قول الله تعالى ذكره: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 58، 59].
يقول الله تبارك اسمه: يا بني إسرائيل، اذكروا كذكر ما أنعمت عليكم من إخراجكم من أرض التيه، وتهيئة أسباب دخول قرية أريحا أو بيت المقدس، أو قرية عظيمة من القرى التي ييسر الله لكم التمكن فيها وامتلاكها؛ لتنعموا بالعيش الهنيء الواسع الطيب، بما جعله الله تعالى من الخصائص في أرضها وبساتينها الخصبة الواسعة الكثيرة الزروع والفواكه والثمار، ثم اشكروني على ما أنعمت عليكم من ذلك، واعرفوا فضلي في هذه النعم، فلا تبطركم النعمة، ولا تطغيكم، فتتكبروا على العباد ورب العباد كغيركم من الجبارين الذين أطْغَتْهم النعمة، فاستكبروا وكانوا من الظالمين، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، كما رأيتم صنعه سبحانه في فرعون وشيعته، بل إن الجدير بكم يا بني إسرائيل أن تتذللوا لله وحده في كل أحوالكم من مدخلكم ومخرجكم، وقيامكم وقعودكم، ذاكرين أبدًا أن طهوركم تنوء بحمل أثقال التقصير عن أداء حق الشكر، وترزح تحت أحمال الذنوب والظلم لأنفسكم، لو لم يتدارككم الله بمغفرته ورحمته، لتكونن من الخاسرين.
فاطلبوا من الله أن يحطَّ عنكم هذه الأثقال، ويريح ظهوركم من هذه الأحمال، ويغفر لكم خطاياكم؛ لتكونوا من المحسنين المستحقين زيادة النعمة، وحفظها عليهم في الدنيا والآخرة، فأبيتم يا بني إسرائيل إلا الرجوع إلى دأبكم، وغلبت عليكم طباعكم، وما ألفتم من التمرد والعصيان، فبدل الذين ظلموا أنفسهم وحملوها من غضب الله ما لا تطبيقه ولا تقدر على حمله، وقالوا قولاً ابتدعوه بأهوائهم وزيَّنه لهم شيطانهم، وأوحى إليهم أن يقولوا بألسنتهم كلامًا وألفاظًا محرفة مبدلة، قيل: إنها "حبة في شعيرة"، أو ما أشبه ذلك، وتركوا العمل بما أمر الله من الخشوع له والذلة، فاستكبروا في الأرض وبغوا، ونسوا نعمة الله وفضله، وملأهم الشيطان بالغرور، فاعتمدوا على أنفسهم، وظنوا أن ما عندهم من نعمة هو من عند أنفسهم، ومما جلبوه بقوتهم ومهارتهم، وطول أيديهم، وأوغلوا في المعاصي والذنوب، وأترفوا وفسقوا كثيرًا، فأرسل الله عليهم رجزًا من السماء، وعذبهم بألوان من العذاب من الأمراض الخبيثة التي تلحق الزناة، فتنكد عليهم عيشهم، وتنغص حياتهم، وبأنواع أخرى من الطواعين الفتاكة والأمراض الماحقة التي تناسب أنواع إجرامهم، وتارة بتسليط أمم أخرى عليهم، تغزوهم فتنتصر عليهم، وتجوس خلال ديارهم، وتأتي عليهم قتلًا وسبيًا، وعلى ديارهم تخريبًا وهدمًا وإحراقًا، ذلك جزاء كل فاسق وخارج عن أمر الله.
وقد ذكر الله تعالى هذه الواقعة في قصص موسى وبني إسرائيل من سورة الأعراف، فقال: ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 161، 162].
فقوله تعالى هنا: "اسكنوا" يدل على أن المراد من الدخول في آية البقرة دخول الاستقرار والسكنى، و"القرية" المدينة التي يكثر فيها اجتماع الناس، مأخوذ من قريت الماء؛ أي: جمعته، واللام فيها للعهد؛ أي: القرية المعهودة لكم التي سبق أن أمركم الله بدخولها على لسان موسى: ﴿ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُم ﴾ [المائدة: 21].
فجبنتم وخفتم ممن كان فيها من الجبارين، فعاقبكم الله بأن حرمها عليكم أربعين سنة تتيهون في الأرض، وقد ذكر الله هذا في الآيات (20-26) من سورة المائدة، فإذا مكَّنكم الله من أهلها ونصركم عليها وغلبتموهم، فتواضعوا لله، وادخلوا أبوابها خاشعين، والسجود: الخضوع والذلة، ووضع الجبهة على الأرض آية عليه، وذلك غير ممكن حين الدخول على صورته الظاهرة، فلا يكون أتى بمعنى الخضوع القلبي آية على التوبة من المخالفة الأولى حين أمرهم موسى بدخولها.
و"حطة" مرفوع في قراءة الجمهور على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره حاجتنا حطة، قال أستاذنا السيد رشيد رضا رحمه الله ورضي الله عنه: قالوا: رُفِعت "حطة" مع كونها في موضع النصب بمعنى: حط عنا خطايانا حطة، للدلالة على معنى الثبات والاستقرار، والتقدير: حاجتنا حطة، وهو أحسن من تقدير: مسألتنا حطة، كما قدروا؛ أي: حاجتنا أن تحط عنا ذنوبنا حطًّا خاصًّا أو تامًّا، فإن كلمة حطة - بكسر الحاء - تدل على هيئة الحط ونوعه؛ ا.هـ.
وقال الراغب: معناه حط عنا ذنوبنا، وقيل معناه: قولوا صوابًا؛ ا .هـ.
وقال ابن جرير: "حطة" فعلة من قول القائل: حط الله عنك خطاياك، فهو يحطها حطة، ثم قال: وأشبه بظاهر الكتاب أن يكون رفع "حطة" بنية خبر محذوف قد دل عليه ظاهر التلاوة، وهو: دخولنا الباب سُجدًا؛ كما قال جل ثناؤه: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف: 164].
يعني موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم، فكذلك عندي تأويل قوله: ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾؛ يعني بذلك: وإذ قلنا: ادخلوا هذه القرية، وادخلوا الباب سجدًا، وقولوا: دخولنا ذلك سُجدًا حطة لذنوبنا؛ ا .هـ.
وقال القرطبي: قال الأخفش: وقرئت "حطة" بالنصب، على معنى: احطط عنا ذنوبنا حطة اهـ. يعني نحو قولك: اللهم غفرًا، من وضع المصدر موضع الفعل، وشأن العرب إذا وضعوا المصدر موضع الفعل وحذفوا الفعل - أن ينصبوا المصدر؛ كقول الرجل: سمعًا وطاعةً، وكقول الله تعالى: ﴿ مَعَاذَ اللَّه ﴾ [يوسف: 23].
والتبديل: جعل الشيء مكان شيء، يعني أنهم فعلوا أمرًا خلاف الذي قيل لهم: افعلوه، وجاؤوا بقول مكان القول الأول الذي قيل لهم؛ قال الإمام السيد رشيد رضا رضي الله عنه: وهذا التعبير أدل على المخالفة والعصيان من كل تعبير آخر، فإن العبد الذي يخالف أمر سيده، قد يخالفه على سبيل التأويل مع الاعتراف به، فكأنه يقول في الآية: إنهم خالفوا الأمر خلافًا لا يقبل التأويل، حتى كأنهم قيل لهم غير الذي قيل، وليس المعنى أنهم أمروا بحركة يأتونها أو كلمة يقولونها، وتعبدوا بذلك، وجعل لهم ذلك سببًا لغفران الخطايا عنهم، فقالوا غيره وخالفوا الأمر، وكانوا من الفاسقين، وأي شيء أسهل على المكلف من الكلام يحرِّك به لسانه؟
وقد اخترع أهل الأديان من ذلك ما لم يكلِّفوا قوله لسهولة القول على ألسنتهم، فكيف يقال: أمر هؤلاء بكلمة يقولونها، فعصوا بتركها؟ إنما يعصي العاصي إذا كلف ما يثقل على نفسه، ويحملها على غيره ما اعتادت، وأشق التكاليف: حملهم العقول على أن تفكر في غير ما عرفت، وحث النفوس على أن تتكيف بغير ما تكيف؛ ا .هـ.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية - بعد أن ذكر حديث رواه الإمام أحمد في المسند على شرط البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون، ليالي سار إلى بيت المقدس - والمقصود أن يوشع لما دخل بهم باب المدينة، أروا أن يدخلوا سجدًا؛ أي: رُكعًا متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما منَّ به عليهم من الفتح العظيم الذي كان الله وعدهم إياه، وأن يقولوا حال دخولهم: «حطة»؛ أي: حط عنا خطايانا التي سلفت من نكولنا الذي تقدَّم منا، وهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم فتحها، دخلها وهو راكب ناقته، وهو متواضع حامد شاكر، حتى إن عثنونه - وهو طرف لحيته - ليمس مورك رجله مما يطاطئ رأسه خضعانًا لله عز وجل، ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منهم إلا الحدق - لما عليهم من سوابغ الدروع وأمة الحرب - ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لما دخلها اغتسل وصلى ثمان ركعات، وهي صلاة الشكر على النصر.
وأما بنو إسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به فعلًا وقولًا، ودخلوا يزحفون على أستاههم، يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة، وحاصلة أنهم بدلوا ما أمروا به استهزاءً به؛ كما قال تعالى حاكيًا عنهم في سورة الأعراف وهي مكية: ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 161، 162]، وقال في سورة البقرة وهي مدنية مخاطبًا لهم: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 58، 59]، ثم ساق من البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا، وقولوا: حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا وقالوا حطة، حبة في شعرة))، ورواه البخاري ومسلم والترمذي من حديث عبدالرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة وقال الترمذي: حسن صحيح، ثم قال: وقد ذكر الله تعالى أنه عاقبهم على هذه المخالفة بإرسال الرجز الذي أنزله عليهم وهو الطاعون؛ كما ثبت في الصحيحين عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم))؛ ا .هـ.
وقد رواه مسلم بألفاظ أخرى منها: ((الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل - أو على من كان قبلكم - فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارًا منه)).
وقال الراغب: "الرجز أصله الاضطراب، ومنه قيل: أرجز البعير رجزًا فهو أرجز، وناقة رجزاء، إذا تقارب خطوها واضطرب لضَعفٍ فيها"؛ ا .هـ.
وقال في الأساس: ارتجز الرعد إذا تدارك صوته كارتجاز الزاجر؛ ا .هـ.
فعلى هذا يكون معنى «الرجز» العذاب الذي تضطرب معه النفس اضطرابًا شديدًا متلاحقًا متتابعًا.
قال أستاذنا السيد رشيد رضا رضي الله عنه: وهو يكون في النفس كما يكون في الأجسام، ومنه قوله تعالى في وصف الماء الذي أنزله على المسلمين في بدر: ﴿ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ﴾ [الأنفال: 11]؛ أي: وسوسته لهم بأن يخذهم العطش، فلا يستطيعوا الصبر على القتال، وقيل غير ذلك، وقد يكون في الصوت، ومنه الرجز في الشعر سُمِّي بما كان له من اضطراب الصوت في إنشاده، وقد سمى الله عذاب قوم لوط رجزًا؛ قال تعالى في سورة العنكبوت: ﴿ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [العنكبوت: 34]، وقال في سورة سبأ: ﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴾ [سبأ: 5]، وقال في سورة الجاثية: ﴿ هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴾ [الجاثية: 11]، ثم ذكر حديث أسامة بن زيد: ((الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل))، وساق ألفاظه ورواته، ثم قال: ووجهه في اللغة أن الطاعون من الأوبئة التي تضطرب لها القلوب لشدة فتْكها؛ ا .هـ.
وقد أنزل الله ببني إسرائيل الطاعون مرارًا، وأرسل عليهم أنواعًا أخرى من العذاب غير الطاعون، منها أنه سلط عليهم الفرس جاسوا خلال ديارهم، وتبَّروا فيها تتبيرًا، وأعاد ذلك عليهم بما كانوا يفسقون عن أمر ربهم، ويتركون من شرائعهم، ويتبعون أهواءهم في المعاصي والفسوق؛ كما ذكر ذلك في أول سورة بني إسرائيل الآيات (4-8)، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن هذه سننه في كل أمة: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]، وأنه لا يرفع عنهم هذه العقوبات إلا إذا أقلعوا عن المعاصي وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر: ﴿ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
فليعتبر الناس بذلك، وليتوبوا مما أوغلوا فيه من أنواع الشرك والوثنية بالقبور وتعظيمها، والالتجاء إلى المقبورين وعبادتهم بما لا ينبغي إلا لله الحي القيوم، وليقلعوا عن الاستهتار والتهتك في ارتكاب الزنا، وشرب الخمور واستباحة الربا، والتحاكم إلى الطواغيت من قوانين الفرنجة، مع كرههم واحتقارهم لما أنزل الله من الكتاب والحكمة والهدى والرحمة، فإنهم إن لم يفعلوا ذلك - ويفروا على الله - فإني نذير لهم بين يدي عذاب شديد، قد بدرت بوادره، ولاحت قوادمه، ودلت أوائله على أواخره، ونسأل الله العافية: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147]