|
.>~ { للجمال عنوان وهنا عنوانه { نشطاء منتدى روآية عشق لهذا الأسبوع } ~ | |
|
|
۩ إسلامِي هُو سر حَياتي ۩ غيمَة الرُوح فِي رِحَابِ الإيمَانْ " مَذْهَبْ أهْلُ السُنَةِ وَالجَمَاعَة ". |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||
آداب الإفتاء وشروطه
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا عبدُه ورسولُه ومصطفاه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِع هداه، وبعد:
فهذة كلمة متواضعة في الفتيا وآدابها، اقْتَبستها من نور الكتاب والسُّنَّة، ثم من سيرة هُدَاة الأُمَّة، أرجو أن تكون تبصرةً لي وتذكرةً لمن أحب من إخواني، وأضرع إلى الله جلَّ وعلا أن يلهمنا الرشاد، ويرزقنا السداد، وأن يجعلنا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]. الإفتاء: الإفتاء: إبانة الحكم الشرعي وإظهاره لمن سأل عنه، وأفتى العَالِم: إذا بَيَّن الحكم وأظهره، واَسْتَفْتيتُه: سألتُه أن يفتي، وتَفاتَوْا إليه: ارتفعوا إليه في الفتيا، وأَفْتَيْتُ فلانًا رُؤياه: عَبَّرتها له، والفَتوى أو الفُتْيَا اسم من هذا الفعل كما في المصباح، أو مصدر له على ما نقله الآلوسي عن البحر، وجمعها فتاوِي بكسر الواو، ويجوز تخفيفها بالفتح، ويُقال: إنَّ أصلها من الفَتيِّ وهو الشابُّ القويُّ كذا في المصباح؛ وفي هذا إشارة إلى أنه لا ينهض بالفتوى إلا قويٌّ ضَليع ثَقْف[1]لَقِن[2] أصاب من الفقه والأحكام حظًّا وفيرًا، وأُوتِي من الحكمة والهداية خيرًا كثيرًا. ويختلف الإفتاء عن القضاء بأن الأول تَبْيين الحكم وإظهار المُشْكِل دون أن يكون فيه حكومة[3] أو خصومة، وأما الثاني فَفِيه مع الحكم قوة وإلزام؛ وإذًا فالإفتاء يعتمد على البيان والتبصرة، والقضاء يرتكز على الإلزام والسيطرة. منصب الإفتاء: ومنصب الإفتاء عظيم الخطر، جليل القدر، كبير الموقع، وحسبك أن المفتي مُبَلِّغ عن رب العالمين، وَارث لأنبيائه المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وما ظنُّك بمنصبٍ تولَّاه النبي صلى الله عليه وسلم، فأفتى وبَيَّن كما أرشد وعَلَّم، ثم شَرَّفه بالولاية والعناية ربُّ الأرباب؛ إذ قال تعالى: ﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ﴾ [النساء: 127]، ثم زاده جل شأنه شرفًا وجلالة، فقال عز من قائل: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ﴾ [النساء: 176]. وإذا كان منصب المُوقِّع عن الملوك بالمحل الذي لا يُنكَر فضله، ولا يُجهَل قدره، فكيف بمنصب التوقيع عن ربِّ العالمين وقيُّوم السموات السبع والأرضين؟! فالعَالِم بين الله تعالى وخَلْقِه، فلينظر كيف يدخل بينهم! وبحقٍّ قِيل: إن المفتي مُوقِّع عن الله عز وجل، ومن هنا سمَّى ابن القيم كتابه المشهور "إعلام المُوقِّعين عن ربِّ العالمين". والتوقيع في القاموس وشرحه: ما يُوقَّع في الكتاب، وهو إلحاق شيء بعد الفراغ منه لمن رُفع إليه من ولاة الأمر، كما لو رفعت إلى وَالٍ شكاية فكتب تحت الكتاب أو على ظهره "ينظر في أمر هذا ويستوفى له حقه"، وظاهر كلامهم أنه غير عربي قديم، وإن كان مأخوذًا من العربية، وتمتاز التوقيعات عادةً بالدقة والبلاغة والقول الجزل والحكم الفصل. ومن التوقيعات التي كتبها الفاروق إلى عمرو بن العاص رضي الله عنهما "كن لِرَعِيتك كما تحب أن يكون لك أميرك"، ومن توقيعات الإمام كرم الله وجهه إلى ربيعة بن عسل وقد سأله أن يعينه في بناء داره بالبصرة باثني عشر ألف جذع "أَدَارك في البصرة أم البصرة في دارك"؟!، ومن توقيعات عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إلى بعض عُمَّاله في مَرَمة مدينته "ابْنِها بالعدل، ونَقِّ طُرقها من الظلم"، وإلى بعض عُمَّاله في مثل ذلك: "حَصِّنها ونفسك بتقوى الله" وفي العقد الفريد طرائف من التوقيعات يَرجِع إليها مَنْ أحَبَّ. وجملة القول إن خطر الإفتاء عظيم، وإن أمره جسيم، ومن أجل ذلك كان خليقًا[4] بمن أقامه الله في هذا المنصب أن يُعِدَّ له عُدَّته ويتأهَّب له أهبته، ثم ليَعْلَم عمَّن ينوب في فتواه؟ وليُوقِن أنه موقوف غدًا بين يدي الله ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6]. خوف السلف من الصحابة والتابعين من الفتيا: ولجَسَامة أمر الفتيا وعظيم خطرها كان السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين على حذرٍ بالغٍ منها؛ يتدافعونها ويتقونها ويودُّ كل منهم أن يُكفى مئونتها مع أنهم كانوا أَثْبَت الأُمَّة جنانًا وأصدقها بيانًا وأعمقها علمًا وأعَمَّها نصيحةً وأقوَمَها حُجةً؛ ولكن هو الخوف أن يدخلوا بين الله وخَلْقه، والخشية من الجرأة على حكمه، وفي بعض الآثار "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار". وقد رُوي عن أئمة السلف وفُضَلاء الخَلَف في التورُّع عن الفتيا والتوقُّف فيها، آثار جَمَّة نكتفي بذكر طرف منها: قال عبدالرحمن بن أبي ليلى: "أدركت عشرين ومائةً من الأنصار من أصجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم عن المسألة فيردُّها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول"، وفي رواية: "ما منهم من يُحدِّث بحديثٍ إلَّا وَدَّ أن أخاه كفاه إياه، ولا يُسْتَفتي عن شيء إلا وَدَّ أن أخاه كفاه الفتيا"، وعن ابن مسعودٍ وابن عباس رضي الله عنهما: "مَنْ أفتى عن كل ما يُسأل فهو مجنون"، وعن الشعبي والحسن وأبي حَصين التابعين: "إن أحدكم ليُفْتي في المسألة ولو وَرَدَت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر"، وعن عطاء بن السائب التابعي: "أدركت أقوامًا يُسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد"، وقال أبو حنيفة: "لولا الفَرَق[5] من الله تعالى أن يضيع العلم ما أَفْتَيت، يكون لهم الْمَهْنَأُ[6] وعَليَّ الوِزْر"، وسُئل مالك عن ثمانٍ وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري، وكان يقول "من أجاب في مسألة فينبغي له قبل أن يُجِيب فيها أن يُعْرِض نفسه على الجنة والنار، وكيف يكون خَلَاصه في الآخرة، ثم يجيب فيها"، وعن الشافعي وقد سُئل عن مسألة فلم يجب، فقِيل له، فقال: "حتى أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب". وكان أحمد يُكثِر من قول: "لا أدري"، وذلك فيما عُرِف من الأقاويل، قال سحنون[7] يومًا: "إنا لله ما أشقى المفتي والحاكم! ثم قال: ها أنا ذا يُتَعلم مني ما تُضرب به الرقاب، وتُوطأ به الفروج، وتُؤخذ به الحقوق، أما كنت عن هذا غنيًّا"، هذا قليل من كثير مما يُذكر عنهم في الخوف من الفتيا والهروب منها كما كانوا يهربون من القضاء ويخافونه. قال أبو عثمان بن الحداد: "القاضي أيسر مَأْثمًا، وأقرب إلى السلامة من الفقيه؛ لأن الفقيه من شأنه إصدار ما يرد عليه من ساعته بما حضره من القول، والقاضي شأنه الأناة والتثبُّت، ومَن تَأَنَّى وتَثبَّت تهيَّأ له من الصواب ما لا يتهيَّأ لصاحب البديهة"، وقال غيره: "المفتي أقربُ إلى السلامة من القاضي؛ لأنه لا يُلْزِم بفتواه، وإنما يُخبر بها مَن استفتاه، فإن شاء قَبِلَ قَوْله، وإن شاء تركه، وأما القاضي فإنه يُلْزِم بقولِه، فيشترك هو والمفتي في الإخبار عن الحكم، ويتميَّز القاضي بالإلزام والقضاء، فهو من هذا الوجه خطره أشدُّ". وإنما يسوغ الفِرار من الفتيا مع توفر شروطها؛ إذا لم تَتَعين[8] على المفتي؛ بأن كان في المدينة أو الناحية غيره من أهل الإفتاء، وإلا وَجَب عليه عَيْنًا[9] أن يُفتي مَن استفتاه ما لم يكن هناك غيره؛ ولم يُجْزِه الفرار منها، فالفتوى كالقضاء من فروض الكفاية؛ إذا قام بها بعض سقطت عن الباقين. شروط الفتيا: المفتون على نوعين: مستقل وغير مستقل. فالمستقل هو المجتهد المطلق الذي يستقل بالأدلة بغير تقليد أو تَقيُّد بمذهب، العليم بأدِلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس، الخبير بعلوم القرآن والحديث والناسخ والمنسوخ واللغة والتصريف واتفاق العلماء واختلافاتهم، الضليع في الفقه أصولًا وفروعًا وبحثًا واستنباطًا، وفتوى المستقل يُعمَل بها ويُعتَدُّ بها في الإجماع والخلاف، ومن هؤلاء فقهاء الصحابة والتابعين وتابعي التابعين؛ كعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسعيد بن المُسَيِّب، وعروة بن الزبير، وعطاء بن رباح، وعمرو بن دينار، والحسن البصري، والأئمة الأربعة، والثوري، والليث، إلى جماعات من أئمة الهدى مَلَئُوا الدنيا هُدًى ونورًا وعلمًا وفضلًا، رضي الله عنهم أجمعين وعَمَّنْ اهتدى بهَديهم إلى يوم الدين. وغير المستقل هو المنتسب إلى أئمة المذاهب المَتْبُوعة ممن درس مذاهبهم، ووَقَف على أقوالهم، وعكف على المنقول عنهم، وهم لا يُحصون كثرةً ولا يُحصرون عددًا، قال الإمام النووي المُتوفى سنة 676 هـ في مقدمة المجموع[10]: "ومن دهر طويل ﻋُﺪِم المفتي المستقل، وصارت الفتوى إلى المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة". على أنه قد قلَّ المنتسبون إلى المذاهب بالمعنى الذي يَعْنِيه النووي وهو حفظ مذهب الإمام وفهمه في الواضحات والمشكلات، حتى أصبحنا في زمن يكتفي مَن تصدَّى للفتيا فيه أن يُلِمَّ إلمامًا خفيفًا بمذهب إمامه، بَل ربما أفتى الناسَ مَنْ حفِظ قشورًا من مسائل العلم لا تُغني ولا تُسمِن فتيلًا. ومصيبة المصائب أن يَدَّعي قومٌ الاجتهاد ويضربوا عن مذاهب الأئمة صفحًا، وهم لم يحفظوا من العِلْم أوْليات مَسائِلِه، ولم يعرفوا من تاريخ الأئمة وحفظهم لدين الله قليلًا ولا كثيرًا، وإنهم لمسئولون بين يدي الله تعالى عَمَّا يقولون بغير علم أو يكتبون على غير هدًى أو يُرَوُّجون الأكاذيب والأباطيل دون رقيب ولا حسيب. ولا يعني هذا أن باب الاجتهاد قد أُغلِق، وإنما نقول: "إن شروطه مع التسامح فيها لم تتوفر لأحد منذ أزمانٍ بعيدة"، مستندين إلى الواقع والمشاهدة، ولا يتَّسِع المقام لأن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع فإنها مبسوطة طويلة. على أنه يكفي الآن في الفتيا أن يكون المفتي مُلِمًّا بمذهب إمَامِه إلمَامًا حسنًا، وأن يكون خبيرًا بمصطلحات مذهبه، معتمدًا على الكتب الصحيحة والنقول الوثيقة، حَسَن التصرُّف، يقظان فطنًا لمشتبهات المسائل. ومن أول شرائطه أن يكون مُكلَّفًا رشيدًا ثقةً أمينًا نزيهًا، بعيدًا عن أسباب الفسق وخوارم المروءة[11]، فقيه النفس[12] سليم الذهن رصين الفكر، فإذا كان إلى ذلك رحيمًا رفيقًا، حفيظًا على السنة عليمًا بآدابها مستمسكًا بمكارمها؛ فذلك هو القدوة الحسنة والهادي إلى الله ورسوله. ومن أدب المفتي وشروط كَمَاله ألَّا يعمل بما يلزم الناس، قال مالك رحمه الله: "لا يكون الرجل عالمًا حتى يعمل في خاصة نفسه بما لا يَلزم الناس، مما لو تركه لم يأثم". ومَلَاك آداب المفتي وعمادها العلم والثقة وتحرِّي الصواب والحق والتَثَبُّت فيما يقول وينقل، ولا يحمله الخجل إذا أخطأ ألا يرجع إلى الحق ويُعلن به؛ فذلك أجدى عليه وأدنى أن يُجِلَّه الناس ويُوقِّروه ويأتمنوه ويثقوا به، ومن وصية الفاروق لأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما في كتابه الأغرِّ الجامع: "ولا يمنعك قضاء قضيتَه أمسِ فراجعتَ اليوم فيه رأيك وهُديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل". وإن يخشى برجوعه إلى الحق انتقادات الناس وقالتهم؛ فقد أضاف إلى خطئه خطأً عظيمًا وحوبًا كبيرًا، فإن الواقع يشهد بأن الناس يُكبِرون الراجع إلى الحق ويُجِلُّونه، على حين يذمون المُصِرَّ على الخطأ ويزدرونه. التَثَبُّت: وقد استفاض أمر الصحابة ولا سيما الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم في التشاور في الفتيا والتَثَبُّت فيها قصدًا إلى الحق وإيثارًا له، وإليكم نموذجًا مما رواه البخاري وغيره في تَثَبُّتهم رضي الله عنهم وإنصافهم وصَدْعهم بالحق ورجوعهم إليه، حديث هُزيل بن شرحبيل قال: "جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهو الأمير على الكوفة حينئذٍ وسأل عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال للبنت النصف، وللأخت النصف- يعني: لا شيء لبنت الابن- وأَتِ ابن مسعود فسيُتَابعْني، فتوجَّه هُزيل مع الرجل إلى ابن مسعود فسألاه وأخبراه بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحَبْرُ فيكم". والفتيا والقضاء وما إليها نوعٌ من الولاية؛ ومن حرص على الولاية أو سابق إليها كان وَشِيكًا أن يُجافيه التوفيق وأن تجانبه الكفاية، وأن يَكِله الله إلى نفسه وعمله فلا يسير على هدًى، وأما من أُسندت إليه دون حرص أو رغبة، فإنه جدير بمعونة الله تعالى وتسديده وتوفيقه؛ فهو على نور من ربِّه، قد هداه وكفَاه وتولَّاه وأعانه. ومصداق هذا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه في حديث الشيخين: ((يا عبدالرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة فإنك إن أُوتِيتَها عن مسألة وُكِلْتَ إليها، وإن أُوتِيتَها من غير مسألة أُعِنْتَ عليها))، وفي رواية عن مالك رحمه الله: ((لا ينبغي لرجلٍ أن يرى نفسه أهلًا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه)). ومَثل الفتوى في ذلك القضاء والوصاية والوعظ والإرشاد والتدريس العام؛ فإن الجهل فيها أو سوء السيرة خطر كبير وشر مستطير. كلمة في أدب المُسْتَفْتِي: هذا وللمُسْتَفْتِي آداب وشروط كثيرة، أهمها أن يَتَخَيَّر مَن يَسْتَفْتِيه؛ لأنه مرشده وهاديه وقائده إلى الخير أو الشر أو الهدى أو الضلالة أو الجنة أو النار، فلينظر من يَتَحرَّى ويختار، وكما لا يحل له أن يُقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، وكذلك لا يجوز أن يتخذ في هدايته وإنقاذه مَن لا يُؤمن على فُتْيا ولا يُوثق به، ولا عذر لأحدٍ بجهله؛ فليسأل عن أهل الذكر وأُولي العلم والفضل، ولا تزال منهم بحمد الله طائفة قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله. وينبغي للمُسْتَفْتِي أن يُجِلَّ مُفتيه ويتواضع له؛ لأنه مُرْشِد ومُعلم، وأن يفصح له الاستفتاء ويُوضحه لِيَتَفَهم المفتي كلامه ويَسْتَبين الصواب في الفتوى، وأن يخلص في الاستفتاء، فلا يغش ولا يلبس؛ لأنه يخلص لنفسه أو يلبس عليها، ولا يُضير المفتي مِن أمره شيئًا. ومن الخطأ البَيِّن أن يقول له: سألت فلانًا فأفتاني بكذا، اللهم إلا أن تدعو إلى ذلك ضرورة ملحَّة، وإذا قال له المفتي: "لا أدري" فليُكبِره وليُجِلَّه، ولا يظن أن ذلك عن عجز وضعف؛ بل هو علامة على الأمانة وتحَرِّي اليقين فيه، وإذا استَمْهَله يومًا أو يومين فليصبر حتى يَسْتبين المفتي وجه الحق ويصدع به. وليعلم كلٌّ من المفتي والمُسْتَفْتِي أن الله سائلهما بين يديه في يوم لا ريب فيه، وليذكرا دائمًا قول الله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
11-06-2022 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
بارك الله فيك ...
وجزاك خير ... والبسك لباس الصحه والعافيه...
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|