أبراهام لينكون أو إبراهيم لنكن اِسْتَمعi/ˈeɪbrəhæm ˈlɪŋkən/ (بالإنجليزية: Abraham Lincoln) (من 12 فبراير 1809م - 15 أبريل 1865م) كان الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين 1861م إلى 1865م. بالرغم من قصر الفترة الرئاسية للرئيس لينكون إلا أنه استطاع قيادة الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح حتى تمت إعادة الولايات التي انفصلت عن الاتحاد بقوة السلاح، والقضاء على الحرب الأهلية الأمريكية.
سيرته
نشأ الرئيس لينكون في عائلة فقيرة على الحدود الغربية لولاية كنتاكي، وكان يعلم نفسه بنفسه لذا تكونت لديه معرفة وثقافة عالية خلال المراحل الدراسية التي مر بها. مارس الرئيس لينكون مهنة القانون ثم أصبح عضواً في حزب الأحرار الأمريكي، ثم عضواً في نقابة المحامين بولاية إلينوي عام 1830م، وانتُخِبَ بعد ذلك عضواً في مجلس النواب الأمريكي عام 1840.
إن التعايش بين امتلاك الرقيق في الجنوب والعداء المتزايد للرق في الشمال جعل الصراع محتملاً، إن لم يكن حتمياً. لم يضع لينكولن قوانين اتحادية ضد العبودية، حيث أنها كانت موجودة بالفعل، لكنه في تقريره عام 1858، أعرب عن رغبته في "منعها من الانتشار، ووضعها في ذهن الجمهور، على اعتبار أنها ستنقرض". ركزت المعركة السياسية في خمسينيات القرن التاسع عشر على انتشار الرق في الأقاليم التي أنشئت حديثاً. جميع الأقاليم التي انضمت أصبحت حرة، مما أدى إلى زيادة اتجاه الجنوب نحو الانفصال. حيث يرى كل من الشمال والجنوب معاً أن الرق سينتهي إن لم يتوسع.
تخشى ولايات الجنوب من فقدان سيطرة الحكومة الفدرالية على قوات مكافحة العبودية، بينما تستاء الولايات الشمالية من تأثير سلطة الرقيق على الحكومة، مما جلب هذه الأزمة إلى ذروتها في أواخر الخمسينيات. انقسمت الاختلافات حول مدى أخلاقية نظام العبودية في نطاق الديمقراطية والمزايا الاقتصادية للعمالة الحرة مقابل ازدياد العبيد مما تسبب في انهيار الحزب اليميني وحزب لاأدري، وقيام أحزاب جديدة (الحزب الحر في عام 1848 والجمهوريون في عام 1854 والاتحاد الدستوري في عام 1860). في عام 1860، انقسم الحزب الديمقراطي، آخر حزب سياسي وطني. كان كل من الشمال والجنوب قد تأثر بأفكار توماس جيفرسون. أكد الجنوبيون على أفكار حقوق الولايات، المذكورة في قرارات جيفرسون في ولاية كنتاكي. أما الشماليون فكانوا بين مؤيد إلغاء العبودية وليام لويد جاريسون، والزعيم الجمهوري المعتدل أبراهام لينكون والذي أكد على إعلان جيفرسون بأن جميع الناس خُلِقوا متساوين. وأشار لينكون لذلك في خطابه بجيتيسبرغ.
دفع فوز لينكون في الانتخابات الرئاسية عام 1860 ولاية كارولينا الجنوبية لإعلان الانفصال عن الاتحاد. وبحلول فبراير 1861، أعلنت ست ولايات جنوبية أخرى انفصالها. يوم 7 فبراير، وضعت الولايات السبع دستورا مؤقتا للولايات الكونفيدرالية الأمريكية، وأسسوا عاصمتهم المؤقتة في مونتغمري، ألاباما. كان مؤتمر السلام الذي عُقِدَ قبل الحرب في فبراير عام 1861 في واشنطن، محاولة فاشلة لحل الأزمة. أما ولايات الرقيق الثماني الأخرى فرفضت مناشدات الدول للانضمام إلى التحالف. استولت القوات الكونفيدرالية على معظم الحصون الفيدرالية داخل حدودها. واحتج الرئيس بوكانان، ولكنه لم يبد رد فعل عسكري، لتجنب المحاولة الفاشلة لإعادة إمداد فورت سمتر باستخدام السفينة ستار اوف ذا ويست"، والتي أطلق عليها النار من قوات ولاية كارولينا الجنوبية، وعادت قبل وصولها للحصن. ومع ذلك، بدأ حكام ماساتشوستس ونيويورك وبنسلفانيا شراء أسلحة وتدريب وحدات الميليشيا عليها.
يوم 5 مارس 1861، أدى ابراهام لنكون اليمين الدستورية كرئيس للجمهورية. في خطابه الافتتاحي، قال أن الدستور كان اتحادا أفضل من القوانين الكونفدرالية والاتحاد الدائم، حيث أنه كان عقدا ملزما، واعتبر أي محاولة انفصالية "باطلة قانونا". وذكر أنه ليس لديه نية لغزو الولايات الجنوبية، كما أنه لا ينوي إنهاء الرق حيثما وجد، بل سيستخدم القوة للحفاظ على امتلاك الأراضى الاتحادية. أنهى خطابه بنداء لاستعادة ترابط الاتحاد. أرسلت دول الجنوب وفوداً إلى واشنطن، وعرضت الدفع للدول الفيدرالية والدخول في معاهدة سلام مع الولايات المتحدة. رفض لينكون أي مفاوضات مع وكلاء الكونفيدرالية على أساس أن الكونفيدرالية ليست حكومة شرعية، وأي معاهدة معها سيكون بمثابة اعتراف بأنها حكومة ذات سيادة. ومع ذلك، شارك وزير الخارجية وليام سيوارد في مفاوضات غير رسمية وغير مباشرة لكنها فشلت.
بدأ القتال في 12 أبريل 1861، حيث هاجمت القوات الكونفدرالية قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في فورت سومتر بولاية كارولينا الجنوبية، ردا على ذلك دعا لينكون لتشكيل جيش من المتطوعين من كل ولاية، مما أدى إلى إعلان انفصال أربع ولايات أخرى من رقيق الجنوب. أعد كلا الجانبين الجيوش وسيطر الاتحاد على الولايات الحدودية في وقت مبكر من الحرب، وفرض حصارا بحريا. في سبتمبر 1862، أطلق لنكون إعلان تحرير العبيد مما حقق هدف الحرب من إنهاء الرق في الجنوب، وأثنى بريطانيا عن التدخل في شؤون البلاد الداخلية. استطاع القائد الكونفيدرالي روبرت أي لى أن يحقق انتصارات في معارك في شرق البلاد، ولكن في عام 1863 لم يتمكن من مواصلة التقدم شمالا بعد معركة جيتيسبيرغ وفي الغرب، سيطر الاتحاد على نهر مسيسيبي بعد معركة فيكسبيرغ، وبالتالي فصلت بين قوات الولايات الكونفيدرالية. ظهر تميز الاتحاد على المدى البعيد من حيث عدد الرجال والعتاد في عام 1864، عندما خاض الجنرال يوليسيس جرانت معارك الاستنزاف ضد قوات الجنرال لي، في حين سيطر الجنرال وليام شيرمان على أتلانتا، بولاية جورجيا، وواصل الزحف حتى وصل إلى المحيط.
انتهت العبودية فعليا في الولايات المتحدة في ربيع عام 1865 عندما استسلمت الجيوش الكونفدرالية. أفرج إعلان تحرير العبيد عن جميع العبيد في الكونفدرالية، والذي نص على أن العبيد في المناطق الكونفدرالية أحرار. كما أفرج عن العبيد في الولايات الحدودية والأجزاء التي يسيطر عليها الاتحاد بقانون الولاية (في 6 ديسمبر، 1865) بالتعديل الثالث عشر. الاستعادة الكاملة للاتحاد نتجت عن العمل لحقبة مستمرة فيما بعد الحرب عرفت باسم إعادة الإعمار.
لينكون: كرئيسٍ للحزب الجمهوري المعروف بعدله ووسطيته، اكتشف أن قوانينه وشخصيته كانت متساهلة وتتلقى النقد والملامة لأسباب عدة. على سبيل المثال كان الراديكاليون الجمهوريون يطالبون بمعاملة أقسى وقوانين أكثر صرامة في الجهة الجنوبية، أما ديموقراطيو الحرب فكانوا يرغبون بالمزيد من المساومة والوسطية. أما الكوبريين فكانوا يكنون له الكراهية والبغض الشديدين. أما الانفصاليون فقد تأمروا على قتله بلا شك. على الصعيد السياسي، واجه لينكون هذه الهجمات بدعم مناصريه، وذلك بجعل المعارضين له يحاربون بعضهم البعض، بالإضافة إلى استخدام مهاراته الخطابية العظيمة للتأثير على الأمريكيين. حيث صُنّف خطابه المشهور " خطاب غيتسبرج " الذي ألقاه عام 1863 على أنه من أشهر الاقتباسات في التاريخ الأمريكي. ومع اقتراب نهاية الحرب، كان للينكون نظرة وسطية لإعادة البناء، متطلعاً لإعادة توحيد الأمة بسرعة من خلال قانون المصالحة بسخاء مقابل الانقسام المر. وبعد ستة أيام من الحصار الكونفيدرالي للقائد العام روبرت أيلي، اغتال لينكون الممثل المتعاطف مع الكونفيدراليين جون ويلكس بوث.
كان اغتيال الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون هو الأول من نوعه في التاريخ الأمريكي، وأصبحت الأمة الأمريكية في حالة من الحزن الشديد والحداد العام والذي لم يسبق له مثيل. على مرّ السنين يُعد الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون واحداً من أفضل ثلاثة رؤساء أمريكيين إلى جانب جورج واشنطن وفرانكلين روزفيلت وذلك حسب ما قاله الباحثون الأكاديميون. بينما جاء اسمه إلى جانب رونالد ريجان وبيل كلينتون حسب اختيارات العامة.
العائلة والطفولة
بداية حياته إبراهام لينكون
ولد إبراهام لينكون في الثاني عشر من فبراير عام 1809م، وهو الطفل الثاني لتوماس ونانسي لينكون. ولد في كوخ صغير بغرفة واحدة يقع في مزرعة الربيع الغارق الواقعة في مقاطعة هاردين، كنتاكي (معروفة الآن بمقاطعة لارو، كنتاكي). ابراهام لينكون هو سليل صموائيل لينكون الذي قدم إلى هنقهام ماساشوستس من نورفولك إنجلترا في القرن السابع عشر الميلادي. وكان جده لأبيه الذي حمل نفس اسمه (إبراهام) قد انتقل هو وعائلته من ولاية فرجينيا إلى كنتاكي، ثم بعد ذلك قتل هو وعائلته في غارة هندية عام 1786 م وكان من ضمنهم والدة توماس لنكولن حيث ظل توماس يبحث عن طريق للنجاة على الحدود وحيداً. كانت والدة لينكون نانسي ابنة لوسي هانكس التي ولدت في ما يسمى الآن مينرال Mineral. انتقلت إلى غرب فرجينيا ثم بعد ذلك انتقلت لوسي مع نانسي إلى ولاية كنتاكي حيث تزوجت نانسي من توماس لينكون الذي أصبح مواطناً محترماً.
عمل توماس ببيع وشراء العديد من الأراضي بما في ذلك مزرعة في Knob Creek. ارتادت العائلة الكنيسة المعمدانية التي كانت تتقيد بمعايير اخلاقيه وتعارض شرب الكحول والرقص والرق والعبودية. تمتع توماس بالمكانة المهمة والكبيرة التي حظي بها في كنتاكي حيث عمل في هيئة المحلفين وتقييم العقار وعمل أيضاً على مراقبة دوريات الرقيق وحراسة السجون. ولد ابن ابراهام خلال هذا الفترة، حصل توماس على أرض زراعية مساحتها 600 فدان (240) هكتار والعديد من الأملاك والثروات الحيوانية في بلدان عدة حيث كان يعتبر من أغنى الرجال في البلاد آنذاك ولكن في عام 1816 خسر توماس كل ثروته في القضايا المرفوعة أمام المحاكم والتي كانت بسبب مشاكل في إثبات الملكية.
زواجه وأطفاله
في عام 1835، التقى لينكون بآن روتليدج في نيو سايلم حيث كانت أول حب في حياته لكن لم تتم خطبتهم بشكل رسمي. توفيت آن بعمر 22 سنة في يوم الخامس والعشرين من شهر أغسطس لعام 1835 وقد قيل أن سبب الوفاة إصابتها بحمى التيفوئيد. في بداية ثلاثينات القرن الثامن عشر قدمت ماري أوينز من ولاية كينتاكي لزيارة أختها والتقت حينها بلينكون وفي آواخر عام 1836 م أتفق لينكون وماري على الزواج في حال رغبت في العودة والعيش في نيو سالم. عادت ماري في نوفمبر عام 1836 ودامت علاقتهما لفترة وجيزة لكن كلاهما أحس بالتردد حول مصير هذه العلاقة، وفي السادس عشر من أغسطس عام 1837 كتب لينكون رسالة لماري وذكر فيها أنه لا يلقي باللوم عليها لإنهائها العلاقة لكنها لم ترد أبداً على رسالته وهكذا انتهت علاقتهما.
أعلن لينكون في عام 1840 خطبته لماري تود والتي تنتمي لعائلة ثرية تعمل بمجال تجارة الرقيق في ليكسينغتون بولاية كينتاكي، حيث تقابلا لأول مرة في سبرنغفيلد بولاية إلينوي في ديسمبر عام 1839م وأعلنا خطوبتهما في ديسمبر التالي. حُدد الزفاف في الأول من يناير عام 1841م لكن ما لبث أن ألغي عندما قررا الانفصال بناءً على رغبة لينكون. بعد ذلك التقى لينكون بماري مرة أخرى في حفلة، ومن ثم تزوجا في الرابع من نوفمبر عام 1842م وأقيم الزفاف بقصر تمتلكه أخت ماري المتزوجة في سبرنغفيلد. ويُروى أن لينكون أثناء استعداده لمراسم الزفاف سُئل "إلى أين أنت ذاهب؟" وتحت تأثير شعوره بالقلق مجدداً، أجاب: " للجحيم على ما أظن."
في عام 1844، اشترى الزوجان منزلاً في منطقة سبرينق فيلد قريباً من مكتب لينكون للمحاماة. حافظت ماري تود لينكون على المنزل بمساعدة من قريب أو خادمة. ولد روبرت تود لينكون عام 1843م أما إدوارد بيكر لينكون (إيدن) فقد ولد 1846م. كان لينكون مولعاً بالأطفال. ولم كان أيضاً صارماً في تربية أطفالهم. توفي إدوارد في الأول من فبراير عام 1850م في سبرينق فيلد بداء السل. ولدت ويلي لينكون في 21 من ديسمبر عام 1850م وتوفيت في 20 فبراير 1862م أما الابن الرابع للينكولن فهو توماس تيد لينكون الذي ولد في 4 أبريل عام 1853م وتوفي في سن 18 إثر أزمة قلبية وكانت وفاته في 16 أبريل عام 1871م. كان روبرت هو الوحيد من أبناء لينكون الذي عاش حتى بلوغ مرحلة البلوغ وأنجب أطفالاً، كان من أحفاده روبرت تود لينكون بيكويث توفي 1985م. كان لوفاة أبنائهم آثاراً عميقة على الوالدين حيث كافحت ماري لاحقاً في ظل ضغوطات فقدان زوجها وأبناؤهما. فقد ظل روبرت لينكون ملتزماً في مرحلة ما بالعلاج عن طريق اللجوء إلى الصحة النفسية في عام 1875م. عانى أبراهام لينكون من الحزن الشديد وهو ما يُطلق عليه مسمى اكتئاب حالياً كان والد لينكولن أستاذاً في القانون في ولاية كنتاكي هو وآخرين من عائلة تود كانوا إما من مُلاك العبيد أو ممن يُتاجر بهم وكان لينكون قريباً من تود وكانوا غالباً ما يقومون بزيارة آل تود بمقاطعة ليكسينقتون. عُرف عنه أنه كان رحيماً وحنوناً رغم فقدان الأب لأربعة من الأطفال.