تفسير قوله تعالى: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون }
تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾ [البقرة: 99]
قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾.
قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ الواو: استئنافية، واللام للقسم، أي: والله لقد أنزلنا إليك آيات بينات
و"قد": للتحقيق، والجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم المقدر، واللام، و"قد"، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم
وفيه تشريف له صلى الله عليه وسلم وامتنان عليه، وتسليته صلى الله عليه وسلم.
﴿ آيَاتٍ ﴾ جمع آية، وهي الدلالة والعلامة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ ﴾ [البقرة: 248]، أي: إن علامة ملكه.
وقال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أرسله إلى وكيله في خيبر: "إذا أتيت وكيلي بخيبر فضع
يدك على ترقوته"[1]، أي: علامة على أنك مبعوث مني.
وآيات الله تنقسم إلى قسمين، آيات شرعية، وآيات كونية، والمراد بالآيات هنا الآيات الشرعية
آيات القرآن الكريم، وفي تنكير "آيات" تعظيم للقرآن الكريم.
﴿ بَيِّنَاتٍ ﴾: صفة لـ﴿ آيَاتٍ ﴾ أي: آيات واضحات مفصلات في ألفاظها ومعانيها ودلالتها
وأحكامها، دالة على صدقك وصدق ما جئت به.
﴿ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا ﴾ أي: وما يكفر بهذه الآيات البينات، أي: وما يجحدها ويكذب بها ﴿ إِلَّا الْفَاسِقُونَ﴾ "إلا":
أداة حصر، أي إلا الخارجون عن طاعة الله تعالى الذين بلغوا من الفسق غايته، فخرجوا من الإيمان إلى الكفر
كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ ﴾ [العنكبوت: 47].
وفي ذكر هذه الآية في سياق الكلام عن بني إسرائيل وعتوهم وعنادهم إشارة واضحة إلى قيام الحجة عليهم، بما أنزله
الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم من آيات بينات، لا يجحدها ولا يكذب بها إلا من بلغ الغاية في الفسق مثلهم.
المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»
[1] أخرجه أبوداود في الأقضية- الوكالة (3632) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
_ الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم.