ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم
نَّ المَعَاصِيَ وَالذُّنُوبَ إِذَا تَوَالَت عَلَى القُلُوبِ، رَانَت عَلَيهَا وَغَطَّتهَا، وَحَجَبَتهَا عَنِ اللهِ وَحَالَت بَينَهَا وَبَينَ تَدَبُّرِ كَلامِهِ وَكَلامِ رَسُولِهِ، وَلا يَظُنَّنَّ ظَانٌّ أَنَّ مَعصِيَةً يَقتَرِفُهَا مُتَسَاهِلاً بِهَا تَمُرُّ دُونَ تَأثِيرٍ في قَلبِهِ؛ فَنَظرَةٌ إِلى مُحَرَّمٍ وَسَمَاعِ آخَرَ، وَغِيبَةٌ مَعَ نَمِيمَةٍ إِلى جَنبِ استِهزَاءٍ وَكَذِبٍ، وَأَذِيَّةُ مُؤمِنٍ مَعَ جُحُودِ حَقٍّ وَشَهَادَةٍ زُورٍ، وَظُلمٌ مَعَ تَكَبُّرٍ وَطُغيَانٍ وَفُجُورٍ في خُصُومَةٍ، تَجتَمِعُ عَلَى الإِنسَانِ مَعَ تَركِ الصَّلَوَاتِ وَهَجرِ الجَمَاعَاتِ، وَضَعفِ الخَشيَةِ وَتَكَرُّرِ ذُنُوبِ الخَلَوَاتِ، وَغَفلَةِ القُلُوبِ مَعَ التَّقصِيرِ في النَّوَافِلِ، حَتى يَضعُفَ الإِيمَانُ وَيَخلَقُ، وَقَد يَعلُو الرَّانُ عَلَى القَلبِ فَيَهلِكُ العَبدَ وَيُوبَقُ، وَفي الحَدِيثِ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ المُؤمِنَ إِذَا أَذنَبَ ذَنبًا كَانَت نُكتَةٌ سَودَاءُ في قَلبِهِ، فَإِن تَابَ وَنَزَعَ وَاستَغفَرَ صُقِلَ مِنهَا، وَإِن زَادَ زَادَت حَتَّى يُغَلَّفَ بِهَا قَلبُهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ في كِتَابِهِ" كَلاَّ بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكسِبُونَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِيَّاكُم وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَومٍ نَزَلُوا بَطنَ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى جَمَلُوا مَا أَنضَجُوا بِهِ خُبزَهُم، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتى يُؤخَذْ بها صَاحِبُهَا تُهلِكْهُ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحرِصْ عَلَى حِمَايَةِ إِيمَانِنَا وَلْنَعمَلْ عَلَى تَجدِيدِهِ في قُلُوبِنَا، وَلْيَكثُرْ دُعَاؤُنَا بِالثَّبَاتِ عَلَيه حَتَّى نَلقَى رَبَّنَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخلَقُ في جَوفِ أَحَدِكُم كَمَا يَخلَقُ الثَّوبُ، فَاسأَلُوا اللهَ أَن يُجَدِّدَ الإِيمَانَ في قُلُوبِكُم" رَوَاهُ الحَاكِمُ وَالطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُكثِرُ أَن يَقُولَ: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلبي عَلَى دِينِكَ" فَقُلتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئتَ بِهِ، فَهَل تَخَافُ عَلَينَا ؟ قَالَ: "نَعَم، إِنَّ القُلُوبَ بَينَ أُصبُعَينِ مِن أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيفَ يَشَاءُ" رَوَاهُ التِّرمِذِيّ وَابن مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|