إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما : الآية رقم 5 من سورة المجادلة
وقوله- سبحانه-: يُحَادُّونَ من المحادة بمعنى المعاداة والمباغضة، وأصلها أن تكون أنت في حد- أى: في جانب- وعدوك في حد آخر، فكنى بها عن المعاداة لأنها لازمة لها.
وقوله: كُبِتُوا من الكبت بمعنى الخزي والذل، يقال: كبت الله العدو كبتا- من باب ضرب- إذا أهانه وأذله وأخزاه.
قال الجمل: والذين يحادون الله هم الكافرون، وهذه الآية وردت في غزوة الأحزاب.
والمقصود منها البشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، بأن أعداءهم المتحزبين القادمين عليهم، سيصيبهم الكبت والذل، وسيتفرق جمعهم.
.
.
والمعنى: إن الذين يحاربون دين الإسلام الذي شرعه الله- تعالى-.
وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم كُبِتُوا وأصابهم الخزي والذل كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من أعداء الحق.
وأوثر هنا الفعل يُحَادُّونَ لوقوعه عقب الكلام عن حدود الله- تعالى- في قوله- عز وجل- وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم.
وقوله- تعالى-: كُبِتُوا بمعنى سيكبتون، وعبر عن ذلك بالماضي، للإشعار بتحقق الذل والخسران، لأولئك المتحزبين الذين جمعوا جموعهم لمحاربة الله ورسوله.
وقد حقق الله- تعالى- وعده، إذ ردهم بغيظهم دون أن ينالوا خيرا.
وجملة: وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ .
.
.
حال من الضمير في كُبِتُوا.
.
أى: كبتوا لمجادلتهم للحق، والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات، تدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند ربه، وتشهد بأن أعداءه على الباطل والضلال.
وَلِلْكافِرِينَ الذين أعرضوا عن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وحاربوها عَذابٌ مُهِينٌ أى عذاب يهينهم ويذلهم ويخزيهم.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : إن الذين يحادون الله ورسوله لما ذكر المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادين المخالفين لها .
والمحادة : المعاداة والمخالفة في الحدود ، وهو مثل قوله تعالى : ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله .
وقيل : يحادون الله أي : أولياء الله كما في الخبر : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة .
وقال الزجاج : المحادة أن تكون في حد يخالف حد صاحبك .
وأصلها الممانعة ، ومنه الحديد ، ومنه الحداد للبواب .
كبتوا قال أبو عبيدة والأخفش : أهلكوا .
وقال قتادة : اخزوا كما أخزي الذين من قبلهم .
وقال ابن زيد : عذبوا .
وقال السدي : لعنوا .
وقال الفراء : غيظوا يوم الخندق .
وقيل : يوم بدر .
والمراد : المشركون .
وقيل : المنافقون .
كما كبت الذين من قبلهم وقيل : كبتوا أي : سيكبتون ، وهو بشارة من الله تعالى للمؤمنين بالنصر ، وأخرج الكلام بلفظ الماضي تقريبا للمخبر عنه .
وقيل : هي بلغة مذحج .
وقد أنزلنا آيات بينات فيمن حاد الله ورسوله من الذين من قبلهم فيما فعلنا بهم وللكافرين عذاب مهين .