ان اعطيناك الكوثر

خصّ الله سبحانه وتعالى نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم بعددٍ من المناقب والصّفات دون غيره من الأنبياء، فهو سيّد بني آدم ولا فخر، وهو حبيب الله تعالى الذي أعطاه الشّفاعة الكبرى والمقام المحمود حيث يقف بين يدي الله تعالى ليشفع للخلائق جميعاً يوم الحساب حين يلجمها العرق ويشتدّ بها الموقف، وقد وعد الله تعالى نبيّه الكريم بشيءٍ خصّه به وهو نهر الكوثر، قال تعالى ( إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَر فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر)، فما هو نهر الكوثر؟، ومن سيرد عليه من هذه الأمّة ومن سوف يذاد عنه ؟. بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في أحاديث عدّة حقيقة النّهر الذي أكرمه به الله تعالى يوم القيامة، فتذكر بعض الرّوايات أنّ نهر الكوثر هو نهرٌ في الجنّة حافتاه من ذهبٍ ومجراه على الدّر والياقوت وفي رواياتٍ أخرى حافتاه اللؤلؤ المجوّف، وطينه المسك الأذفر، وإنّ بياض مائه أشدّ من اللّبن، وإنّ حلاوته أحلى من العسل المصفّى، وإنّ عليه طير تشبه أعناقها أعناق الإبل، وفي روايةٍ أخرى إنّ فيه أباريق من ذهب وفضة عددها كعدد نجوم السّماء، وإنّ الذي يشرب من ماء هذا النّهر لا يظمأ بعد ذلك أبداً. وقد ذكر بعض العلماء أنّ نهر الكوثر هو عبارة عن حوض عظيم يوضع في أرض المحشر وهو بجانب الجنّة ويصبّ فيه ميزابان من الجنّة من النّهر الذي بداخلها. وقد اختلف العلماء فيما إذا كان نهر الكوثر هو ممّا اختص به الله تعالى نبيّه الكريم، أمّ أنّ لكلّ نبي نهراً، والصّحيح الرّاجح أنّ ذلك مما خصّ الله به نبيّ الأمّة محمّد عليه الصّلاة والسّلام، وقد بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام حال نفرٍ من هذه الأمّة يقدمان على حوض النّبي لينهلا منه فيذادوا عنه، فيعرفهم النّبي الكريم ويستفهم من الملائكة عن سبب إبعادهم فيقال له إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيقول النذبي الكريم سحقاً، سحقاً لمن بدل. فعلى المسلمون جميعاً أن يحرصوا على الالتزام بشريعة الله تعالى وسنّة النبي الكريم عليه الصّلاة والسّلام وأن يبتعدوا عن المعاصي والذّنوب المهلكات، وأن يحذروا من أصحاب الأهواء الواقفين على أبواب جهنم يدعون النّاس إليها، حتّى لا يكون المسلم ممّن يذاد عن حوض النّبي عليه الصّلاة والسّلام ويحرم من الشّرب من يده الطّاهرة التي لم تعرف البشريّة لها مثيلاً.