ألم تر إلى ربك كيف مد الظل .. } الفرقان .
و الظل هو ما تلقيه الأجرام من الظلمة الخفيفة
حين تحجب أشعة الشمس في النهار .
و هو يتحرك مع حركة الأرض في مواجهة الشمس ،
فتتغير أوضاعه و امتداداته و أشكاله ،
و الشمس تدل عليه بضوئها و حرارتها ،
و تميز مساحته و امتداده و ارتداده .
و متابعة خطوات الظل في مده و انقباضه
يشيع في النفس نداوة و راحة كما يثير فيها
يقظة لطيفة شفيفة ، و هي تتتبع صنع البارئ اللطيف
القدير و إن مشهد الظلال و الشمس مائلة للمغيب ،
و هي تطول و تطول ، و تمتد و تمتد .ثم في لحظة . لحظة واحدة ينظر الإنسان
فلا يجدها جميعا . لقد اختفى قرص الشمس
و توارت معه الظلال أين تراها ذهبت ؟.
لقد قبضتها اليد الخفية التي مدتها ،
لقد انطوت كلها في الظل الغامر الطامي .
ظل الليل و الظلام إنها يد القدرة القوية اللطيفة
التي يغفل البشر عن تتبع آثارها في الكون من حولهم
و هي تعمل دائبة لا يدركها الكلال و لو شاء لجعله ساكنا .
لو كانت الأرض ثابتة لسكن الظل فوقها لا يمتد و لا يقبض
إن مشهد الظل الوريف اللطيف ليوحي إلى النفس المجهودة
المكدودة بالراحة و السكن و الأمان و كأنما هو اليد الآسية الرحيمة
تنسم على الروح و البدن ، و تمسح على القرح و الألم ،
و تهدهد القلب المتعب المكدود .
إن هذا القرآن الذي كان يتنزل على قلب رسول الله –
صلى الله عليه و سلم –
كان هو البلسم المريح ، و الظل الظليل ،
و الروح المحيي في هجير
الكفر و الجحود و العصيان .هدا التوجيه إلى تلك
الظاهرة التي نراها كل يوم و نمر بها غافلين
هو طرف من منهج القرآن في استحياء
الكوندائما في ضمائرنا ، و في إحياء شعورنا
بالكون من حولنا و في تحريك خوامد إحساسنا
التي أفقدها طول الألفة إيقاع المشاهد
الكونية العجيبة .و طرف من ربط العقول و القلوب
بهذا الكون الهائل العجيب