تفسير الآية
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة المكذبين فقال: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ.
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ.
يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ.
يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ.
والخراصون: جمع خرّاص، وأصل الخرص: الظن والتخمين، ومنه الخارص الذي يخرص النخلة ليقدر ما عليها من ثمر، والمراد به هنا: الكذب، لأنه ينشأ غالبا عن هذا الخرص، والمراد بالآية الدعاء عليهم باللعن والطرد من رحمة الله- تعالى-.
أى: لعن وطرد من رحمة الله- تعالى- هؤلاء الكذابون، الذين قالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو منزه عنه .
.
.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : قتل الخراصون في التفسير : لعن الكذابون .
وقال ابن عباس : أي قتل المرتابون ; يعني الكهنة .
وقال الحسن : هم الذين يقولون لسنا نبعث .
ومعنى قتل أي هؤلاء ممن يجب أن يدعى عليهم بالقتل على أيدي المؤمنين .
وقال الفراء : معنى قتل لعن ; قال : و " الخراصون " الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون ; فيقولون : إن محمدا مجنون كذاب ساحر شاعر ; وهذا دعاء عليهم ; لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك .
قال ابن الأنباري : علمنا الدعاء عليهم ; أي قولوا : قتل الخراصون وهو جمع خارص والخرص الكذب والخراص الكذاب ، وقد خرص يخرص بالضم خرصا أي كذب ; يقال : خرص واخترص ، وخلق واختلق ، وبشك وابتشك ، وسرج واسترج ، ومان ، بمعنى كذب ; حكاه النحاس .
والخرص أيضا حزر ما على النخل من الرطب تمرا .
وقد خرصت النخل والاسم الخرص بالكسر ; يقال : كم خرص نخلك والخراص الذي يخرصها فهو مشترك .
وأصل الخرص القطع على ما تقدم بيانه في " الأنعام " ومنه الخريص للخليج ; لأنه ينقطع إليه الماء ، والخرص حبة القرط إذا كانت منفردة ; لانقطاعها عن أخواتها ، والخرص العود ; لانقطاعه عن نظائره بطيب رائحته .
والخرص الذي به جوع وبرد لأنه ينقطع به ، يقال : خرص الرجل بالكسر فهو خرص ، أي جائع مقرور ، ولا يقال للجوع بلا برد خرص .
ويقال للبرد بلا جوع خرص .
والخرص بالضم والكسر الحلقة من الذهب أو الفضة والجمع الخرصان .
ويدخل في الخرص قول المنجمين وكل من يدعي الحدس والتخمين .
وقال ابن عباس : هم المقتسمون الذين اقتسموا أعقاب مكة ، واقتسموا القول في نبي الله صلى الله عليه وسلم ; ليصرفوا الناس عن الإيمان به .