قولُ الله تَعالى (الذينَ يَذكُرونَ اللهَ قِيامًا وقُعُودًا وعلى جنُوبِهم) قال بَعضُهم يَذكرُونَ اللهَ أي يُصَلّون قيامًا، وقُعُودًا إن عَجَزُوا عن القِيام إن كانَت الصّلاةُ فَرضًا،أمّا إنْ كانَت نَفلا، لو كانُوا قَادِرينَ على القيام فصَلَّوا قاعِدِينَ لهم ثواب، وعلى جنُوبهِم أي إن عجَز عن الصَّلاةِ جَالسًا صلَّى على جَنبِه، كلُّ هؤلاءِ لهم عُذرٌ عندَ الله، لهم خَيرٌ عندَ الله.
التّفَكُّر فَرضٌ، سيّدُنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قَرأ هذه الآيةَ التي في سورة آل عِمران: (إنّ في خلْق السّماواتِ والأرضِ واختِلافِ اللّيلِ والنَّهارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبابِ الذينَ يَذكُرونَ اللهَ قِيامًا وقعُودًا وعلى جنُوبِهم ويتَفَكّرونَ في خَلقِ السَّماواتِ والأرض ربَّنَا ما خَلَقْتَ هذا باطلا) ثم قال بعدَما قرأ الآيةَ (وَيْلٌ لمن قرَأَها ولم يتَفكَّرْ فيها) رواه ابن حبان، فمِن هنا نَعلَم أنّ على الإنسانَ أن يتَفكّر أي يَنظُر في أحوالِ العالَم في حالِ نَفسِه وفي حَالِ هذا الجوّ حتّى يَزدَادَ يَقينًا بوجُودِ الله الذي خَلَقَ هَذه الأشيَاءَ كُلَّها، لأنَّ الإنسَانَ إذَا فَكّرَ في أَمرِ نَفسِه في حالِ نَفسِه يَعرفُ أنّه وُجِدَ بَعدَ أن لم يكن مَوجُودًا، يَعلَمُ أنّه لم يَخلُق نَفسَه كذلكَ حالُ الأبِ كذلك حالُ الأمّ كذلك حالُ الجدِّ كذلك مَن فَوقهُم كُلّ هؤلاء يَعلَمُون أنهم ما خلَقوا أنفُسَهُم، ومما قَالَهُ بَعضُ الشُّعَراءِ في الاستِدلالِ على وجُودِ اللهِ مَا قَالَهُ أبو العتَاهِيَة وهوَ مِنَ المتقَدّمِينَ: