عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي - أو: على النَّاس - لأَمَرْتُهم بالسِّواكِ مع كلِّ صلاة)) رواه البخاري ومسلم [1].
قال ابن حجر: (( وفيه: ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليه من الشَّفَقَةِ على أُمَّته )) [2].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( والذي نفسُ محمَّد في يده، لولا أن أشُقَّ على المؤمنين ما قعَدْتُ خلف سَرِيَّةٍ تَغْزُو في سبيل الله، ولكن لا أَجِدُ سَعَةً أَحْمِلَهم، ولا يجدون سَعَةً فيتَّبعوني، ولا تَطِيبُ أنفسُهم أن يقعُدوا بعدي )) أخرجه مسلم [3].
قال النووي: (( فيه: ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشَّفَقة على المسلمين والرَّأْفةِ بهم، وأنه كان يترك بعضَ ما يختاره للرِّفْق بالمسلمين، وأنه إذا تعارضَتْ المصالح بدأ بأهمِّها، وفيه: مراعاة الرِّفق بالمسلمين، والسَّعْيُ في زوال المكروه والمشَقَّةِ عنهم )) [4].
رفقه صلى الله عليه وسلم بأصحابه في اختيار أوقات النشاط لتعليمهم وتذكيرهم:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنا بالموعظة في الأيام، كراهةَ السَّآمَةِ علينا. رواه البخاري ومسلم [5].
قال ابن حجر: (( فيه: رِفْقُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وحسنُ التَّوصُّلِ إلى تعليمِهم وتفهيمِهم؛ ليأخذوا عنه بنشاط، لا عن ضجَرٍ ولا ملَلٍ، ويُقْتَدى به في ذلك؛ فإنَّ التَّعليمَ بالتَّدريج أخفُّ مُؤْنةً وأدْعَى إلى الثبات مِن أخذه بالكَدِّ والمُغالبة )) [6].
منعه صلى الله عليه وسلم من الأمر رِفْقاً بالناس:
عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم، وقد وَهنَهُم حُمَّى يَثْرِبَ. فأمرَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَرْمُلوا الأشواطَ الثَّلاثةَ، وأن يَمْشُوا ما بين الرُّكْنَين، ولم يمنَعْه أن يأمرَهم أن يَرْمُلوا الأشواطَ كلَّها إلا الإِبْقَاءُ عليهم. أخرجه البخاري ومسلم [7].
قال ابن حجر: (( قوله (إلا الإِبْقاءُ عليهم) أي: الرِّفْقُ بهم والإشفاقُ عليهم، والمعنى: لم يمنعه من أمرهم بالرَّمَل في جميع الطَّوْفات إلا الرِّفْقُ بهم )) [8].
........
[1] البخاري: كتاب الجمعة - باب السواك يوم الجمعة (887)، ومسلم: كتاب الطهارة - باب السواك 1: 220 حديث 42 (252).
[2] (( فتح الباري )) 2: 437.
[3] مسلم: كتاب الإمارة - باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله 3: 1497 حديث 106 (1876).
[4] (( شرح صحيح مسلم )) 13: 22.
[5] البخاري: كتاب العلم - باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوّلهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا (68)، ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - باب الاقتصاد في الموعظة 4: 2172 حديث 82 (2821).
[6] (( فتح الباري )) 11: 232 عند شرح حديث (6411).
[7] البخاري: كتاب الحج - باب كيف كان بدء الرّمَل (1602)، ومسلم: كتاب الحج - باب استحباب الرّمَل في الطواف... 2: 923 حديث 240 (1266).
[8] (( فتح الباري )) 7: 582 عند شرح حديث (4256)، ونحوه عند النووي في (( شرح صحيح مسلم )) 9: 13