ستورياً، المغرب ليس بلداً إسلامياً فحسب – 99% من كونه من نسل النبي محمد، يلعب الملك محمد السادس دوراً هاماً في العالم الإسلامي السنيالسكان هم من المسلمين (السنّة) –وإنما الملك أيضاً يعتبر زعيماً دينياً: “أمير المؤمنين”. هذا اللقب مؤسس على إدعاء نسبه المباشر إلى النبي محمد: وبذلك، فإن شرعية الملك قائمة على أساس الدين والأصل، الأمر الذي لا ينطبق على الرؤساء المدنيين، حتى في الجمهوريات الدينية.
يشدد النظام على مظاهره الدينية، غير أن الإسلام في المغرب ليس متجانساً ولم يكن كذلك تاريخياً. المذهب السائد هو الإسلام السنّي المالكي، غير أن الممارسات تختلف بين الناس. تقليدياً، أكرم المغاربة المسلمون أضرحة الأولياء من الرجال والنساء: المرابطين. ومع أن مفهوم التقديس ليس موجوداً في الإسلام، غير أن المرابطين يتمتعون بميزة “البركة”، وهي مزيج من القداسة الشخصية والاستحقاق المتوارث من الأب إلى الابن ثم أفراد العائلة الآخرين. في بعض الأحيان، كانت هذه الحظوة الموروثة، تماماً كالشرعية الملكية، قائمة على النسب إلى سلالة النبي محمد، ويُعرف هؤلاء الأشخاص بالشرفاء. تكثر أضرحة المرابطين والشرفاء في الريف المغربي؛ وكان المرابطون الأحياء، الذين هم فوق سياسة الدولة أو القبيلة، يتوسطون في النزاعات ويلجأ إليهم الفارّون. كان بعض المرابطين خبراء في أنواع التصوف. كانت الأخويات الصوفية العظمى (الطرق) التي تأسست في العصور الوسطى، تتمتع بسلطات وثروات كبيرة. بشكل عام، لعب المرابطون وزعماء الطرق دوراً محافظاً في فترة الاستعمار، وفقدوا تأثيرهم السياسي في فترة ما بعد الاستقلال. ولكن رحلات الحج إلى الأضرحة الهامة لا تزال تستقطب أعداداً هائلة من الحجاج، وخصوصاً النساء. وتنتقد الحركة الإسلامية التي تطورت في المغرب في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات هذه الظواهر بحجة أنها لا تمت للدين بصلة، لأنها تعتمد وسيطاً بين الله والمؤمنين، الأمر المرفوض في الدين، بحسب الإسلاميين.
لليهود تاريخ طويل في المغرب. فقد كان لهم وجود في البلاد قبل مجيء الإسلام، وانضم إليهم لاحقاً موجات عديدة من اللاجئين اليهود. كان هناك مجموعتان رئيسيتان من اليهود: المتحدرين من الريف المغربي، وبشكل خاص من الأطلس الكبير؛ وأبناء الطبقة العليا المتحدرين من عائلات أُجليت من إسبانيا بعد عام 1492. بحلول القرن التاسع عشر، غادر بعض اليهود الريف إلى المدن، مع أنّ سكان الأرياف بقوا حتى القرن العشرين، ويتكلمون اللغة المحلية: البربرية أو العربية. واصل اللاجئون من إسبانيا استعمال إحدى لهجات اللغة الإسبانية في العصور الوسطى ضمن مجتمعاتهم، حتى إنّ أسماءهم كانت إسبانية. شكّل هؤلاء الرجال المتعلمون جزءً من الشبكة اليهودية عبر البحر الأبيض المتوسط، مما أتاح لهم جني ثروات طائلة من التجارة. كما عملوا كممثلين تجاريين للسلاطين، مما أكسب المجتمعات اليهودية حماية السلطان، وكان الحي اليهودي قريباً من القصر الملكي أو مقر الحاكم. ومن جهة أخرى، كانت قيود صارمة مفروضة على لباسهم وسلوكهم، وقد وقع اليهود في بعض الأحيان ضحية العصابات، خصوصاً خلال الأزمات الاقتصادية. خلال الحماية الفرنسية، ازدهر يهود المغرب، حتى الحرب العالمية الثانية، في حماية الملك محمد الخامس، بينما لاقوا سوء المعاملة من حكومة فيشي بضغط من النازيين. نتيجةً لذلك، وفي فترة ظهور الحركة الوطنية وأوائل فترة الاستقلال، كان اليهود مفضلين لدى الملك محمد الخامس، ومحتقرين من الوطنيين المستائين من إنشاء دولة إسرائيل. هاجر العديد من اليهود، بعضهم إلى إسرائيل والبعض الآخر إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك كندا الفرنسية، فيما بقي البعض في المغرب وحافظوا على علاقات وثيقة بالعائلة الحاكمة، وعملوا في بعض الأحيان كمستشارين اقتصاديين للملك الحسن الثاني. ولعلاقتهم الجيدة بالنخبة في إسرائيل، عملوا كوسطاء دبلوماسيين. وقد لعبت المغرب دوراً أساسياً في المفاوضات التي أدت إلى زيارة أنور السادات إلى القدس. لذلك، ومع أن عدد اليهود تراجع من 250,000 منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أنّ عدداً لا بأس به (5000-6000 نسمة) لم يغادر البلاد. كما أنّ المعابد اليهودية مفتوحة والمواقع اليهودية محفوظة.