الصدق
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. أمَّا بَعْدُ: فإنَّ الصدق هو قول الحق والثبات عليه، وهو مِنَ الأخلاق الإسلامية الرفيعة التي أمرنا بها اللهُ تعالى في كتابه وعلى لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
الصدق في اللغة: الصِّدْق نقيض، الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه قَبِل قولَه وصدَقَه الحديث أَنبأَه بالصِّدْق، والمُصَدِّقُ: الذي يُصَدِّقُك في حديثك، والصِّدِّيقُ: الدائمُ التَّصْدِيقِ ويكون الذي يُصَدِّقُ قولَه بالعمل، والصَّداقةُ: والمُصادَقةُ المُخالَّة، والصَّدِيقُ: المُصادِقُ لك والجمع صُدَقاء وصُدْقانٌ وأَصْدِقاء وأَصادِقُ، الصَّدَقَةُ: ما أعطيته في ذات الله للفقراء، المُتَصَدِّق: الذي يعطي الصَّدَقة والصَّداقُ: والصِّداقُ: مَهْرُ المرأَة، الصَّدْقُ: الكامل مِن كل شيء.
مِصْدَاقُ الأمْرِ: حقيقته؛ (لسان العرب لابن منظور، ج4، ص2420: 2417).
منزلة الصدق:
قال ابن القيم: من منازل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، منزلة الصدق: وهي منزلة القوم الأعظم، الذي تنشأ منه جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم، الذي من لم يَسِرْ عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق مِن أهل الإيمان، وسُّكْنان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وُضع على شيء إلا قطعه ولا واجه باطلًا إلا أراده وصرعه. مَن صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال وَمَحَكُ الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجة الصدق تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين؛ (مدارج السالكين لابن القيم جـ2 صـ279).
الصدق وصية ربَّ العالمين:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]؛ قال ابن كثير في تفسير لهذه الآية: اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا مِن المهالك، ويجعل لكم فرجًا مِن أموركم ومخرجًا؛ (تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ7 صـ313).
أخي الكريم:
اعلم أن الإيمان لا يرسخ في قلب المسلم حتى يكون من المتقين، ولا يصل العبد إلى درجة التقوى حتى تكون من الصادقين المخلصين، فالصدق صفة جليلة من صفات عباد الرحمن.
الصدق هو قول الحق والثبات عليه، وهو أيضًا الوفاء لله تعالى بالعمل الصالح، فالصدق: عمود الدين وركن الأدب وأصل المروءة، فلا تتم هذه الثلاثة إلا به.
وحقيقة الصدق: استواء السر والعلانية وأن تقول الحقيقة وإن ظهر لك أن الهلاك في ذكرها.
وحقيقة الصدق: استواء السر والعلانية وأن تقول الحقيقة وإن ظهر لك أن الهلاك في ذكرها.
الصدق فيه رضا الرحمن، وبَرَكَة الأرزاق والأعمار والذُّرية وهو الطريق إلي جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خَطَرَ على قلب بشر.
الصدق من صفات الأنبياء والصالحين:
1) وقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41].
2) وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54].
3) وقال جل شأنه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 56].
4) وقال تعالى: ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ
2) وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54].
3) وقال جل شأنه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 56].
4) وقال تعالى: ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف: 51].
5) وقال سبحانه: ﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [المائدة: 75].
جزاء الصادقين:
قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|