كان بنو مرين قبيلة بربرية في جيش الموحدين. وهم من البدو الرحل الذين استوطنوا شمال شرق المغرب، وبسطوا سيطرتهم على الجبال حول فاس وتازة مع تداعي سلطة الموحدين، كما احتلوا مكناس عام 1245. وبحلول عام 1269، كان بنو مرين قد احتلوا معظم المغرب الحالية. ونظراً إلى أنّهم لم يتوسعوا شرقاً أو يقوموا بأي دور عسكري دائم في إسبانيا، يمكن اعتبارهم المؤسسين الفعليين للمغرب. وعلى خلاف المرابطين والموحدين، لم تكن المرينية حركة دينية إصلاحية، وإنما صادقوا العلماء وشددوا على التعاليم الدينية القويمة والعلوم التي شجعوها من خلال إدخالهم “المدرسة” التي انتشرت في مصر في عهد صلاح الدين. وكانت المدارس مؤسسات للطلاب الداخليين (حيث يعيش الطلاب)، تقوم على المساعدات، وتدرّس الكتب الإسلامية. وشكلت تلك خطوة هامة في توحيد معايير التنشئة الإسلامية في المدن.
وكان الريف والجبال والصحارى مواطن الطرق الدينية الصوفية التي تعاظمت قوتها سريعاً. ادعى العديد من زعماء تلك الجماعات (الشرفاء) نسبهم للنبي محمد وانتماءهم فكرياً إلى المعلم الصوفي العظيم عبد السلام بن مشيش (توفي عام 1227)، والذي كان ضريحه أحد مواقع الحج الأكثر قدسية في جبل العلم في جبالة. ولأن الطرق الصوفية كانت قوية جداً، حاول المرينيون بشكل عام الاندماج مع الشرفاء والصوفيين من خلال مصاهرتهم.
تنعكس سلطة المرينيين الدينية والسياسة في عاصمتهم فاس، حيث بنوا مدينة جديدة إلى جانب المدينة القديمة لإسكان موظفيهم وجنودهم. وكانت محصنة تحصيناً عظيماً بأسوار سميكة ذات شرفات وعدد قليل من البوابات القوية كانت تغلق بإحكام ليلاً. واتبعوا ذات النمط في قلعة شالة-سلا التي بنوها خارج الرباط. وكانت المدارس المباني الدينية الأكثر إثارة للإعجاب، كتلك التي بناها السلطان أبو عنان فارس (1348-1358) في مكناس وفاس، وسوق العطارين في فاس الذي أظهر أهمية التجارة في اقتصاد المرينيين. وكانت فاس المركز الاقتصادي الرئيسي، نظراً إلى أن طرق الذهب في الصحراء الكبرى تحولت نحو الشرق، مما أدى إلى انحدار مراكش. واشتُهرت فاس بصناعة الجلود والملابس.
بلغت سلطة سلالة المرينيين ذروتها في عهد السلطان أبو عنان فارس، الذي مات خنقاً على يد وزيره، مما أدى إلى نشوب صراع طويل بين السلاطين والوزراء. وفي نهاية المطاف، أصبح المرينيون ضعفاء إلى حد أن حاكم غرناطة تحكّم بالدولة، قالباً بذلك المقاييس: إذ كان حكام الأندلس يعتمدون على المغرب في الماضي.
كانت غرناطة آخر النقاط الإسلامية في الأندلس، ونقلت البرتغال وقشتالة حروب الاسترداد إلى إفريقيا. عام 1415، استولى البرتغاليون على سبتة، ومن ثم على سلسلة من القلاع على ساحل الأطلسي: القصر الصغير (1458)، وأصيلة وطنجة (1471). واستولى الأسبان على سانتا كروز دي لامار بيكينيا قرب أغادير عام 1476. وبدأت السلالة المرينية بالانهيار. احتكرت قبيلة بني الوطاس البربرية منصب الوزير. وعام 1472، أعلن أحد أفرادها نفسه سلطاناً. بعد سقوط غرناطة (1492)، استولى الأسبان على مليلية في أقصى الشمال الشرقي عام 1497، وصخرة الحسيمة وجزيرتين صغيرتين قريبتين منها عام 1559، وصخرة قميرة في الغرب عام 1564. في حين سيطر البرتغاليون على الساحل الأطلسي باحتلالهم لأرغين (موريتانيا الحالية، 1499) وآنفا (الدار البيضاء الحالية، 1458) وأغادير (1505) وآسفي (1507) وأزمّور (1513) ومازاغان (الجديدة) (1515).
جلبت نهاية حرب الاسترداد المسيحية في شبه جزيرية أيبيريا غزواً من نوع آخر: لجأت موجات من اللاجئين من شبه جزيرة أيبيريا إلى المغرب واستوطنت المدن الساحلية الشمالية. ولم يكن جميعهم من المسلمين، فقد كان بينهم 10,000 يهودي على الأقل. أدت خسارة أيبيريا والغزو المسيحي للساحل إلى موجة من المشاعر الجهادية عبر المغرب، بشكل خاص في الجنوب قرب الجيوب البرتغالية الرئيسية. تزعّم هذه الحركة الشرفاء والطرق الصوفية، التحالف الذي وضع أساس سلالة جديدة.