(سجآده حمراء وأرائـك الهطول# حصريآت ال روآية عشق)  
 
 

العودة   منتدى رواية عشق > ✦ القِسـم العَــام ✦ > ✦ هدِير الوَرق العَام ✦

✦ هدِير الوَرق العَام ✦ عصَارة فِكر وطَرح حُر لشتّى المواضِيع العامَة .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-11-2022
- سمَـا. غير متواجد حالياً
    Female
 
 عضويتي » 1985
 اشراقتي ♡ » Dec 2021
 كُـنتَ هُـنا » 10-22-2022 (09:27 AM)
آبدآعاتي » 27,794
 تقييمآتي » -412
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
 حالتي الآن »
آلعمر  » 17سنة
الحآلة آلآجتمآعية  » » ♔
تم شكري »  0
شكرت » 0
مَزآجِي  »  1
 
Q126 الأيام الأخيرة لحياة الفلاح









لا أتذكر أن أرشدني أبي في يوم من الأيام إلى فعل سلوك أو ترك آخر، خلاف ما كان ينصحنا للصلاة، كان يعيش بيننا
نحن أبناءه كأنه أخونا الأقرب إلى عمر كل واحد منا، رغم أن والدي قد تجاوز الستين عاما وقتما ولدت. كانت طفولتنا معه
محفوفةٌ بلطفٍ بالغٍ وحنوِ قلب، ودون أن نشعر ولو مرة واحدة عن هموم تربية الأبناء، ونزعة خوف الأب، غير أن داخله
كان يعرف أن مهمة الأب في تربية أبنائه، لا تتعدى سلوكه وردود أفعاله التي اعتاد عليها دون مواربةٍ أو تنصل.
عاش والدي الفلاحُ الأصيلُ حياته متخففا من التكلف والنفاق، كان واضحا كالنهار، خاصة في المواقف الأكثر حنقا

وعند هذه اللحظات بالذات يفور دمه بحرارة من أطراف جسمه إلى وجهه ضخا سريعا ثائرا بلا جلوس.
في أيامه الأخيرة كان طريح الفراش لشهور، حتى إنه فقد ذاكرته بتدرج، وبات يتحدث معي بِجُملٍ مركزة قصيرة، كانت مستخلصا وحِكَما

لمواقفه التي قطعها في حياته، قال لي مرةً إنه لا يتذكر طيلة خمسة وثمانين عاما أن كذب في أمر ما، حتى في أضيق المواقف كان صادقا دون خوف أو تردد.
كان يعرف حقيقة ماهية الحياة وجوهرها، بكل أقواسها الملونة، وامتداد حقولها الخضراء الطامعة، آمن منذُ صباه

برزقه، وأنه سيغادر الحياة بلا حفنة طين في قبضته، ولا جيب في عرسه الأخير.
عاش طيبا متجاوزا عن الجميع، حتى أعداءه -إن كان له أعداء- فهم على أقل تقدير الذين لا يحبون أن تكون بسيطا

وشجاعا في نفس الوقت، ولا يرضخ كبرياؤك في التحديق في عيونهم. الذي يعتقدون أنهم قادرون على إذابة حقوق الناس بوجاهتهم
وانفلات ألسنتهم أمام المسؤولين، باعتيادٍ متمرسٍ وظالم. عاش والدي معنا كصديق بلا حاجزِ حرج، كثيرا ما يكون مركز
التعجب والضحكات، كان يُطلق مداعباته بخفة سريعة وبديهةٍ عالية.
في أيامه الأخيرة فقد وعيه وإدراكه بالكامل في المستشفى، وهو يقرأ القرآن كان يرتل بهمس مسموع وواضح

وكان كلما غاب وعيه أكثر، تداخلت كلمات الآيات ببعضها، واختفى صوته.
أسرع الأطباء بالالتفاف حوله، واستمروا يحفزون ويختبرون كل مناطق الإدراك في جسده لكن دون أمل.. ودون صباحات

لحقول جديدة، استعدت روحه لحزم حقائب بتلات ضحكاته، وقصائده التي كان يرددها في الظلام كسراج لليالي السيول الهدرة.
كان صفاء صوته المطرز بكلام الله، يصعد إلى السماء بعذوبة مطلقة، وهو يقرأ بأنفاسه الأخيرة:

(وَقيلَ لِلَّذينَ اتَّقَوا ماذا أَنزَلَ رَبُّكُم قالوا خَيرًا لِلَّذينَ أَحسَنوا في هذِهِ الدُّنيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ وَلَنِعمَ دارُ المُتَّقينَ).


_ الحسين معافا.





رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مع, من, الأخيار, الحار, الخير, صفات

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة ابن الفلاح واللصوص سمارا ♬ عَالم القِصـة والروَايـة ♬ 20 منذ 4 أسابيع 08:38 AM
جريمة قتل محور أحداث "حدث بالقاهرة" والفيلم يتناول أحداث اجتماعية مهمة تذكارُ...! 🎶 أخبَار المشاهِير والنجُوم ولقَاءاتهِم 🎶 10 10-20-2024 10:20 PM
خوف الناس لكن الأيام الأخيرة شيخة رواية ✦ هدِير الوَرق العَام ✦ 16 10-05-2024 04:27 PM
استعدادًا لأكبر حدث رياضي.. تجارب الأداء المؤهلة لدورة الألعاب السعودية 2022 تصل أمتارَها الأخيرة جَوآهر 𓏬 الريَاضـات المُتنوعـة 𓏬 15 03-23-2024 10:00 PM


الساعة الآن 09:26 PM


Powered by vBulletin Hosting By R-ESHQ
HêĽм √ 3.1 BY: ! RESHQ ! © 2010
new notificatio by R-ESHQ
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع