كن مباركاً أينما كنت
بسم الله الرحمن الرحيم
إن قيامك -أيها الداعية- بدور ولو يسير، ومساهمتك بشيء ولو قليل، في الدعوة إلى الله، ونشر الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر= لَدليلٌ على صدق إيمانك، والجدية في التزامك، ومظهر من مظاهر استقامتك، وبرهان على احتسابك وثباتك، وإثبات لصدق ولائك لربك، واتّباعك لنبيك ﷺ، وانتمائك لدينك، وعلامة لفوزك وفلاحك، وإصلاحك وصلاحك، وتفوقك ونجاحك.
قال عز وجل: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾
حوّل عواطفك الجيّاشة، إلى أعمال فاضلة مثمرة، واجعل انتسابك إلى الإسلام مواقفَ خالدة، ولا تكن كَلًّا على مولاك؛ أينما يوجّهْك لا تأتِ بخير، وبرهن على صحة إيمانك بصلاح أعمالك؛ شكراً لله على نعمة الهداية والاستقامة، وجزاءً لما تفضل به عليك من العلم والإيمان.
كن مباركاً أينما كنت ...
فأنت أيها المسلم الملتزم بشرع الله تعالى، ثروة هائلة؛ لكنها مهدرة، وعملة نادرة؛ لكنها مهملة، وكنز عظيم؛ لكنه مدفون، وجهاز عجيب؛ لكنه معطَّل!
مواهب مقتولة، وطاقات مكبوتة، فهل عرفتَ قيمة نفسك؟ واستفدت من قدراتك؟
دواؤكَ فيك وما تشعرُ *** ودائك منك وما تُبصرُ
وتحسب أنك جِرْمٌ صغيرٌ *** وفيكَ انطوى العالَمُ الأكبرُ
فكن مباركاً أين ماكنت ...
فمَن للبشرية ينتشلها من المستنقعات الآسنة، والجاهلية المعاصرة=إلا أهل الإسلام، وحملة الرسالة، ودعاة الحق.
نعم .. فهم وحدهم المسئولون أمام الله عن هذا الدين. فلن ينزل الله إلينا ملَكاً من السماء، ولن يرسل إلينا رسولاً في الأرض! فإنْ تخلّينا عن هذه المسؤولية، وفرّطنا في تلك الأمانة، ولم نؤدِّ ما يجب علينا تجاه ديننا = فلننتظر العقوبة العاجلة!
فقد تكون العقوبة الحرمان -والعياذ بالله- من نعمة الهداية؛ لأننا لم نرعها حقَّ رعايتها، ولم نشكر الله عليها.
وكم سمعنا بمستقيمين انحرفوا، وصالحين فسدوا، ومهتدين ضلوا وانتكسوا؛ وما ذلك إلّا لأنهم لم يأخذوا الكتاب بقوة، فتولوا عن طريق الهداية بسبب ذنوبهم. قال تعالى: ﴿فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم﴾
بل أشد من ذلك، نخشى أن يحلّ بالمجتمعات البلاء العام، حين تنتشر المنكرات في المجتمع المسلم، فيألفها الناس وتصبح بينهم معروفاً، وينتشر الشر ويعم، ويقلّ الخير ويكاد يندثر. فإن العلاقة بين الخير والشر تناسب عكسي.
فضعف المؤمنين عن إظهار الدين والسنة، يقابله مجاهر الفساق بالمعاصي والمنكرات.
والله يقول محذراً المتخاذلين عن نصرة الدين: ﴿وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة﴾
ويقول جل شأنه: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة﴾
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|