الإعجاز العلمي في مرج البحرين، قال الله تعالى: (وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجوراً) (الفرقان:53).
هذه الآية الكريمة جاءت في مطلع الثلث الأخير من سورة الفرقان، وهو اسم من أسماء القرآن الكريم لكونه فارقا بين الحق و الباطل، ويدور المحور الرئيسي للسورة حول قضية العقيدة الإسلامية، وجاءت هذه الآية للتأمل في خلق الله للبحار.
الإعجاز العلمي في مرج البحرين
تفسير الآية الكريمة
في تفسير الآية الكريمة ذكر ابن كثير(رحمه الله) في قوله تعالى: (وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) أي أن الله تعالى خلق الماء الحلو والماء المالح، فالحلو كالأنهار والعيون والآبار، فهذا المعنى لا شك فيه، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات، والله سبحانه وتعالى إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه، والمالح أي زعاف لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب وما شابهها من البحار الساكنة التي لا تجري ولكن تموج وتضطرب في الشتاء وشدة الرياح.
الحكمة من جعل البحار الساكنة مالحة
هذه البحار الساكنة خلقها الله سبحانه وتعالى مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء، فيفسد الوجود بذلك، ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان, ولما كان ماؤها ملحا كان هواؤها صحيحا وميتتها طيبة, ولهذا قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وقد سئل عن ماء البحر: أنتوضأ به؟ فقال هو الطهور ماؤه, الحل ميتته).
الحاجز المائي بين المياه المالحة والحلوة
أول من لاحظ وجود حاجز مائي بين المياه الجوفية العذبة ومياه البحار المالحة العالم الهولندي غيبن في عام 1888م، والعالم الألماني هيرزبيرغ في عام 1901م، ولقد تمكن العالمان وبشكل مستقل من إشتقاق علاقة تحدد عمق الحاجز عن سطح البحر، ولهذا سميت العلاقة بإسميهما وهي علاقة غيبن-هيرزبيرغ، وتعتمد العلاقة في إشتقاقها على حقيقة أن كثافة الماء المالح تزيد عن كثافة الماء العذب بنسبة [40-41] حيث تبلغ كثافة الماء المالح 1.025 غرام لكل سنتيمتر مكعب، بينما تبلغ كثافة الماء العذب غرام واحد لكل سنتيمتر مكعب، وبناء على هذه الحقيقة وجد العالمان أن عمق الحاجز الموجود بين المائين تحت سطح البحر يبلغ أربعين ضعف إرتفاع مستوى الماء العذب فوق سطح البحر، وهذا يعني أن مثل هذا الحاجز لن ينشأ إذا تساوى مستوى الماء العذب مع مستوى الماء المالح، وهذا الحاجز المائي يكون على شكل جدار من الماء يحيط تماما بكامل المياه الجوفية من جهة الماء المالح ويبدأ أعلاه من سطح البحر المالح ويمتد إلى الأسفل، ولكن ليس بشكل رأسي بل يميل بشكل منحني بإتجاه المياه العذبة إلى أن يصل إلى قاع المياه العذبة، كما تبين لهذين العالمين أن وجود مثل الحاجز بين الماء المالح والماء العذب يمنع منعا باتا إنتشار جزيئات الملح من الماء المالح إلى الماء العذب، وهو ما يخالف القانون الطبيعى الذي ينص على أن جزيئات المادة في السوائل والغازات تنتشر من الوسط الأكثر تركيزا إلى الوسط الأقل تركيزا بهذه الجزيئات، وهذا الكلام كله مذكور في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا.