01-23-2024
|
01-23-2024
|
#2
|



هكذا كانوا يجعلون الشهر الحرام حلالًا، والحلال حرامًا، فيُنسِئون كل شهر لشهر غيره يسمونه باسمه، أو كما قال الزمخشري: "يؤخرون حرمة الشهر إلى شهر آخر"، ويضعون لذلك أحكامًا لم يأذن بها الله، فكانت تتغير أسماء الشهور، وأوقات العبادات؛ فتتغير الشريعة، وتضطرب حياة الناس،وهو ما نعاه القرآن عليهم بقوله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]؛ لذلك وصف الله تعالى عملهم هذا بالكفر الزائد على كفرهم الأصلي الذي هو اتخاذ الأوثان آلهة، أو واسطة بينهم وبين الله، أو شريكًا له- تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- فقال عز وجل: ﴿ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [التوبة: 37]، كفر تشريع بما لم يأذن به الله يضاف إلى كفر الجحود والتكذيب والإعراض والاستكبار الذي هم فيه ﴿ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 37]، فيزيدهم هذا النسء ضلالًا إلى كفرهم الأصلي الذي تلبسوا به من قبل، وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف: ﴿ يُضَلُّ ﴾ بضم الياء وفتح الضاد فعلًا مضارعًا مبنيًّا للمجهول من "أضلَّ" الرباعي، وقرأ يعقوب: "يُضِل"بضم الياء، وكسر الضاد، فعل مضارع من "أضَلَّ" فاعله ضمير مستتر، وقرأ الباقون: "يَضِل" بفتح الياء وكسر الضاد، مضارع الفعل "ضَلَّ" الثلاثي مبنى للفاعل و﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾الفاعل.
﴿ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا ﴾ [التوبة: 37] فيجعلون الشهور حرامًا تارةً وحلالًا تارة، ويسيرون على نفس النهج في الاستحلال والتحريم حتى تتغيَّر أسماء أشهر السنة كلها ويتغير ترتيبها، ﴿ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 37] من المواطأة وهي الموافقةُ والاجتماع، يقال: تواطئوا على أمر؛ أي: اتفقوا عليه، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَطَأ حيث يَطَأ الآخر، ويضع رجله حيث يضع الآخر رجله؛ أي: ليوافقوا عدد الشهور دون أوقاتها وأحكامها ﴿ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 37] من الأشهر الحرم وأحكامها ﴿ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ﴾ [التوبة: 37]؛ أي: زين لهم الشيطان والهوى أعمالهم السيئة هذه، وقوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ ﴾ عند الجمهور مبني للمجهول للدلالة على أن أهواءهم المتناقضة وكفرياتهم المختلفة هي التي زينت لهم ذلك، قرأها زيد بن علي[7]: "زَيَّن" ببنائها للفاعل الذي هو الشيطان، و"سوءَ" بالفتح مفعوله.
﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 37]، وإنما يَكِلُهم إلى أنفسهم وشياطينهم إذا أصرُّوا على الكفر أو فرحوا به أو استكبروا.
إن استدارة الزمن أيامًا وشهورًا وأعوامًا ومنازل نظام رباني دقيق، جعله الحق تعالى متماهيًا مع حركة القمر ودورته، ووقَّت به كثيرًا من العبادات، صلاةً وصومًا وحجًّا وزكاةً وصدقةً وعدة وفاة وعدة طلاق وإبراء واستبراء وغيرها، كما تعلقت به مصالح العباد الدنيوية والأخروية وارتبطت به دورة حياة الكائنات الحية، خلقه الله تعالى وجعله وسَخَّره للناس آيات ومنائر في الدنيا، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 5، 6]، وكل إخلال بهذا النظام أو انتحال بديل عنه، أو مُضاهٍ له[8] مخالفٌ لما شرعه الله لعباده، ومخلٌّ بنظام الكون، مصدره الشيطان ومآله الفساد والضلال، كما في قوله صلى الله عليه وسلم إذ وقف بِالْعقبَةِ: ((إِن النسيء من الشَّيْطَان)) [9] وقوله تعالى:﴿ وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 117 - 119].
ولقد دأب كفار قريش على هذا الإفساد بنسء الشهور القمرية وتغييرها عقودًا طويلة، حتى إذا نزلت سورة التوبة في السنة التاسعة للهجرة أعيد لها ترتيبها كما خلقها الله أول أمرها، وعالج القرآن بذلك آفة تغيير ما خلق الله من حُرم للأشهر والأهلة، وآفة التشريع بغير ما أنزل الله، وتلافي ما أخذ يظهر من أثر لها في الصف المسلم عند الدعوة للجهاد كما وقع في غزوة تبوك وقد كانت في الصيف،فتخاذل بعض المسلمين عن الخروج لها، وتخلف البعض واستعفى آخرون، وقال عنها ابن عباس: "كان وقتها زمان شدة الحر، حين طابت ثمار المدينة، واستعظم النَّاسُ غزو الرُّوم وهابوه"، وحين الدعوة للانضمام إلى جيش أسامة [10]؛ إذ جعله صلى الله عليه وسلم طليعة لغزو الروم [11]، فجادل البعض في كفاءة القيادة وسن القائد ومنزلة الجنود ومقامهم في الصف ووقت التنفيذ وظروفه، فشهد صلى الله عليه وسلم لأسامة بالكفاءة والقدرة والإخلاص والفضل بقوله صلى الله عليه وسلم لهم: ((وأيم الله إن كان- أي: والده زيد - للإمارة لخليقًا، وإن ابنه -أي أسامة - من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمَــَـخِيلان[12] لكل خير، واستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم))، وتأخر خروج الجيش بهذا الجدال والتردد إلى ما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
لهذه الظواهر السلبية في الصف وأمثالها في كل عصر توالت آيات سورة التوبة تعاتب المسلمين مهاجرين وأنصارًا ومسلمةَ فتحٍ، طلقاءَ وعتقاءَ ومن لحق بهم، وتصفهم جميعًا بالإيمان، حفاظًا على وحدة الصَّفِّ وتأليف القلوب، وتعاتبهم لما ظهر في بعضهم من ضعف وميل للراحة والنفور من الجهاد بقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ﴾ [التوبة: 38]، وقوله تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ ﴾ استفهامٌ للإنكارِ والتوبيخ والعتاب والتعجب من حال بعض المسلمين وما بدر منهم عندما استحثهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل للخروج معه إلى غزوة تبوك فتباطأ بعضهم ثم استجابوا متثاقلين، وتخَلَّف آخرون في المدينة، وقال فيهم الحق تعالى: ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [التوبة:86- 87]، وأساء غيرهم القول ﴿ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74]، وأعدوا للخيانة واغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم والانقلاب على النبوَّة نفسها.
ثم وصف عز وجل ما بدا من حالهم وأثار العجب من تصرفاتهم فقال سبحانه: ﴿ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ﴾ إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ وفعل "نفر" من أفعال الأضداد، فيقال: نفر من الشيء إذا ابتعد عنه، ونفر إليه إذا هرع وسارع وهب إليه، ومنه مصطلح "النفير" بمعنى جيش النصرة والنجدة في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ [الإسراء: 6]، وقوله تعالى في النفور إلى العلم: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، والنفور إلى الجهاد بمعنى المسارعة إليه والإقبال عليه؛ أي: كلما أمرتم بالنهوض للجهاد في سبيل الله ﴿ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ اثَّاقَلْتُمْ ﴾، أصله: تثاقلتم، من فعل "ثقل يثقل"، أدغمت تاء التفاعل في الثاء الأصلية واجتلبت همزة الوصل لتسهيل النطق بها، والتثاقل إلى الأرض يعني التباطؤ عن الاستجابة، ضُمِّن معنى الإخلاد، فعُدِّي بحرف "إلى"؛ أي: أخلدتم، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الأعراف: 176]؛ أي: تباطأتم عن تلبية الدعوة، لميلكم إلى الدنيا وشهواتها ولذاتها، وركونكم إلى الراحة وجبنكم عن الجهاد ومشاقِّه.
ثم سألهم عز وجل مستنكرًا حالهم وموبخًا: ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ﴾ [التوبة: 38] هل رضيتم بلذَّات الحياة الدنيا ومكاسبها وهي قليلة زائلة غير دائمة ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38] فما لذَّات الحياة الدنيا إلا قليلة ومنقطعة وعابرة تعقبها نار جهنم، ومن يسوي قليلًا بكثير ومنقطعًا بموصول وعابرًا بمستقر دائم؟! قال تعالى: ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 197]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما الدنيا في الآخرة إلا مِثْل ما يجعل أحدكم أُصْبُعَهُ في اليَمِّ، فلينظر بِمَ يَرْجع))[13]، والعتاب في الآية موجَّه إلى كل من ارتكب خطيئة التثاقل عن تلبية دعوة الجهاد أو التخَلُّف عنها من قبل، عندما دعوا للنهوض إلى غزوة تبوك، وإلى من كانوا يُدعَون حينئذٍ إلى الجهاد في جيش أسامة وإلى كل من يدعى إليه في كل عصر فيتثاقل أو يتخَلَّف أو يلتمس المعاذير.
ثم عقب عز وجل على عتابه وتوبيخه ببيان عاقبة المخالفة ونتائجها وعقوبة مرتكبيها، فقال عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [التوبة: 39] إن لم تنفروا إلى من استنفركم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من الجهاد يعذبكم الله تعالى في الدنيا بأشد العذاب ثم يسلمكم إلى أشد منه في الآخرة﴿ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ [التوبة: 39] يستبدل خيرًا منكم نفرة وجهادًا ﴿ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ﴾ [التوبة: 39]، ولا يضره في شيء تثاقلكم أو توليكم عن الجهاد ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التوبة: 39]، لا يعجزه شيء، قادر على تبديل الأقوام والأحوال وتغيير الأسباب والأدوات والوسائط وتوفير النصرة لنبيه صلى الله عليه وسلم بلا مدد ترونه أو قوة تتصورونها، كما هو قادر أيضًا على معاقبتكم واستبدال خير منكم مطيعين له ولرسوله، في السراء والضراء[14].
ثم ضرب لهم الحق تعالى المثل باستغنائه صلى الله عليه وسلم بنصر الله عن نصرتهم وجهادهم، وذكرهم بخروجه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرًا مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وما كاد يلحقه من أذى قريش فأنجاه الله منهم بقوله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40] إن تخليتم عن تلبية نداء الجهاد معه صلى الله عليه وسلم ولم تنصروه فقد نصره الله في أشد المواقف ضعفًا وقلة أنصار ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 40] حين ضيقت به قريش وحاولت قتله واضطرته للخروج سرًّا من بيته مهاجرًا واتبعت أثره إلى الغار الذي اختبأ فيه ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾ [التوبة: 40]، مع صاحبه الذي كان ثانيه ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾ [التوبة: 40] أبي بكر رضي الله عنه الذي حزن لاحتمال اكتشاف كفار قريش مخبأهما ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40] بستره ونصرته، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس قال: حدثني أبو بكر قال: كنت مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في الغار، فرأيت آثار المشركين، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا تحت قدمه، فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا أبا بكر، ما ظَنُّك باثنين الله ثالثهما))، ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾ [التوبة: 40]، أنزل الطمأنينة على قلبه صلى الله عليه وسلم فواصَلَ الطريق إلى المدينة محفوظًا آمنًا ومنصورًا ﴿ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 40] هم الملائكة الذين أيَّده الله بهم فقاتلوا معه في غزوة بدر وانكسرت بهم شوكة الكفار فولوا مدبرين ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى ﴾ [التوبة: 40]، خابت آمالهم وانذلت أحوالهم، وجعل الله شأنهم أقوالًا وأفعالًا وعقائد وقيمًا سفلى ساقطة ﴿ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ [التوبة: 40] وكلمة الله دائمًا وأبدًا هي العليا النافذة، أمرًا ونهيًا وخلقًا وإحياء وإماتة وعطاء ومنعًا وتقديرًا وإقدارًا وأولًا وأخيرًا، لا راد لها ولا معترض عليها، وقد قرأ يعقوب: "وَكَلِمَةَ اللَّهِ" بفتح التاء، معطوفة على ﴿ كَلِمَةَ ﴾ الأولى الواقعة مفعولًا به لفعل "جعل"، وجملة ﴿ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ في محلِّ نصب مفعول ثانٍ. وقرأ الباقون ﴿ وَكَلِمَةُ اللَّهِ ﴾برفع التاء، على الابتداء، وهو الأصوب في نظري، وجملة ﴿ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ في محل رفع خبر المبتدأ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173] وقال: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].
ثم عقب عز وجل بقوله: ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]، واسمه تعالى: ﴿ عَزِيزٌ ﴾، من حرفي العين والزاء أصل صحيح كما قال ابن فارس في معجمه يدل على الشدة والقوة وما ضاهاهما من غلبة وقهر، ومنه "العزة" التي هي لله وحده، متفرد سبحانه بها، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [يونس: 65]، وقال: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، واسمه عز وجل: ﴿ حَكِيمٌ ﴾، من الحكم والإحكام والحكمة، يثبت عز وجل ما يشاء على أحسن إثبات وينسخ ما يشاء على أحسن نسخ، قوله وفعله وأمره ونهيه حكمة مطلقة، لا ينالها العيب أو الخطأ أو النقص أو الجهل، سبحانه وتعالى عما يصفون أو يشركون.
لقد كان عتاب المتثاقلين والمخلفين شديدًا وتوبيخهم وتهديدهم بالاستبدال أشد، لا سيما وقد ذُكِّروا بنصرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في حالات استضعافه بمكة وحيدًا وحالات الهجوم على دولته وليدة ومحاطة بالأعداء بين فيافي يثرب، كما كان إشعارهم بأن كلمة الله التي يحمل لواءها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي العليا أبدًا، والمنتصرة النافذة في كل حال وحين، خير مقدمة لتصحيح تصورهم إن أراد الله بهم خيرًا؛ لذلك بادرهم الحق تعالى بتأكيد دعوتهم إلى الجهاد أمرًا جازمًا لا محيص عنه، فقال عز وجل: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ﴾ [التوبة: 41] نصبهما على الحال من فاعل ﴿ انْفِرُوا ﴾؛ أي: هُبُّوا كلكم كهبَّة السيف مضاء وهبة الريح سرعة ﴿ خِفَافًا ﴾، بالفتح على الحال من فاعل ﴿ انْفِرُوا ﴾، أي: في أي حال كنتم، سواء كنتم خفافًا من مسؤوليات الحياة الدنيا زوجة أو ولدًا أو تجارةً أو ضياعًا وغيرها ﴿ وَثِقَالًا ﴾ أو مثقلين بهم الأهل والولد والمال وما زين لكم من رغائب النفوس ومثبطات الهمم، وقد روى ابن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أعَلَيَّ أنَّ أنفر؟ فقال له: ((ما أنت إلَّا خفيفٌ أو ثقيلٌ))، فرجع إلى أهله ولبس سلاحه، ووقف بين يديه، فنزل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ﴾ [الفتح: 17]، وقال مجاهدٌ: "إنَّ أبا أيُّوب الأنصاري شهد بدرًا مع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يتخَلَّف عن الغزوات مع المسلمين، ويقول: "قال الله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ﴾، فلا أجدني إلاَّ خفيفًا أو ثقيلًا".
ثم قال عز وجل: ﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [التوبة: 41]، تبذلونها لتوفير آلة الجهاد ومتطلباته وتجهيز رجاله ورعاية أهلهم من خلفهم ﴿ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ بالمشاركة الفعلية في الجهاد؛ إذ لا يغني الجهاد بالمال عن الجهاد بالنفس ولا الجهاد بالنفس عن الجهاد بالمال ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 41] وحده لا شريك له، لا تريدون بذلك جاهًا أو مكسبًا ماليًّا أو رتبة دنيوية أو مدحًا من الناس أو مفخرة بينهم، غايتكم الله وهدفكم إرضاؤه، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَنَّى ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))[15]، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال: ((لا شيء له))، فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي وجهه)) [16]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أدخل الله تعالى عليهم ذُلًّا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)) [17].
وختم الحق تعالى بكلمة فصل في هذه الحالات التي كانت تدب في المجتمع المسلم دبيبًا بطيئًا فقال عز وجل: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [التوبة: 41] ذلكم الجهاد بالمال والنفس هو الخير لكم في الدنيا بالنصر والتمكين، وفي الآخرة بأجر الجهاد أو الشهادة في سبيل الله ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41] إن كنتم تؤمنون بما أنزل إليكم من ربكم وتفهمون معانيه ومقاصده ومراشده وفضله؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم مُبلِّغًا عن ربِّه ومبيِّنًا ومُعلِّمًا ومعطيًا من نفسه القدوة والأسوة ومخبرًا بفضل الجهاد وأجر المجاهدين فيما أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي: ((انتدبَ اللهُ عزَّ وجلَّ لمن خرجَ في سبيله لا يخرجُ إلا جِهادًا في سبيلي، وإيمانًا بِي وتصدِيقًا برسولِي؛ فهو عليَّ ضامنٌ أنْ أدْخلَه الجنَّةَ، أو أَرجِعَهُ إلى مَسْكنهِ الذي خرجَ منهُ نائلًا ما نالَ من أَجْرٍ أو غنيمةٍ، والذي نفْس مُحَمَّدٍ بيده! ما من كَلْمٍ يُكْلَمُ في سبيل الله إلا جاءَ يومَ القيامةِ كهيئتهِ يومَ كُلِمَ؛ لوْنه لونُ دمٍ، وريحُه ريحُ مسكٍ، والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِه، لولا أنْ أشقَّ على المسلِمينَ ما قعدتُ خلافَ سَرِيَّة تغزُو في سبيلِ اللهِ أبدًا، ولكنِّي لا أجدُ سَعَة فيتبعُوني، ولا تطيبُ أنفُسُهم فيتخلفونَ بعْدي، والذي نفسُ مُحَمَّد بيدِه، لوددتُ أنْ أغزوَ في سبيلِ اللهِ فأُقْتَل، ثمَّ أغزُوَ فأُقتل، ثم أغزُوَ فأُقتل).
[1] كانت معركة نينوى - شمال غرب العراق - فاصلة فى الحرب الساسانية البيزنطية التي دارت بين عامي 602 و628 الميلاديين، وكان قائد الروم هو الإمبراطور هرقل نفسه، وقائد الفرس فيها راهزاد الذي قتل في مبارزة فردية مع هرقل، فكانت هزيمة الفرس وتحطيم قوة الساسانيين واستعادة الدولة البيزنطية حدودها القديمة في آسيا.
[2] وهي الشهور المعلومة بأسمائها عند العرب، تبدأ سنتها من ظهور أول هلال للقمر بعد انتهاء موسم الحج وهو هلال شهر المحرم.
[3] متفق عليه.
[4] صحيح الألباني.
[5] صحيح الألباني.
[6]مَعَد:من ولد عدنان، قبيلة عربية، كانت شرق نزار، وجنوب طيء وغسان.
[7] زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخو محمد الباقر، قتل ثم صلب أربع سنين.
[8] كما أصبح معمولًا به حاليًّا في ديار المسلمين باعتمادهم التقويم "الغريغوري" الميلادي الذي تم اعتماده بالقرن 16، من قبل البابا غريغوري الـ 13، وإعراضهم عن التقويم الإسلامي المبني على دورة القمر.
[9] أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر.
[10]أسامة بن زيد رضي الله عنه يرتفع نسبه إلى قضاعة بن معد بن عدنان، أبوه زيد بن حارثة الذي كان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وأول الموالي إسلامًا ومن السابقين الأولين للإسلام، والوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن بقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [الأحزاب: 37]، بعثه الرسول صلى الله عليه قائدًا على عدد من السرايا. واستشهد في غزوة مؤتة وهو يقود جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين وعملائهم الغساسنة.
[11] أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعداد لغزو الروم يوم الاثنين لأربع ليالٍ بقين من صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة، ثم دعا أسامة بن زيد في اليوم الثاني وأمَّرَه على الجيش وقال له: ((سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش))، وجعل تحت إمرته كبار الصحابة أبا بكر وعمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فقال بعض المنافقين: "يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين"، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا وصعد المنبر وقد عصب على رأسه عصابة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد، أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في إمارتي أسامةَ، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لَمَـــخِيلان لكل خير، واستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم)) ثم نزل فدخل بيته وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودِّعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: ((أنفذوا بعث أسامة))، ولما تأخر خروج أسامة لوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أول ربيع الثاني من السنة الحادية للهجرة خرج أسامة على فرس أبيه "سبحة" فشن الحرب على الروم في البلقاء - الهضبة الشرقية لغور الأردن حاليًّا - وشعاره يومئذ: "يا منصور أمت" فنصره الله عليهم وقتل قاتل أبيه ورجع إلى المدينة منصورًا.
[12] لَمَخِيلان: بفتح الميم وكسر الخاء؛ أي: لمظنة لكل خير، من: خَالَ الشيءَ يخاله خَيْلًا وخِيلَة وخَيْلة وخَالًا وخِيَلًا وخَيَلانًا.
[13] عن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد رضي الله عنه، رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي.
[14] كما في قوله تعالى أيضًا إذ دعوا للإنفاق على الجهاد فأنفق بعضهم وبخل بعضهم وقال تعالى: ﴿ هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، وقد أورد ابن كثير في تفسيره عن أبي هريرة أنه قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هؤلاء الذين إن تولينا اسْتَبْدَلَ بِنَا ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ قَالَ: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا وَقَوْمُهُ وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنَ الْفُرْسِ)).
[15] صححه الألباني.
[16] أخرجه النسائي بإسناد جيد.
[17] صححه الألباني.
|

|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2024
|
#3
|
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-24-2024
|
#4
|
-
جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
و شكرًا على طرحك المُفيد 
و لا حرمنا الله من جديدك الرائع
و الله يعطيك الف عافيه
لك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-24-2024
|
#5
|
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك على ماطرحت
وجعله الله في موازين حسناتك
إحترامي وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-24-2024
|
#6
|
-
جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 08:30 AM
| | | | | |