ماذا حدث بطول العالم وعرضه؟
ما هذا الغل والضغن الذي تطفح
به النفوس في عصر الوفرة
والإلكترونيات والمشي على القمر،
والميكنة الزراعية وارتفاع الدخول
بين الزراع وأهل الحرف والأعمال اليدوية.
كيف انقلب يسر العيش عسرًا،
والوفرة كمدًا وجريان المال نقمة،
والعلم جاهلية والتقدم قساوة
وكيف أصبح للفوضى مؤسسات
وللقتل نقابات وللجريمة دول؟
أهو الإفراز الطبيعي لحضارة مادية
لا تؤمن إلا باللحظة فيتقاتل
الكل على الفوز بتلك اللحظة
بالمخلب والناب
ويتنافس الكل نهبًا وسرقة وغشًا ..
فلا محاسبة ولا مراقبة
ولا عقاب لمن يفلت،
ولا بعث بعد موت والعالم
كنوزه مستباحة، وخيراته
لا حارس لها ولا صاحب.
فما بال آلاف المآذن وآلاف الكنائس
وآلاف المحاريب ..
وحلقات الذكر وأصوات التمتمة والحمحمة
أهي كلمات لا تتجاوز اللسان
ولا تتخطى الحناجر.
وكثرة تقول ما لا تفعل
وتفعل ما لا تقول ..
والقلوب خاوية على عروشها
والنفوس خراب شغلها الشاغل المادي
والمكسب والخسارة،
وإن كان لسانها يقول شيئًا آخر ..
د. مصطفى محمود
من كتاب عصر القرود
لكم خالص تحياتى وحبى
الدكتور علــى