۩ القُــرآن الكرِيــم ۩ َيهتم بالقُرآن والتفسِير والقرَاءات ، والدرَاسات الحدِيثية ، ويَهتم بالأحادِيث والآثار وتخرِيجها . |
|
|
01-31-2019
|
|
قال تعالى : يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسِ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُّحْضَراً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم:
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسِ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ (30)) سورة آل عمران
تشير هذه الآية إلى حضور الأعمال الصالحة والسيئة يوم القيامة،
فيرى كلّ امريء ما عمل من خير وما عمل من شرّ حاضراً أمامه.
فالذين يشاهدون أعمالهم الصالحة يفرحون ويستبشرون، والذين يشاهدون أعمالهم السيّئة يستولي عليهم الرعب ويتمنّون لو أنّهم استطاعوا أن يبتعدوا عنها
(تودّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً)
فالآية لم تقل أنه يتمنّى فناء عمله وسيئاته،
لأنه يعلم أن كلّ شيء في العالم
لا يفنى فلذلك يتمنّى أن يبتعد عنه كثيراً.
«الأمد» في اللغة الزمان المحدود،
والأمد يقصد من استعماله غالباً انتهاء الزمان،
وإن استعمل أحياناً أيضاً في مطلق الزمان المحدود.
قال في الميزان أن سيء العمل يسوء النفس,
كما يشعر بالمقابلة بأن حضور خير العمل يسرها,
وإنما تود الفاصلة الزمانية بينها وبينه دون أن تود أنه لم يكن من أصله لما يشاهد من بقائه بحفظ الله,
فلا يسعها إلاَّ أن تحب بعده وعدم حضوره في أشق الأحوال,
وعند أعظم الأهوال كما يقول لقرين السوء نظير ذلك,
{ نقيض له شيطاناً فهو له قرين } ,
{حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين }
{ تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً }،
دلالة على أن حضور خير العمل يسرها انتهى
يتمنّون أنّ يمتدّ الفاصل الزماني بينهم وبين ذنوبهم طويلاً،
وهو تعبير عن ذروة ما يشعرون به من تعاسة جرّاء أعمالهم السيّئة،
لأنّ طلب البُعد الزماني أبلغ فى التعبير عن هذا الإستياء من طلب البُعد المكاني،
فاحتمال الحضور موجود في الفاصل المكاني،
بينما ينتفي هذا الاحتمال تماماً في الفاصل الزماني.
شمله القلق والإضطراب وإن ابتعد مكانياً عن منطقة الحرب،
لكن الشخص الذي يعيش في فترة زمنية بعيدة عن الحرب لا يشعر بذلك القلق.
هذا مع أن بعض المفسّرين احتملوا أن يكون للفظة
معنى البُعد المكاني أيضاً
(كما ورد في مجمع البيان نقلاً عن بعض المفسّرين)،
غير أن هذا لم يرد في اللغة على الظاهر.
(ويحذّركم الله نفسه واللهُ رؤوفٌ بالعباد).
في الجزء الأوّل من هذه العبارة يحذّر الله الناس من عصيان أوامره،
وفي الجزء الثاني يذكّرهم برأفته.
ويبدو أنّ هذين الجزءين هما ـ على عادة القرآن ـ
ومن المحتمل أن يكون الجزء الثاني
وهذا أشبه بمن يقول لك : إنّي أحذّرك من هذا العمل الخطر،
وإنّ تحذيري إيّاك دليل على رأفتي بك،
إذ لولا حبّي لك لما حذّرتك.
هذه الآية تبيّن بكل وضوح تَجسُّد الأعمال وحضورها يوم القيامة.
وردتا نكرتين لتفيدا العموم.
أي أنّ الإنسان يجد أعماله الحسنة والقبيحة يوم القيامة مهما تكن قليلة.
بعضهم أوّل هذه الآية وأشباهها
وقال إنّ القصد من حضور الأعمال هو حضور ثوابها أو عقابها،
أو حضور سجلّ الأعمال الذي دوّنت فيه الأعمال كلّها.
ولكن من الجلي أنّ ذلك لا ينسجم وظاهر الآية،
إنّ الإنسان يوم القيامة «يجد» عمله.
وتقول : إنّ المسيء يودّ لو أنّ بينه وبين «عمله»
فهنا «العمل» نفسه هو الذي يدور حوله الكلام.
لا سجلّ الأعمال، ولا الثواب والعقاب.
أنّ المسيء يودّ لو بَعُدَ عنه عمله،
ولكنّه لا يتمنّى زوال عمله إطلاقاً.
وهذا يعني أنّ زوال الأعمال غير ممكن،
هناك آيات كثيرة أُخرى تؤيّد هذا الأمر،
(وَ وَجَدوا مَا عَمِلُوا حاضِراً ولا يَظلِمُ رَبُّكَ أحَداً)
والآيتان 7 و 8 من سورة الزلزلة
/ فَمَنْ يَعْمَل مِثقالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَ مَنْ يَعْمَل مِثقالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ).
وكما سبق بعض المفسّرين يرون أنّ لفظ «الجزاء»
مقدّر وهذا خلاف ظاهر الآية.
يستفاد من بعض الآيات أنّ الدنيا مرزعة الآخرة،
وأنّ عمل الإنسان أشبه بالحبّ الذي يُزرع في التربة، فتنمو تلك الحبّة،
ثمّ يحصد الإنسان معها حبّاً كثيراً.
كذلك هي أعمال الإنسان التي تجري عليها تبدّلات وتغيّرات تناسب يوم القيامة،
ثمّ تعود إلى الإنسان نفسه،
كما جاء في الآية 20 من سورة الشورى :
(من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه).
ويستفاد من آيات أُخرى أنّ الأعمال الصالحة في هذه الدنيا
تأتي في الآخرة بصورة نور وضياء،
فيطلبه المنافقون من المؤمنين
انظرُونا نَقتَبِس مِن نُورِكم)
(ارجعوا وراءكم فالتمِسُوا نوراً)
هذه الآيات وغيرها العشرات
تدلّ على أننا يوم القيامة نجد العمل عينه بشكل أكمل،
وهذا هو تجسيد الأعمال الذي يقول به علماء الإسلام.
هناك روايات كثيرة أيضاً عن أئمّة الإسلام
(صلى الله عليه وآله وسلم)
«لابدّ لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حيّ، وتدفن معه وأنت ميّت،
لا يحشر إلاَّ معك ولا تحشر إلاَّ معه،
ولا تُبعث إلاَّ معه، فلا تجعله إلاَّ صالحاً،
فإنّه إن كان صالحاً لم تستأنس إلاَّ به،
وإن كان فاحشاً لا تستوحش إلاَّ منه،
ولإلقاء الضوء على هذا البحث لابدّ من معرفة كيفية الإثابة والعقاب على الأعمال.
رأي العلماء في الثواب والعقاب
للعلماء آراء مختلفة في الثواب والعقاب :
1 ـ يعتقد البعض أن جزاء الأعمال الاُخروي أمر اعتباري، مثل المكافأة والعقوبة في هذه الدنيا،
أي كما أنّ هناك في هذه الدنيا عقاباً على كلّ عمل سَيّء أقرّه القانون الوضعي،
كذلك وضع الله لكلّ عمل ثواباً أو عقاباً معيّنين. وهذه هي نظرة الأجر المعيّن والجزاء القانوني.
2 ـ ثمّة آخرون يعتقدون أنّ النفس البشرية تخلق الثواب والعقاب،
فالنفس تخلق ذلك في العالم الآخر دون إختيار،
أي أنّ الأعمال الحسنة والأعمال السيّئة
تخلق في النفس صفات حسنة أو سيّئة، وهذه الصفات تصبح جزءاً متمكّناً من ذات الإنسان،
وتبدأ هذه بإيجاد صورة تناسبها من السعادة أو العذاب. فذو الباطن الحسن في هذا العالم يتعامل مع مجموعة من الأفكار والتصوّرات الحسنة،
والأشرار والخبثاء مشغولون بأفكارهم الباطلة وتصوّراتهم الدنيئة في نومهم ويقظتهم.
وفي يوم القيامة تقوم هذه الصفات نفسها بخلق السكينة والعذاب أو الشقاء والسعادة.
وبعبارة أُخرى أنّ ما نقرأه عن نِعم الجنّة
وعذاب جهنّم ليس سوى ما تخلقه هذه الصفات
الحسنة أو السيّئة في الإنسان.
3 ـ فريق ثالث من كبار علماء الإسلام
اتّخذوا سبيلاً آخر دعموه بكثير من الآيات والأحاديث. يقول هؤلاء :
صورة دنيوية هي التي نراها،
وصورة أُخروية كامنة في باطن ذلك العمل.
وبعد أن تكون قد طرأت عليه تحوّلات كثيرة،
يفقد صورته الدنيوية ويظهر بصورته الأُخروية فيبعث على راحة فاعله وسكينته،
هذه النظرة، من بين النظرات الأُخرى،
تتّفق مع كثير من آيات القرآن،
وهي مظاهر مختلفة من الطاقة ـ
وتبقى أبداً في هذه الدنيا،
على الرغم من أنّ الناظر السطحي يظنّها قد تلاشت.
إنّ بقاء هذه الأعمال بقاءاً أبدياً
يتيح من جهة أن يراها الإنسان
عند محاسبته يوم القيامة ولا يبقى له مجال للإنكار، كما يتيح للإنسان من جهة أُخرى
أن يعيش يوم القيامة بين أعماله،
وعلى الرغم من أنّ علم الإنسان لم يبلغ بعد مرحلة اكتشاف الماضي،
إلاَّ للحظات قليلة سابقة(1) ،
فممّا لا شكّ فيه أنّه لو تمّ
صنع جهاز أدقّ وأكمل، أو لو كانت لنا
أكمل لاستطعنا أن نرى وندرك كلّ ما حدث في الماضي.
لإثبات إمكان تجسيد الأعمال الماضية،
يمكن الإستناد إلى مبادىء الفيزياء الثابتة اليوم، فقوانين الفيزياء تقول إنّ المادة تتحوّل إلى طاقة، وذلك لأنّ «المادّة» و «الطاقة»
كما تقول أحدث النظريات بهذا الخصوص،
وأنّ المادّة طاقة متراكمة مضغوطة
تتحوّل إلى طاقة في ظروف معيّنة.
وقد تكون الطاقة الكامنة في غرام واحد
من المادّة تعادل في قوة انفجارها أكثر من ثلاثين ألف طن من الديناميت.
إنّ المادّة والطاقة مظهران لحقيقة واحدة،
وبالنظر لعدم فناء الطاقة والمادّة،
فليس هناك ما يحول دون تراكم الطاقات المنتشرة
مرّة أُخرى وتتّخذ صورة مادّة أو جسم،
فإذا كانت نتيجة الأعمال صالحة ظهرت بصورة نِعم مادّية جميلة،
وإذا كانت شرّاً وسيئّة فإنّها تتجسّد
**************************************
1 ـ اكتشف العلماء جهاز تصوير يعمل بالأشعة ما تحت الحمراء تستطيع أن تصوّر حدثاً
لم يمض عليه أكثر من بضع لحظات،
إنّ الجهاز يعمل وفق نظام حراري
يجتذب الأمواج الصادرة عن الأجسام،
ويحوّلها بوساطة جهاز يدعى «ثرموجرام»
ثمّ يصوّرها بالأسود والأبيض ـ
وتصوير أعمال المجرمين السابقة ثمّ عرضها عليهم وكشف كذبهم.
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ سمارا على المشاركة المفيدة:
|
|
01-31-2019
|
#2
|
طرح جميــــــــــــل
ومجهود رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..
يعطيك آلعافيه على هذآ آلتميز ..
وسلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-01-2019
|
#3
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-01-2019
|
#4
|
طرح رائــع ومميـــز
سلمت آناملك ...
دائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص تقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-01-2019
|
#5
|
02-02-2019
|
#6
|
بارك الله فيكم
وجزاكم الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمتم بحفظ الله ورعايته
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 06:54 AM
| | | | | |