هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل | الآية 30 من سورة يونس
تدبر الآية: هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل
لا بُدَّ من يومٍ تظهرُ فيه نتائجُ الأعمال، ويعرِفُ كلُّ امرئٍ جزاءَ ما قدَّم، والعاقلُ من أحسنَ العمل، لينالَ يومَ القيامة الأمل.
هنالك يومٌ تُردُّ فيه أمورُ الخلقِ إلى الخالق، ويخيبُ فيه كلُّ مفترٍ على ربِّه الكذبَ، فليتأهب الإنسانُ لذلك اليومِ بما يُنجيه.
» تفسير الوسيط: تفسير الآية
ثم ختم- سبحانه - هذه الآيات الكريمة ببيان أحوال الناس في هذا اليوم العظيم فقال:هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ، وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.
أى: هنالك في ذلك الموقف الهائل الشديد، تختبر كل نفس مؤمنة أو كافرة: ما سلف منها من أعمال، فترى ما كان نافعا أو ضارا من هذه الأعمال، وترى الجزاء المناسب عن كل عمل بعد أن عاد الجميع إلى الله مولاهم الحق، ليقضى بينهم بقضائه العادل، وقد غاب عن المشركين في هذا الموقف ما كانوا يفترونه من أن هناك آلهة أخرى ستشفع لهم يوم القيامة.
وهكذا ترى الآيات الكريمة تصور أحوال الناس يوم الدين تصويرا بليغا مؤثرا، يتجلى فيه موقف الشركاء من عابديهم، وموقف كل إنسان من عمله الذي أسلفه في الدنيا.
وبعد هذا الحديث المعجز عن يوم الحشر وأهواله، ساقت السورة الكريمة بضع آيات فيها الأدلة المقنعة على وحدانية الله وقدرته، ولكن بأسلوب السؤال والجواب، فقال- تعالى:
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترونقوله تعالى هنالك في موضع نصب على الظرف تبلو أي في ذلك الوقت .
تبلو أي تذوق .
وقال الكلبي : تعلم .
مجاهد : تختبر .
كل نفس ما أسلفت أي جزاء ما عملت وقدمت .
وقيل : تسلم ، أي تسلم ما عليها من الحقوق إلى أربابها بغير اختيارها .
وقرأ حمزة والكسائي " تتلو " أي تقرأ كل نفس كتابها الذي كتب عليها .
وقيل : " تتلو " تتبع ; أي تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا ; قاله السدي .
ومنه قول الشاعر :إن المريب يتبع المريبا كما رأيت الذيب يتلو الذيباقوله تعالى وردوا إلى الله مولاهم الحق بالخفض على البدل أو الصفة .
ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات ; يكون التقدير : وردوا حقا ، ثم جيء بالألف واللام .
ويجوز أن يكون التقدير : مولاهم حقا لا ما يعبدون من دونه .
والوجه الثالث أن يكون مدحا ; أي أعني الحق .
ويجوز أن يرفع " الحق " ، ويكون المعنى مولاهم الحق - على الابتداء والخبر والقطع مما قبل - لا ما يشركون من دونه .
ووصف نفسه سبحانه بالحق لأن الحق منه ، كما وصف نفسه بالعدل لأن العدل منه ; أي كل عدل وحق فمن قبله ، وقال ابن عباس : مولاهم الحق أي الذي يجازيهم بالحق .
فإن قيل : كيف قال : وردوا إلى الله مولاهم الحق وقد أخبر بأن الكافرين لا مولى لهم .
قيل ليس بمولاهم في النصرة والمعونة ، وهو مولى لهم في الرزق وإدرار النعم .
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|