أرادت قريش
أن تعجز النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"
وتصرف الناس عن دعوته للتوحيد وللإسلام؛
ذلك الدين الجديد؛
الذي سيساوي بين السادة والعبيد،
وسيأخذ حق الضعيف من القوي،
وسيمنع عبادة الأصنام
وشرب الخمير ولعب الميسر،
وسيغلق ديار أصحاب الرايات الحمر
(النساء العاهرات)،
وسيمنع وأد البنات، ...... وغيرها
وغيرها من عادات الجاهلية.
وظنت قريش في هذا الوقت
أن طلب الآيات والمعجزات أحسن
وسيلة لتعجيزه وإسكاته
"صلى الله عليه وسلم"؛
ولإقناع عامة الناس بأنه ليس برسول،
فتقدموا خطوة أخرى،
وقرروا أن يطلبوا منه آية بغير تعيين،
ليتبين للناس عجزه،
فلا يؤمنوا به،
فجاءوا إليه "صلى الله عليه وسلم"
وقالوا له:
هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟
فسأل رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
ربه أن يريهم آية،
فأراهم آية شق القمر؛
قد انشق إلى فرقتين:
فرقة فوق الجبل
– أي جبل أبي قبيس –
وفرقة دونه، حتى رأوا حراء بينهما،
فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
لقريش: (اشهدوا).
ورأت قريش هذه الآية جهارًا
بوضوح ولوقت طويل،
فسقط في أيديهم وبهتوا،
ولكنهم لم يؤمنوا، بل قالوا:
هذا سحر ابن أبي كبشة،
(وأبو كبشة هو زوج حليمة
مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم،
وأبو رسول الله "صَلَّى الله عليه وسلم"
من الرضاعة،
وحاضن النبيَّ "صَلَّى الله عليه وسلم"
الذي كانت قريش تَنْسبه إليه).
وقالت قريش،
لقد سحرنا محمد،
فقال رجل من قريش:
إن كان قد سحركم فإنه لا يستطيع
أن يسحر الناس كلهم،
فانظروا ما يأتيكم به السفار،
(القادمون من السفر)،
فجاء السفار فسألوهم عن شق القمر،
فقالوا: نعم قد رأيناه،
ولكن قريشاً مع ذلك أصروا
على كفرهم واتبعوا أهواءهم.
وكأن انشقاق القمر كان تمهيداً
لما هو أكبر وأهم حدثاً من ذلك،
وهو الإسراء والمعراج،
فإن رؤية القمر هكذا منشقاً
بعين اليقين تسهل على الذهن قبول
إمكان الإسراء والمعراج.
قال تعالى:
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ *
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ *
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ *
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ)
[القمر 1-5]
صدق الله العظيم.
وجاء في صحيح البخاري وجامع الترمذي
عن أنس بن مالك قال:
سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم
أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر .
وفي رواية الترمذي عن ابن مسعود قال:
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمنى فانشق القمر .
وكان ذلك في موسم الحج،
وفي سيرة الحلبي:
كان ذلك ليلة أربع عشرة،
أي في أواخر ليالي منى ليلة النفر
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتـور علـى حسـن