الشر من خلق الله
الشر من خلق الله
ان ما يتفق عليه كل ذي فكر سليم ، و فهم مستقيم ، و تهجم عليه العقول و الاذهان فتصيبه و لا تخطئه ، هو أن مسائل العقيدة الواحدة ، اذا حصل بينها اضطراب و اختلاف ، كان ذلك دليلا على فسادها و برهانا على بطلانها ، و قد احتج ديننا على صحته و كماله بهذا ، فجاء في محكم التنزيل ، قول ربنا : (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) النساء 82 .
و يكفي لبيان بطلان عقيدة ملة أو نحلة ، أن تظهر تناقض و تضارب مسائل عقيدتها ، و قد جرت بيني و بين أحد المعتزلة مناظرة حول الشر : هل هو من خلق الله او ليس من خلقه ؟؟ و قول المعتزلة في هذا معروف ، فهي وليدة القدرية و الجهمية ، فاخذت من تلك القول بالقدر و منه قالت كلمة الكفر و أن الله لا يخلق الشر ، و أخذت من هذه القول بالتعطيل فقالوا بخلق القران .
و الان أتركك مع حواري معه ، و هو حوار قصير ، لم يدم طويلا ، و قد حرصت جهدي على انهائه مع بدايته ، حتى لا يطول و تتشعب بنا المسائل ، فنطأ بمن حضرنا مسالك الفجاج ، و نورده مورد الاجاج ، و هذا نص المناظرة :
قلت : حدثني عن القران ، هل خلقه الله ام لم يخلقه ؟؟؟
قال : خلقه .
قلت : ما دليلك ؟؟
قال : قوله تعالى (( خالق كل شيء )) و القران شيء ، اذن فهو مخلوق
قلت : و الشر أليس شيئا ؟؟؟
و هنا انقطع مناظري ، و وجد نفسه بين خطتي خسف ، فان قال: ان الشر ليس شيئا ، و أخرجه من عموم لفظ ( كل ) وجب معه اخراج القران فيسقط قوله في القران ، و ان قال انه شيء و انه يدخل في عموم اللفظ ، أسقط قوله في الشر ، و قد اسلفت ان مسائل العقيدة الواحدة اذا ضرب بعضها بعضا ، دل ذلك على بطلانها
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|