(إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن ا
(إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم (158)
[مسألة السعي بين الصفا والمروة]
مسألة: (والسعي).
يعني به بين الصفا والمروة.
وقد اختلفت الرواية عن أحمد فيه ; فروي عنه: أنه ركن لا يتم الحج والعمرة إلا به ; قال - في رواية الأثرم - فيمن انصرف، ولم يسع: يرجع فيسعى وإلا فلا حج له.
وقال - في رواية ابن منصور - إذا بدأ بالصفا والمروة يرجع قبل البيت لا يجزئه.
وقال - في رواية أبي طالب - في معتمر طاف فواقع أهله قبل أن يسعى: فسدت عمرته وعليه مكانها، ولو طاف وسعى ثم وطئ قبل أن يحلق أو يقصر فعليه دم، إنما العمرة الطواف والسعي، والحلاق.
وروي عنه: أنه سنة، قال - في رواية أبي طالب -: فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة، أو تركه عامدا، فلا ينبغي له أن يتركه، وأرجو أن لا يكون عليه شيء.
وقال - في رواية الميموني -: السعي بين الصفا والمروة تطوع، والحاج والقارن والمتمتع عند عطاء واحد إذا طافوا ولم يسعوا.
وقال - في رواية حرب - فيمن نسي السعي بين الصفا والمروة حتى أتى منزله لا شيء عليه.
وقال القاضي في المجرد ... وغيره، هذا واجب يجبره دم، هذا هو الذي ذكره الشيخ في كتابه.
فمن قال: إنه تطوع احتج بقوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: 158]
{فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158] فأخبر أنهما من شعائر الله، وهذا يقتضي أن الطواف بهما مشروع مسنون، دون زيادة على ذلك، إذ لو أراد زيادة لأمر بالطواف بهما كما قال: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة: 198] ثم قال: {فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]، ورفع الجناح وإن كان لإزالة الشبهة التي عرضت لهم في الطواف بهما - كما سيأتي إن شاء الله -: فإن هذه الصيغة تقتضي إباحة الطواف بهما. وكونهما من شعائر الله يقتضي استحباب ذلك. فعلم أن الكلام خرج مخرج الندب إلى الطواف بهما، وإماطة الشبهة العارضة. فأما زيادة على ذلك: فلا. ثم قال تعالى: {ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} [البقرة: 158] وإذا ندب الله إلى أمر وحسنه، ثم ختم ذلك بالترغيب في التطوع، كان دليلا على أنه تطوع، وإلا لم يكن بين فاتحة الآية وخاتمتها نسبة.
وعن عطاء عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: (أن لا يطوف بهما).
وعن عطاء في قراءة ابن مسعود، أو في مصحف ابن مسعود، (أن لا يطوف بهما) رواهما أحمد في الناسخ والمنسوخ.