1- ضرب الأمثال في القرآن الكريم بتشبيه المعقول بالمحسوس؛ لتقريب المعاني، وهو وسيلة من وسائل الإيضاح والبيان، ومن دلائل إعجاز القرآن الكريم وبلاغته؛ لقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ الآية؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وفي هذا دلالة على إثبات القياس.
2- إثبات الملكية للإنسان؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ﴾، وقوله تعالى: ﴿ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ﴾، فالإنفاق إنما يكون مما يملك الإنسان وهو ملك نسبي إضافي؛ لأن الإنسان وما ملك، ملك لله تعالى.
3- أن المعتبر من الإنفاق والأعمال ما كان خالصًا لله تعالى موافقًا لشرعه؛ لقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾.
4- وجوب معرفة سبيل الله وشرعه ليكون العمل موافقًا له.
5- سعة فضل الله تعالى وكرمه وجوده حيث يُنمي للمنفق نفقته وثوابها إلى سبعمائة ضعف أو أكثر.
6- قدرة الله تعالى التامة ونعمته العظيمة على العباد بجعل هذه الحبة تنتج سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فتكون سبعمائة حبة أو أكثر.
7- مضاعفة الله عز وجل ثواب الإنفاق بلا حد لمن يشاء من عباده؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾، وذلك حسب ما يقوم بقلب المنفق من الإيمان والإخلاص التام، وحسب نفقته ونفعها.
8- فضل الإنفاق في سبيل الله والإغراء فيه، والثناء على المنفقين ترغيبًا فيه وحثًّا عليه.
10- سعة الله عز وجل، وسعة صفاته، فهو سبحانه واسع الفضل والجود والعطاء، واسع المغفرة والعفو والرحمة واسع الحلم، واسع الصفات جميعًا؛ لقوله: ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
11- إثبات أن الله عز وجل ذو العلم الواسع لكل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ عَلِيمٌ﴾، كما قال تعالى: ﴿ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [طه: 98].
23- إثبات تفاضل الأعمال الصالحة؛ لقوله تعالى: ﴿ خَيْرٌ ﴾، وهذا دليلٌ على زيادة الإيمان ونقصانه.
24- إثبات اتصاف الله تعالى بالغنى بذاته، غنى مطلقًا، من جميع الوجوه، عن جميع خلقه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَنِيٌّ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].
فهو سبحانه الغني عن خلقه المغني لمن أنفق وتصدق، المخلف عليه، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].
25- إثبات حلم الله عز وجل الواسع؛ لقوله تعالى: ﴿ حَلِيمٌ ﴾، فهو- سبحانه وتعالى- حليم لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، بل يمهله لعله يتوب.
كما أنه تعالى يحب من عباده أن يتصفوا بالحلم والمغفرة والعفو عمن أساء إليهم؛ كما قال تعالى: ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾.
26- العناية والاهتمام بخطاب المؤمنين وتشريفهم وتكريمهم بندائهم بوصف الإيمان، والحث على الاتصاف بهذا الوصف وأن عدم المن والأذى بالصدقات من مقتضيات الإيمان، والمن والأذى بها نقص في الإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾[البقرة: 267].
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم»، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب»[1].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر»[2].
وفي هذا دلالة أن الحسنة قد تحبط بالسيئة، كما قال تعالى في سورة الحجرات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [الحجرات: 2].
28- بلاغة القرآن الكريم، وبلوغه الغاية في التنفير عما يريد التنفير عنه حيث شبه من يُتبع صدقته بالمن والأذى بمن ينفق ماله رئاء الناس، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل حجر أملس عليه تراب فأصابه مطر غزير فصار صلدًا أملس؛ لقوله تعالى: ﴿ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ﴾.
وفي هذا بيان شدة خطر المن والأذى بالصدقة حيث شبه من يفعل ذلك بالمرائي الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
29- ذم الرياء وتحريمه وخطره، وأنه مبطل للعمل وينبئ عن النفاق، وعدم الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ ﴾ الآية.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر». فسئل عنه فقال: «الرياء»[3].
وقال عز وجل في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»[4].
30- إثبات اليوم الآخر يوم القيامة، وأن الإيمان به من أعظم أركان الإيمان، ولهذا يقرن كثيرًا في القرآن الكريم بالإيمان بالله تعالى.
31- عدم قدرة من يتبع الصدقة بالمن والأذى، ومن ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر على شيء مما كسبوه سوى الخسران والحسرات؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴾.
32- حرمان الكافرين بسبب كفرهم من هداية الله تعالى؛ هداية التوفيق؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾.
35- إثبات صفة الرضا لله عز وجل وهي من الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئته عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾.
36- ينبغي أن يكون الإنفاق عن طيب نفس، واطمئنان ورضا وثقة بالخلف من الله وبرهان على قوة الإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾.
37-أنه كلما كانت الجنة والبستان في ربوة ومكان مرتفع كان ثمرها أكثر وأجود حيث تأخذ نصيبها من جودة التربة والشمس والهواء؛ لقوله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ ﴾؛ كما قال تعالى في سورة النور: ﴿ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ﴾ [النور: 35].
فإن أصابها «وابل» وهو المطر الغزير آتت أكلها ضعفين، وكذا إن أصابها «طل» وهو دون الوابل؛ لأنها بسبب جودة أرضها ومكانها المرتفع تعوض ما نقص من الماء وتأتي ثمرتها كاملة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾.
39- علم الله عز وجل واطلاعه على جميع ما يعمل الخلق، وعلى كل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾، وفي هذا وعد لمن أطاع الله، ووعيد لمن خالف أمر الله؛ لأن مقتضى علمه عز وجل أن يحصي على العباد أعمالهم ويحاسبهم ويجازيهم عليها، خيرها وشرها.
40- تأكيد التنفير من المن بالصدقة بتشبيه المان بها بحال من كانت له جنة من نخيل وأعناب له فيها من كل الثمرات وقد كبر وذريته ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، وهو في حال لا يستطيع القيام عليها؛ لكبره ولا ذريته لضعفهم فخسرها أحوج ما كان إليها، ولم يبق لديه إلا الحسرات عليها، وهذا حال المان بالصدقة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ﴾.
فكما أن الإنسان لا يود أن تكون له هذه الجنة والتي تنتهي بهذه النهاية المرة، فكيف يتبع الإنسان صدقته بالمن والأذى فتحبط فتكون نهايته الخسران والحسرة.
41- مدى ضعف الإنسان إذا كبر وله ذرية ضعفاء، فلا هو قادر على القيام بما يصلحهم، ولا هم قادرون على القيام بمصالحه.
42- إقامة الحجة على الخلق ببيان الآيات وتفصيلها وإيضاحها؛ لقوله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾.
43- الحث والترغيب في التفكر في آيات الله تعالى الكونية والشرعية؛ لقوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾؛ أي: لأجل أن تتفكروا.
44- إثبات التعليل لأحكام الله تعالى وأفعاله، وأن ذلك كله لحكمة.