-

-
في قرية صغيرة هادئة تعيش امرأة مسنّة تُدعى أم يوسف. كانت أم يوسف معروفة بحبها للخير وبساطتها. كانت تملك بستانًا صغيرًا في فناء منزلها، حيث كانت تزرع الزهور والخضراوات وتعتني بها بكل شغف. كانت تجلب لذويها وجيرانها الفرح والسرور بما تجنيه من البستان.
ذات يوم، جاءت عاصفة قوية اجتاحت القرية، مما تسببت في تدمير معظم حدائق السكان بما فيها بستان أم يوسف. بعد العاصفة، لم يتبقى سوى القليل من الزهور والفاكهة في بستانها.
كان من المقرر أن تحتفل القرية بعيد الربيع، وقد قررت أم يوسف أن تبذل قصارى جهدها لتجعل العيد مميزًا، رغم الأضرار التي خلفتها العاصفة. بدأت أم يوسف في جمع القليل من الزهور المتبقية ووضعتها في سلال صغيرة. ثم وضعت في كل سلة ملاحظة مكتوبة بخط يدها الجميل، تقول فيها: “هذه الزهور تذكير بسيط بأن الجمال يمكن أن يظهر حتى بعد العواصف.”
قامت أم يوسف بتوزيع السلال على جيرانها وأصدقائها في القرية. رغم أن الزهور كانت قليلة، إلا أن كلماتها كان لها تأثير عميق. شكرت النساء أم يوسف على تلك الهدية الصغيرة التي أعادت الأمل إلى قلوبهم، وأثرت فيهم أكثر من أي هدية مادية.
مرت الأيام، وعاد البستان ليزدهر من جديد، وبدأت أم يوسف في زراعة المزيد من الزهور والخضراوات. وعندما جاء عيد الربيع في العام التالي، كان بستان أم يوسف أكثر جمالاً من أي وقت مضى. لكنها لم تنسَ الدروس التي تعلمتها من تلك العاصفة. علمت أن الهدايا الحقيقية ليست في حجم الأشياء أو في قيمتها المادية، بل في الحب والنية الصافية التي تأتي بها.
فتحت أم يوسف حديقة بستانها للزوار مجددًا، ولكن هذه المرة كانت الزهور تتحدث عن صبرها وأملها وتجاربها. وبدلاً من أن تقدم الزهور فقط، بدأت تشارك قصصها ودروسها مع كل من يزورها.
وفي كل عام، أصبحت القرية تحتفل بعيد الربيع بتقاليد جديدة، حيث يأتي الناس من القرى المجاورة ليشهدوا معجزة بستان أم يوسف ويستمدوا منها الإلهام في مواجهة تحدياتهم.
هذه القصة تعلمنا أن الهدايا الحقيقية هي تلك التي تأتي من القلب، وأن حتى أصغر الأشياء يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا إذا كانت محملة بالحب والنية الطيبة .
-

-