فلما كان وقت المغرب إذا أنا بخراساني ينشد ضالته فصحت به وقلت : صف ما ضاع منك . فأعطاني صفة الهميان بعينه وذكر وزن الدنانير وعِدتها فقلت : إن أرشدتك إليه تعطيني مائة دينار . قال : لا .
قلت : فخمسين . قال : لا .
فلم أزل أنازل إلى أن بلغت إلى دينار واحد فقال : لا ، إن رده من هو عنده إيمانا واحتسابا وإلا فهو الضر ، ثم ولى لينصرف فخفت الله وأشفقت أن يفوتني الخراساني فصحت به : ارجع ، فأخرجت الهميان ودفعته له ، فمضى وجلست ومالي قوة على المشي إلى بيتي .
فما غاب عني حينا حتى عاد إلي فقال : من أي البلاد أنت ومن أي الناس أنت ؟
قلت : وما عليك من أمري هل بقى لك عندي شيء ؟
فقال : أسألك بالله لا تضجر .
فقلت : من أهل الكوفة ومن ولد ” الحسين بن علي ” وقصصت عليه قصتي .
فقال : خذ هذا بأسره بارك الله لك فيه ، إن الهميان ليس لي فما كان يجوز لي أن أعطيك منه شيئا قلّ أو كثر ، وإنما أعطانيه رجل وسألني أن أطلب بالعراق أو الحجاز رجلا حسينيا فقيرا مستورا ، ولم تجتمع لي هذه الصفة في أحد إلا فيك لأمانتك وعفتك وصبرك .