن قدامة بتحقيق التركي جـ7 صـ5).

جاءت كلمة الصلح بمشتقاتها في القرآن الكريم، ثلاثون مرة. (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم صـ410).

أهمية الإصلاح بين الناس:
إننا لو تتبعنا الحوادث وراجعنا الوقائع لوجدنا أن ما بالمحاكم من قضايا، وما بالسجون من بؤساء، يرجع أكثره إلى إهمال الصلح بين الناس حتى عَمَّ الشرُ القريبَ البعيدَ، وأهلك النفوس والأموال وقضى على الأواصر وقطع ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام، وذهب بريح الجماعة وبعث على الفساد في الأرض. ومن تأمل ما عليه الناس اليوم وجد أن كثيرًا منهم قد فسدت قلوبهم وخبثت نياتهم لأنهم يحبون الشر، ويميلون إليه ويعملون على نشره بين الناس، ومن أجل ذلك يتركون المتخاصمين في غضبهم وشتائمهم وكيد بعضهم لبعض حتى يستفحل الأمر ويشتد الشر، و يستحكم الخصام بينهم وينتقلون من الكلام إلى القذف والطعن، ومن ذلك إلى اللطم إلى العصي، ومن العصي إلى السلاح، ثم بعد ذلك إلى المراكز ثم إلى السجون، والناس في أثناء ذلك كله يتفرجون ويتغامزون ويتتبعون الحوادث ويلقطون الأخبار، بل قد يلهبون نار الفتنة والعداوة ولا يزالون كذلك حتى يقهر القوى الضعيف ولو كان ذلك بالباطل والزور والبهتان بدون خوف من الله ولا حياء من الناس وتكون النتيجة بعد ذلك ضياع ما يملكون من مال أو عقار، وقد كان يكفي لإزالة ما في النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهية، كلمة واحدة من عاقل لبيب، ناصح مخلص، تقضي على الخصومات في مهدها فيتغلب جانب الخير ويرتفع الشر وتسلم الجماعة من التصدع. (موارد الظمآن لعبد العزيز السلمان جـ2 صـ529).

فضل الإصلاح بين الناس في القرآن:
جاءت آيات كثيرة في القرآن تتحدث عن فضل الإصلاح بين الناس.

قال سُبحانه: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ [النساء: 85].

قال القرطبي (رحمه الله): مَنْ شَفَعَ شَفَاعَةً حَسَنَةً لِيُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ اسْتَوْجَبَ الْأَجْرَ. (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ295).

وقال ابن كثير (رحمه الله):مَنْ سَعَى فِي أَمْرٍ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ خَيْرٌ، كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ. (تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ4 صـ281).

ويقول الله تعالى أيضًا: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224].

قال ابنُ جرير الطبري (رحمه الله): لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ قُوَّةً لِأَيْمَانِكُمْ فِي أَنْ لَا تَبَرُّوا، وَلَا تَتَّقُوا، وَلَا تُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَرَأَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْبِرِّ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ فَلْيَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ، وَلْيَبَرَّ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلْيُصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ. (جامع البيان لابن جرير الطبري جـ2 صـ402).

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ. (مسلم – كتاب الإيمان حديث 13).

يقول الله تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

قال ابنُ جرير الطبري (رحمه الله): لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَى النَّاسِ جَمِيعًا ﴿ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ ﴾ وَالْمَعْرُوفُ: هُوَ كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَدَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ ﴿ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْمُتَبَايِنَيْنِ أَوِ الْمُخْتَصِمَيْنِ بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمَا لِيَتَرَاجَعَا إِلَى مَا فِيهِ الْأُلْفَةُ وَاجْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ وَأَمَرَ بِهِ. ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا وَعَدَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ﴾ يَقُولُ: " وَمَنْ يَأْمُرْ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ مِنَ الْأَمْرِ، أَوْ يَصْلُحْ بَيْنَ النَّاسِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، يَعْنِي طَلَبَ رِضَا اللَّهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ ﴿ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ يَقُولُ: " فَسَوْفَ نُعْطِيهِ جَزَاءً لِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَظِيمًا، وَلَا حَدَّ لِمَبْلَغِ مَا سَمَّى اللَّهُ عَظِيمًا يَعْلَمُهُ سِوَاهُ. (جامع البيان للطبري جـ4 صـ276).

فضل الإصلاح بين الناس في السُّنة:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ. (البخاري حديث 2989 / مسلم حديث 1009).

قال الإمام النووي (رحمه الله): قوله صلى الله عليه وسلم (يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ): أَيْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ. (مسلم بشرح النووي جـ4 صـ103).

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4111).

قال شمسُ الحق آبادي (رحمه الله): فِي الْحَدِيث حَثٌّ وَتَرْغِيب فِي إِصْلَاح ذَات الْبَيْن وَاجْتِنَاب عَنْ الْإِفْسَاد فِيهَا، لِأَنَّ الْإِصْلَاح سَبَب لِلِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّه وَعَدَم التَّفَرُّق بَيْن الْمُسْلِمِينَ، وَفَسَاد ذَات الْبَيْن ثُلْمَة فِي الدِّين فَمَنْ تَعَاطَى إِصْلَاحهَا وَرَفَعَ فَسَادهَا نَالَ دَرَجَة فَوْق مَا يَنَالهُ الصَّائِم الْقَائِم الْمُشْتَغِل بِخُوَيْصَةَ نَفْسه. (عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ13 صـ178).

روى البيهقيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَصَلَاحِ ذَاتِ الْبَيِّنِ، وَخُلُقٍ حَسَنٍ». (حديث صحيح) (صحيح الجامع الصغير للألباني حديث 5645).

جواز الأخذ من الزكاة للإصلاح بين الناس:
مما يدل على عناية الشريعة الإسلامية المباركة بالإصلاح بين الناس أنه يجوز للمصلح بين المتخاصمين أن يُعطى من الزكاة أو من بيت المال لأداء ما تحمله من ديون في سبيل الإصلاح بين الناس، وإن كان غنيًا، وذلك بدليل ما يلي:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

قال الإمام القرطبي (رحمه الله) - عند تفسيره لقول الله تعالى: ﴿ وَالْغَارِمِينَ ﴾ -: يَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ فِي صَلَاحٍ وَبِرٍّ أَنْ يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُؤَدِّي مَا تَحَمَّلَ بِهِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، إِذَا كَانَ ذَلِكَ يُجْحِفُ بِمَالِهِ كَالْغَرِيمِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ بن حنبل وغير هم. (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ8 صـ171).

روى مسلمٌ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا. فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا. قَالَ ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ.) (مسلم حديث 1044).

قال الإمامُ النووي (رحمه الله) قَوْله: (تَحَمَّلْت حَمَالَةَ) هِيَ بِفَتْحِ الْحَاء، وَهِيَ الْمَال الَّذِي يَتَحَمَّلهُ الْإِنْسَان أَيْ يَسْتَدِينُهُ وَيَدْفَعهُ فِي إِصْلَاح ذَات الْبَيْن كَالْإِصْلَاحِ بَيْن قَبِيلَتَيْنِ وَنَحْو ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَحِلّ لَهُ الْمَسْأَلَة، وَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاة بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَدِينَ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ. (مسلم بشرح النووي جـ4 صـ144).

جماعة الإصلاح بين الناس:
إن اللهَ عز وجل قد أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمته وبين لنا المنهج القويم لنسير عليه ليصبح المجتمع الإسلامي مجتمعًا تسوده المحبة والمودة والألفة بين أفراده، ولا يخلو مجتمع من مشاكل أو منازعات بين أفراده، ولذا يجب أن يكون في كل مسجد، وفي كل حي وفي كل شركة أو مصنع أو مدرسة أو مؤسسة حكومية أو خاصة، جماعة من أهل الدين والفضل والعلم تقوم بالإصلاح وتوقف الظالم عن ظلمه وترده إلى رشده وصوابه. ولقد حثنا الله على ذلك حيث يقول سبحانه في محكم التنزيل: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].

وقال تعالى: ﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأعراف: 181].

وينبغي على هذه الطائفة المباركة أن تبذل من أموالها وجهدها ووقتها قدر طاقتها لحل المنازعات بين المتخاصمين لتعود المودة بين أفراد المجتمع المسلم من أجل ذلك فإن هذه الطائفة المصلحة العادلة في حكمها، لها منزلة عظيمة عند الله تعالى يوم القيامة.

روى مسلمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمُقْسِطِينَ (أَيْ العادلون) عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا (أَيْ كَانَتْ لَهُمْ عليه ولاية). (مسلم حديث 1827).

فهنيئًا لك يا مَن تصلح بين الناس ابتغاء وجه الله تعالى.

الشيطان يقف بالمرصاد لمن يريد الإصلاح:
يجب على كل مسلم أن يعلم أن الشيطان هو عدوه الأكبر وأنه له بالمرصاد فليكن على حذر منه.

يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 60].

قال الإمامُ ابنُ كثير (رحمه الله):
(إِنَّ الشَّيْطَانَ مُبَارِزٌ لَكُمْ بِالْعَدَاوَةِ، فَعَادُوهُ أَنْتُمْ أَشَدَّ الْعَدَاوَةِ، وَخَالِفُوهُ وَكَذِّبُوهُ فِيمَا يَغُرُّكُمْ بِهِ، ﴿ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ أَيْ: إِنَّمَا يَقْصِدُ أَنْ يُضِلَّكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوا مَعَهُ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ، فَهَذَا هُوَ الْعَدُوُّ الْمُبِينُ. فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْقَوِيَّ الْعَزِيزَ أَنْ يَجْعَلَنَا أَعْدَاءَ الشَّيْطَانِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا اتِّبَاعَ كِتَابِهِ، وَالِاقْتِفَاءَ بِطَرِيقِ رَسُولِهِ، إِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ. (تفسير ابن كثير جـ 6 صـ: 534).

ويحاول الشيطان الرجيم جاهدًا أن يبعد المسلم عن القيام بالصلح بين المتخاصمين ويوسوس له أنه سوف يتعرض للأذى أو ينال الناس من عرضه وأن هذا الصلح سوف يجعله يفقد ماله وجهده ووقته وأن غيره من الناس يمكن أن يكفيه الصلح بين المتخاصمين، فعند ذلك يجب أن يستعيذ المسلم بالله من الشيطان الرجيم، ويتذكر قوله تعالى: ﴿ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 200: 201].

وعلى المسلم أن يتذكر أيضًا أن الصلح بين الناس له منزلة عظيمة عند الله تعالى وهو باب عظيم من أبواب مغفرة الذنوب، يجب عليه أن يسارع إليه.

يقول الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133: 134].

صفات الذي يصلح بين الناس:
ذكرَ أهلُ العلم صفات ينبغي توافرها فيمن يتصدى للإصلاح بين الناس، ويمكن إجمالها فيما يلي:
أولًا: إخلاص العمل لله وحده:
يجب على مَن يقوم بالإصلاح بين الناس أن يعلم أن أساس الثواب وقبول الأعمال عند الله تعالى يكون بإخلاص العمل لله وحده، وأن يكون بعيدًا عن الرياء والسمعة وأن لا ينظر العبد مدح الناس له على أعماله فعدم إخلاص النية لله تعالى يحبط الأعمال الصالحة. يقول الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 65: 66].

وقال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].

روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. (البخاري حديث 1).

ثانيًا: العلم:
يجب على من يتصدى لمهمة الإصلاح بين الناس أن يكون على علم بأحكام الشريعة الإسلامية في القضية التي يصلح فيها وبأحوال من يصلح بينهم حتى يقتصر تصرفه في حدود الشرع الشريف، لأنه إذا كان جاهلًا بهذه الأمور فإنه سوف يفسد أكثر مما يصلح.

ثالثًا: الرفق وحسن الخلق:
الرفق وحُسْنُ الخلق من الصفات التي يجب أن تتوافر فيمن يصلح بين الناس لأن العنف المفرط قد يؤدي إلى مفسدة عظيمة لا يُحمد عقباها. وهذا الخلق الحميد من الرفق ولين الجانب هو الذي تربى عليه الأنبياء والمرسلون وساروا عليه عند الإصلاح بين الناس، والإسلام يحثنا على الرفق وحسن الخلق مع الناس.

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

وقال الله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].

روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ. (مسلم حديث 2594).

قال الإمامُ النووي (رحمه الله): هَذَا الحديثُ فِيه فَضْلُ الرِّفْقِ وَالْحَثُّ عَلَى التَّخَلُّقِ وَذَمُّ الْعُنْفِ وَالرِّفْقُ سَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ وَمَعْنَى يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ أَيْ يُثِيبُ عَلَيْهِ مالا يُثِيبُ عَلَى غَيْرِهِ.
(مسلم بشرح النووي جـ8 صـ391).

روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا. (البخاري حديث 3559 / مسلم حديث 2321).

قَالَ الْقَاضِي عياض (رحمه الله): أَصْلُ الْفُحْشِ الزِّيَادَةُ وَالْخُرُوجُ عَنِ الْحَدِّ.

قَالَ الطبري (رحمه الله): الفَاحِشُ: الْبَذِيءُ.

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ وَبَيَانُ فَضِيلَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ صِفَةُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْلِيَائِهِ.

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (رحمه الله): حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ (رحمه الله): حُسْنُ الْخُلُقِ: هُوَ مُخَالَطَةُ النَّاسِ بِالْجَمِيلِ وَالْبِشْرِ، وَالتَّوَدُّدُ لَهُمْ وَالْإِشْفَاقُ عَلَيْهِمْ وَاحْتِمَالُهُمْ وَالْحِلْمُ عَنْهُمْ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِهِ وَتَرْكُ الْكِبْرِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ وَمُجَانَبَةُ الْغِلَظِ وَالْغَضَبِ وَالْمُؤَاخَذَةِ. (مسلم بشرح النووي جـ8 صـ87).

روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1628).

والْبَذِيءَ: هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام.

أخي المسلم الكريم:
الرفق في الموعظة كثيرًا ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير،وهذا أفضل من الزجر والتأنيب والتوبيخ.

رابعًا: الصبر وتحمل الأذى:
الصبر وتحمل الأذى من الصفات الهامة التي يجب أن يتحلى بها من يقوم بالإصلاح بين الناس، وطالما هناك مهمة سامية، فالغالب أن يصاحبها أذى من المتخاصمين، ويظهر هذا جليًا في وصية لقمان لابنه حيث يقول الحق تبارك وتعالى حكاية عن لقمان: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].

وينبغي لمن يصلح أن يصبر ويتحمل الأذى ابتغاء وجه الله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

وقال سُبحانه: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].

روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ (مسايل الماء) الْحَرَّةِ (الأرض الملسة فيها حجارة سوداء) الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ سَرِّحْ الْمَاءَ(أَيْ أَطْلِقْهُ) يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ أَسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (البخاري حديث 2359 / مسلم حديث 2357).

قَوْلُهُ:(سَرِّحْ الْمَاءَ): قَالَ الْأَنْصَارِيُّ ذَلِكَ للزُّبَيْرِ لِأَنَّ الْمَاءَ كَانَ يَمُرُّ بِأَرْضِ الزُّبَيْرِ قَبْلَ أَرْضِ الْأَنْصَارِيِّ فَيَحْبِسُهُ لِإِكْمَالِ سَقْيِ أَرْضِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِلَى أَرْضِ جَارِهِ فَالْتَمَسَ مِنْهُ الْأَنْصَارِيُّ تَعْجِيلَ ذَلِكَ فَامْتَنَعَ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 5صـ36).

قَوْلُهُ:(أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ) أَيْ فَعَلْتَ هَذَا لكونه بن عَمَّتِكَ.

قَوْلُهُ:(فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ تَغَيَّرَ مِنَ الْغَضَبِ لَانْتَهَاكِ حُرُمَاتِ النُّبُوَّةِ وَقُبْحِ كَلَامِ هَذَا الْإِنْسَانِ.

قَوْلُهُ:(احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ):الْجَدْرُ وَهُوَ الْجِدَارُ.وَمَعْنَى يَرْجِعُ إِلَى الْجَدْرِ أَيْ يَصِيرُ إِلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْجَدْرِ أَصْلُ الْحَائِطِ، وَقَدَّرَهُ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَرْتَفِعَ الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا حَتَّى يَبْتَلَّ كَعْبُ رِجْلِ الْإِنْسَانِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي الْمَاءَ أَنْ يَحْبِسَ الْمَاءَ فِي الْأَرْضِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ ثُمَّ يُرْسِلَهُ إِلَى جَارِهِ الَّذِي وَرَاءَهُ وَكَانَ الزُّبَيْرُ صَاحِبَ الْأَرْضِ الْأُولَى فَأَدَلَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكِ أَيِ اسْقِ شَيْئًا يَسِيرًا دُونَ قَدْرِ حَقِّكَ ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكِ إِدْلَالًا عَلَى الزُّبَيْرِ وَلِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ وَيُؤْثِرُ الْإِحْسَانَ إِلَى جَارِهِ. فَلَمَّا قَالَ الْجَارُ مَا قَالَ أَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ حَقِّهِ. (مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ:119).

الكذب بقصد الإصلاح بين المتخاصمين:
روى الشيخانِ عن أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا. (البخاري حديث 2692 / مسلم حديث 2605).

قال الإمام النووي: لَيْسَ الْكَذَّاب الْمَذْمُوم الَّذِي يُصْلِح بَيْن النَّاس، بَلْ هَذَا مُحْسِن. (مسلم بشرح النووي جـ8 صـ404).

عمر بن الخطاب:
قال الإمام ابن القاسم: (رحمه الله) رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا فِي عَهْدِ عُمَرَ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: نَشَدْتُك بِاَللَّهِ هَلْ تُحِبِّينِي؟ فَقَالَتْ أَمَا إذَا نَشَدَتْنِي بِاَللَّهِ فَلَا، فَخَرَجَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَقَالَ أَنْتِ الَّتِي تَقُولِينَ لِزَوْجِك لَا أُحِبُّك، فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَشَدَنِي بِاَللَّهِ أَفَأَكْذِبُهُ؟ قَالَ نَعَمْ فَأَكْذِبِيهِ، لَيْسَ كُلُّ الْبُيُوتِ تُبْنَى عَلَى الْحُبِّ. وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَعَاشَرُونَ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ. (شرح السنة للبغوي جـ13 صـ120).

سفيان بن عيينة:
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة (رحمه الله): لو أن رجلًا اعتذر إلى رَجُلٍ فحرَّفَ الكلامَ ليرضيه بذلك لم يكن كاذبًا، يتأول الحديث: ليس بالكاذب الذي يصلح بين الناس، فإصلاحه ما بين صاحبه أفضل من إصلاحه ما بين الناس.(شرح السنة للبغوي جـ13 صـ120).

التنازل عن بعض الحقوق من أجل الصلح:
ينبغي للمصلح بين المتخاصمين أن يحثهم على التنازل عن بعض حقوقهم ابتغاء وجه الله تعالى من أجل الإصلاح.

يقول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

قال الإمامُ ابن كثير (رحمه الله): هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ النَّاسُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فِي صَبْرِهِ وَمُصَابَرَتِهِ وَمُرَابَطَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ وَانْتِظَارِهِ الْفَرَجَ مِنْ رَبِّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى لِلَّذِينِ تَقَلَّقُوا وَتَضْجَّرُوا وَتَزَلْزَلُوا وَاضْطَرَبُوا فِي أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أَيْ: هَلَّا اقْتَدَيْتُمْ بِهِ وَتَأَسَّيْتُمْ بِشَمَائِلِهِ؟ (تفسير ابن كثير جـ 9 صـ: 391).

روى البخاريُّ عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَهُمْ كِتَابًا فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَا تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلَاحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ. (البخاري حديث 2698).

وهكذا تنازل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حقه وهو كتابة محمد رسول الله من أجل الصلح.

قَوْلُ عَلِيٍّ: (مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ): لَيْسَ بمخالفة لأمر رَسُول الله،صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ علم بِالْقَرِينَةِ أَن الْأَمر لَيْسَ للْإِيجَاب.
(عمدة القاري - للبدر العيني جـ 13 صـ 275).

روى الشيخانِ عَنْ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ (النِّصْفَ). قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ. (البخاري حديث 2710 / مسلم حديث 1558).

قَوْلُهُ:(دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ): أَيْ طَلَبَ كَعْبٌ قَضَاءَ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ.
قَوْلُهُ:(سِجْفَ حُجْرَتِهِ): أَيْ سُتْرَتَهَا.
قَوْلُهُ:(لَقَدْ فَعَلْتُ): أَيِ امْتَثَلْتُ أَمْرَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَوْلُهُ:(قُمْ فَاقْضِهِ): أَيِ الشَّطْرَ الثَّانِي مِن الدَّيْنِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ (رحمه الله): فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَالشَّفَاعَةُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَحُسْنُ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمْ، وَقَبُولُ الشَّفَاعَةِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَجَوَازُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْإِشَارَةِ وَإِقَامَتِهَا مَقَامَ الْقَوْلِ. (مرقاة المفاتيح - علي الهروي القاري جـ 5صـ1956).

خير الناس الذي يبدأ بالصلح:
الإسلام هو دين المودة والتسامح، ولذا ينبغي على المسلم العاقل، الذي يحب الله ورسوله ويحب الخير لنفسه ولإخوانه المسلمين أن يبادر بالصلح مع من خاصمه فيصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه وينسى المشاكل والفتن ويبدأ مع إخوانه المسلمين صفحة بيضاء نقية وليعلم أن له ثوابًا عظيمًا عند الله تعالى، يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34: 35].

قال ابنُ كثير (رحمه الله): إِذَا أَحْسَنْتَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ قَادَتْهُ تِلْكَ الْحَسَنَةُ إِلَيْهِ إِلَى مُصَافَاتِكَ وَمَحَبَّتِكَ، وَالْحُنُوِّ عَلَيْكَ، حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ لَكَ حَمِيمٌ أَيْ: قَرِيبٌ إِلَيْكَ مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَيْكَ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْكَ. ثُمَّ قَالَ: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾ أَيْ: وَمَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ وَيَعْمَلُ بِهَا إِلَّا مَنْ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَشُقُّ عَلَى النُّفُوسِ. (تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ12 صـ243).

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ. (البخاري حديث 6077 / مسلم حديث 2559).

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. (مسلم حديث 2565).

الصلح بين الزوجين:
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

قال ابن كثير (رحمه الله): قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَنْبِ ثِقَةٍ، يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمَا، وَيَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنْ تَفَاقَمَ أَمَرُهُمَا وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمَا، بَعَثَ الْحَاكِمُ ثِقَةً مَنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، وَثِقَةً مِنْ قَوْمِ الرَّجُلِ، لِيَجْتَمِعَا وَيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا، وَيَفْعَلَا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِمَّا يَرَيَانِهِ مِنَ التَّفْرِيقِ أَوِ التَّوْفِيقِ. (تفسير ابن كثير جـ4 صـ29).

وقال اللهُ عز وجل: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 128].

قال ابن كثير (رحمه الله): إِذَا خَافَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا أَنْ يَنْفِرَ عَنْهَا، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهَا، فَلَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا أَوْ بَعْضَهُ، مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كُسْوَةٍ، أَوْ مَبِيتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهَا فِي بَذْلِهَا ذَلِكَ لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ فِي قَبُولِهِ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) ثُمَّ قَالَ (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) أَيْ: مِنَ الْفِرَاقِ. وَقَوْلُهُ: (وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ) أَيِ الصُّلْحُ عِنْدَ المُشَاحَّة خَيْرٌ مِنَ الْفِرَاقِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا كَبِرَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَة عَزْمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرَاقِهَا، فَصَالَحَتْهُ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا، وَتَتْرُكَ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، فَقَبِل ذَلِكَ مِنْهَا وَأَبْقَاهَا عَلَى ذَلِكَ. (تفسير ابن كثير جـ4 صـ298).

الصلح بين طوائف المسلمين:
قال اللهُ تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 9: 10].

في هذه الآيات المباركة يأمر اللهُ تعالى بالإصلاح بين الطوائف المسلمة المتحاربة مع مراعاة العدل والإنصاف عند الصلح بينهم وقد سماهم الله عز وجل مؤمنين رغم القتال.

روى البخاريُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ. (البخاري حديث 2693).

الحسن بن علي يحقن دماء المسلمين:
روى البخاريُّ عن أَبَي بَكْرَةَ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. (البخاري حديث 2704).

هذا الحديث من علامات النبوة، فقد أصلح الله بالحسن بن علي، بين أهل الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وبين أهل العراق، بقيادة الحسن بن علي رضي الله عنهما، وذلك بعد حروب طويلة قتل فيها الآلاف من المسلمين، وحقن الله به دماء المسلمين وعادت المودة بين طوائف المسلمين المتحاربة. (البداية والنهاية لابن كثير جـ8 صـ16: صـ20).

الصلح مع أعداء المسلمين:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنفال: 61].

قال ابنُ كثير (رحمه الله): إِنْ مَالُوا إلى الْمُسَالَمَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَالْمُهَادَنَةِ، (فَاجْنَحْ لَهَا) أَيْ: فَمِلْ إِلَيْهَا، وَاقْبَلْ مِنْهُمْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا لَمَّا طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الصُّلْحَ وَوَضْعَ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ سِنِينَ؛ أَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَعَ مَا اشْتَرَطُوا مِنَ الشُّرُوطِ الْأُخَرِ.(تفسير ابن كثير جـ2 صـ113).

قال ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): هَذِهِ الْآيَة دَالَّة عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْمُصَالَحَة مَعَ الْمُشْرِكِينَ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ6 صـ318).

وبناءً على ذلك فإن الصلح مع أعداء المسلمين جائز بحسب حاجة المسلمين إليه ومصلحتهم فيه. (أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي جـ2 صـ876).

روى البخاريُّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ وَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ السَّيْفِ وَالْقَوْسِ وَنَحْوِهِ فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ فِي قُيُودِهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ.(البخاري حديث 2700).

روى البخاريُّ عن عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ. (البخاري حديث 3158).

روى أبو داودَ عن ذِي مِخْبَرٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَاهُ فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنْ الْهُدْنَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ فَتُنْصَرُونَ وَتَغْنَمُونَ وَتَسْلَمُونَ ثُمَّ تَرْجِعُونَ.
(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني جـ3 حديث 3607).

قال الإمام القرطبي (رحمه الله): قَدْ صَالَحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَنِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَثِيرًا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ، عَلَى مَا أَخَذُوهُ مِنْهُمْ، وَتَرَكُوهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى اسْتِئْصَالِهِمْ. (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ8 صـ43).

الصلح المخالف للقرآن والسُّنة مردود:
يجب أن يكون الصلح بين المتخاصمين على أساس كتاب الله وسُّنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلىهم أن يرضوا بحكم أهل الإصلاح طالمًا وافق ذلك شرع الله، وإن خالف أهواء المتخاصمين.

يقول الله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51: 52].

أما إذا كان الصلح مخالفًا لكتاب الله تعالى وسُّنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مردود ولا بركة فيه وإن رضي به المتخاصمون. فلنحذر مخالفة الشرع الشريف عند الإصلاح بين الناس يقول الله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

روى الترمذيُّ عن عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1089).

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا:إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ. (مسلم حديث 1697).

حرص السلف على الصلح بين المتخاصمين:
حرص سلفنا الصالح على الصلح بين المتخاصمين وهذا واضح في سيرهم وأقوالهم العطرة التي امتلأت بها بطون أمهات الكتب، وسوف نذكر بعضًا من هذه النماذج المشرقة لتكون نبراسًا يسير المسلمون عليه لتعود المودة والمحبة بين المجتمع المسلم.

(1) عمر بن الخطاب:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ بَيْنَ النَّاسِ.
(مصنف عبد الرزاق جـ8 رقم 15304).

(2) عائشة أم المؤمنين:
روى البخاريُّ عن عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّهَا أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أَهُوَ قَالَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ قَالَتْ هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ فَقَالَتْ لَا وَاللَّهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ قَالَتْ عَائِشَةُ ادْخُلُوا قَالُوا كُلُّنَا قَالَتْ نَعَم ادْخُلُوا كُلُّكُمْ وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلَّا مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ وَيَقُولَانِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنْ الْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنْ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِي وَتَقُولُ إِنِّي نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ فَلَمْ يَزَالَا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. (البخاري حديث 6073).

(3) محمد بن كعب القرظي:
قَالَ عبدُ الله بن ثابت: كُنْتُ جالسًا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قَالَ:"كَانَ بَيْنَ قَوْمِي شَيْءٌ فَأَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: أَصْبَحْتَ لَكَ مِثْلُ أَجْرِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، ثُمَّ قَرَأَ: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ). (تفسير ابن أبي حاتم جـ4 صـ1065).

(4) الفضيل بن عياض:
قالَ الفُضَيلُِ بنُ عِياضٍ: إِذَا أَتَاكَ رَجُلٌ يَشْكُو إِلَيْكَ رَجُلًا، فَقُلْ: يَا أَخِي اعْفُ عَنْهُ فَإِنَّ الْعَفْوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى فَإِنْ قَالَ: لَا يَحْتَمِلُ قَلْبِي الْعَفْوَ وَلَكِنْ أَنْتَصِرُ كَمَا أَمَرَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ: فَإِنْ كُنْتَ تُحْسِنُ تَنْتَصِرُ مِثْلًا بِمِثْلِ وَإِلَّا فَارْجِعْ إِلَى بَابِ الْعَفْوِ، فَإِنَّ بَابَ الْعَفْوِ أَوْسَعُ فَإِنَّهُ مَنْ عَفَا وَأَصْلِحْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَصَاحِبُ الْعَفْوِ يَنَامُ اللَّيْلَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَصَاحِبُ الِانْتِصَارِ يُقَلِّبُ الْأُمُورَ. (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ8 صـ112).

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



 توقيع : Şøķåŕą

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
مواضيع : Şøķåŕą


رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ Şøķåŕą على المشاركة المفيدة:
 (09-09-2021)
قديم 09-08-2021   #2



 
 عضويتي » 1506
 اشراقتي ♡ » Apr 2020
 كُـنتَ هُـنا » 05-17-2023 (03:07 PM)
موآضيعي » 1630
آبدآعاتي » 545,537
 تقييمآتي » 213919
 حاليآ في » وسط قلبه
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 25سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » » ❤
تم شكري »  8,904
شكرت » 5,945
الاعجابات المتلقاة » 4
الاعجابات المُرسلة » 0
 التقييم » رُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond reputeرُّوحي بروحهُ has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 10
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم || السنوية السابعة رواية عشق ( 7 سنوات من الأ  


/ نقاط: 0

وسام تكريم الاعضاء الحصريات  


/ نقاط: 0

وسآم || كل عام وأنتم بخير - ال رواية عشق- عيدسعيد  


/ نقاط: 0

وسام ملكة بحضورها  


/ نقاط: 0

وسام  المركز الثالث|| فعالية اجمل مونتاج  ||  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 42

 

رُّوحي بروحهُ غير متواجد حالياً

افتراضي



-





جزاك الله كل خير ..


 توقيع : رُّوحي بروحهُ

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-08-2021   #3



 
 عضويتي » 1639
 اشراقتي ♡ » Sep 2020
 كُـنتَ هُـنا » 10-10-2023 (09:18 PM)
موآضيعي » 110
آبدآعاتي » 15,614
 تقييمآتي » 9473
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 17سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  214
شكرت » 0
الاعجابات المتلقاة » 1
الاعجابات المُرسلة » 1
 التقييم » ملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond reputeملكة المنتدى has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  الحمدلله
мч ѕмѕ ~
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم -|| ♥| مزهرة ك التوت ●  


/ نقاط: 0

وسآم || السنوية السابعة رواية عشق ( 7 سنوات من الأ  


/ نقاط: 0

سنة سعيدة ال رواية 2023  


/ نقاط: 0

وسآم -|| ♥| آطلالة بهية ●  


/ نقاط: 0

وسآم || مميزين رواية عشق  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 19

 

ملكة المنتدى غير متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير


 توقيع : ملكة المنتدى

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-08-2021   #4



 
 عضويتي » 1224
 اشراقتي ♡ » Jul 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 4 يوم (04:59 PM)
موآضيعي » 162
آبدآعاتي » 125,946
 تقييمآتي » 164186
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  male
 حالتي الآن »
آلقسم آلمفضل  » الأدبي♡
آلعمر  » 17سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  5,065
شكرت » 5,411
الاعجابات المتلقاة » 584
الاعجابات المُرسلة » 974
 التقييم » محمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond reputeمحمد المقاول has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
мч ѕмѕ ~
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم -|| ♥| نبراس العطاء ●  


/ نقاط: 0

وسآم -|| ♥| نُشطاء الأسبوع ●  


/ نقاط: 0

وسام|سماء الحرف  


/ نقاط: 0

وسآم -|| ♥| سمو العطآء ●  


/ نقاط: 0

وسام العيد معكم آجمل_ اضافة500 مشاركة  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 17

 

محمد المقاول غير متواجد حالياً

افتراضي



عاشت الايادي
على مجهودك الكبير
تحياتي ومروري


 توقيع : محمد المقاول

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-09-2021   #5



 
 عضويتي » 1396
 اشراقتي ♡ » Dec 2019
 كُـنتَ هُـنا » منذ 7 دقيقة (08:10 PM)
موآضيعي » 14563
آبدآعاتي » 8,378,492
 تقييمآتي » 6084351
 حاليآ في » ابو ظبي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه United Arab Emirates
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمد لله
آلقسم آلمفضل  » الآسلامي♡
آلعمر  » 28سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  65,746
شكرت » 18,170
الاعجابات المتلقاة » 12736
الاعجابات المُرسلة » 659
 التقييم » رحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond reputeرحيل has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
♥ وسام |إنيقة ك سلالة ورد ●  


/ نقاط: 0

وسام حضور بهي | فعالية سحر الألوان  


/ نقاط: 0

8 سنوات من العطاء الممزوج بالحب ||  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد - سحر الحروف  


/ نقاط: 0

وسآم || مسابقة ابيات القصيد -ملك/ة الحروف  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 195

 

رحيل متواجد حالياً

افتراضي



جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات


 توقيع : رحيل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 09-09-2021   #6



 
 عضويتي » 812
 اشراقتي ♡ » Sep 2018
 كُـنتَ هُـنا » منذ 22 ساعات (09:24 PM)
موآضيعي » 535
آبدآعاتي » 591,061
 تقييمآتي » 209659
 حاليآ في » القصيم❤عنيزة
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن » الحمدلله 🍀❤
آلقسم آلمفضل  » الأدبي♡
آلعمر  » 33سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط ♡
تم شكري »  3,955
شكرت » 17,172
الاعجابات المتلقاة » 141
الاعجابات المُرسلة » 341
 التقييم » غلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond reputeغلا الشمال has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مُتنفسي هنا » مُتنفسي هنا
مَزآجِي  »  1
 
قَدَاسَة طُهِّرَ | | أَوْسِمَتِي | |
وسآم -|| ♥| عِطر الحضور ●  


/ نقاط: 0

وسآم -|| ♥| سليلة ورد ●  


/ نقاط: 0

وسام  -|دوري المجموعات-كاس الملك سلمان  


/ نقاط: 0

وسام وهج رقابي  


/ نقاط: 0

وسام || وعِيدكُم مبَآرَك - كل عام والفرحة تغمر قلو  


/ نقاط: 0

  كل الاوسمة: 61

 

غلا الشمال غير متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير الجزاء ونفع بك


 توقيع : غلا الشمال

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصمد, خير

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبد الباسط عبد الصمد اذا الشمس كورت عبد الباسط عبد الصمد بنت الشام ۩ الصّوتيات والمَرئيات الإسلامِية ۩ 21 03-21-2024 08:40 PM
الصمد شيخة رواية ۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ 27 03-13-2024 01:36 PM
قصة الصلح خير!! عٍشُقٌ♡ ♬ عَالم القِصـة والروَايـة ♬ 11 12-10-2023 03:38 PM
السمح بن مالك بنت الشام ۩ الرّسُول والصَّحابة الكِرام ۩ 33 07-24-2022 02:14 PM
قصة الحگيم وگأس الشآي ..~ نور القمر ♬ عَالم القِصـة والروَايـة ♬ 21 04-07-2022 06:12 AM


الساعة الآن 08:17 PM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
new notificatio by R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع