الإمام أحمد بـن حنبــل (780 - 855م) .. هو أبوعبدالله أحمــد بن محمد بن حنبــل الشيباني الذهلي شيخ الإسلام، عالم العصر، زاهد الدهر، فقيه ، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي، اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح،وكان طُوالاً، أَسمر شديد السمرة، حسن الوجه، مخضوبًا يخضب بالحِنَّاء خِضَابًا ليس بالقاني، وفي لحيته شعرات سُود، تعلوه سكينة، ووقار وخشية. وكان نظيفًا في مَلْبَسِهِ,وكان أَكثر جلوسه متربعاً . ويعد كتابه (المسند) أشهر كتب الحديث وأوسعها. وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الامام الشافعى حيث أنه قال: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمـد بن حنبــل ولد الامام أحمـد بن حنبــل في ربيع الأول من سنة (164ه)، ببغداد، ونشأ يتيما، وتربى بها تربيته الأولى، وكانت أسرته توجهه إلى طلب العلم، فحفظ القران الكريم، وعلم اللغة، ثم اتجه إلى الديوان ليتمرن على التحرير والكتابة، وعندما بلغ السادسة عشرة اتجه إلى الحديث يطلبه عند شيخه هيثم بن بشير الواسطى، وبعد وفاة الشيخ الواسطى، بدأ ابن حنبل رحلاته لطلب الحديث، فرحل إلى الحجاز وتهامة واليمن والشام والكوفة، ولعله أولُ محدِّث قد جمع الأحاديث من كل الأقاليم ودوَّنها، فهو قد جمع الحديث الحجازي والشامي والبصري والكوفي جمعا متناسبا. رحل إلى الحجاز خمس مرات، أولاها سنة (187ه)، وفي هذه الرحلة الْتَقَى الشافعي، وأخذ مع حديث ابنِ عيينة فقهَ الشافعي وأصولَه وبيانَه لناسخ القرآن ومنسوخه، وكان لقاؤه الشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها قبل ان يغادرها الى مصر. وكان بين الإمامين أحمــد والشافعي رحمهما الله محبة ومودة وإجلال.قال الربيع بن سليمان: قال لنا الشافعي: أَحمد إِمام في ثمان خصال:
إِمام في الحديث، إمام في الفقه، إِمام في اللغة، إِمام في القرآن، إِمام في الفقر، إِمام في الزهد، إِمام في الورع، إِمام في السنة. خرج ابن حنبــل إلى الحج خمس مرات، ثلاث منها حج فيها ماشيا، وضل في إحداها الطريق، وكان يستطيب المشقة في رحلة العبادة وطلب الحديث واستمر جِدُّه في طلب الحديث وروايته حتى بعد أن بلغ مبلغ الإمامة، حتى لقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب. فقال له: يا أبا عبدالله، أنت قد بلغت هذا المبلغ وأنت إمام المسلمين؟ فقال: مع المحبرة إلى المقبرة. وكان يقول: أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر.
صبر على المحنة التى وقعت به فلقد تعرض الامـام إلى محنة عظيمة بسبب دعوة الخليفة المأمون الفقهاء والمحدثين إلى أن يقولوا بمقالته في خلق القرآن فرفض ابن حنبل، فحبس ثمانية وعشرين شهرا وضرب، وبعد وفاة الخليفة المأمون، استمرت هذه المحنة في عهد المعتصم والواثق، ولما تولى الخليفة المتوكل الحكم أنهى تلك الفتنة نهائيا. قال علي بن المديني: أَعَزَّ الله هذا الدِّين برجلين ليس لهما ثالث: أَبو بكر الصديق يوم الردة، وأَحمد بن حنبــل يوم المحنة. وفى شهر ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومائتين هجرية مرض الامام أحمد بن حنبــل وتوفى ببغداد سنة 241 هجريه. وعمره سبعة وسبعون عاما وقد ترك رصيدا نفيسا من المؤلفات عن الحديث الشريف، وفي سيرته الكثير من العبر والعظات. لكم خالص تحياتى وتقديرى الدكتور علـــى