عظمة قصص القرآن
الحمد لله... اشتمل القصص في القرآن العظيم على حيِّز كبير بلغ ثلث القرآن، فعشرة أجزاء من القرآن موضوعها "القصص"، وهذا القصص القرآني منهج ربَّاني مبارك، ويُعَدُّ خلاصة لتجارب الأمم السَّابقة - على مرِّ التاريخ - تظهر من خلالها سنن الله تعالى في الأمم، ومدى تحقق هذه السُّنن في كلِّ مرة تتوفر فيها أسبابُها وشروطُها؛ في أيِّ عصر من العصور، أو أُمَّة من الأمم.
عباد الله.. ومن أبرز مظاهر العظمة في قصص القرآن:
1- ربَّانية مصدره: بمعنى: أنه يثبت له كلُّ ما يثبت للقرآن من مزايا[1]؛ فهو كلام الله تعالى، واللهُ سبحانه يقول: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾ [آل عمران: 62]، وقال - عن القصص القرآني: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ﴾ [آل عمران: 44]، وقال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111].
2- صدقه ومطابقته للواقع: عاشه أصحابه كما وُصِفَ تماماً في القرآن، دون أن يكون للخيال أو الوهم أو المبالغة مدخل فيه أبداً؛ كما هو الحال في القصص البشري، الذي يكون من نسيج خيال القصاص[2].
3- لا يُقصد به بيانُ التاريخ بذاته: وإنما له مقاصد متنوعة تُلتمس فيها العبرة والعظة[3]؛ مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
أيها الإخوة الفضلاء.. والقصص القرآني له مقاصد عظيمة، منها:
1- إثبات الوحدانية لله تعالى، والأمر بعبادته:وهذا هو أعظم مقاصد القصص القرآني؛ الذي جاء ليُبرز حقيقة التوحيد، ويُبطل الشرك والوثنية، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وكلُّ نبي قال لقومه: ﴿ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [المؤمنون: 23]. هذه الآية الكريمة تكررت تسع مرات في سياق القصص المبثوث في القرآن العظيم.
2- إثبات الوحي والرسالة:القصص القرآني فيه دلالة واضحة على صدق نبوَّة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه كان أمِّيّاً وما طالع كتاباً ولا تتلمذ على أستاذ، ولا يوجد في هذا القصص تناقض أو اختلاف، فقد دلَّ ذلك أنَّه وحي من عند الله تعالى ويدلُّ كذلك على صحَّة نبوَّته صلّى الله عليه وسلّم[4]. قال الله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|